قانون الستين وتفاوض جنبلاطي عوني ـ أوكرانيا وسورية والفوارق ـ عودة معارضين سوريين

ناصر قنديل

– قانون الستين للانتخابات النيابية عاد إلى الواجهة مع تصريح العماد ميشال عون عن قبوله إجراء الانتخابات على أساسه، في موقف بدا كسياق لمعارضة التمديد للمجلس النيابي مرة أخرى، وواكبه كلام لأكثر من طرف من قوى الرابع عشر من آذار، خصوصاً من زعيم كتلة الوسط ووزرائه ونوابه وليد جنبلاط، حول استحالة إجراء الانتخابات النيابية إلا على أساس قانون الستين، والتدقيق في الواقع اللبناني وما يحكم متغيّراته على المستوى الإقليمي والدولي يفضي إلى الاستنتاج أنّ الكلام يدور عن انتخابات غير تلك التي يفترض إجراءها في تشرين المقبل مع نهاية مدة التمديد للمجلس، الذي يبدو التمديد الثاني له شبه حتمي، وبالتالي يصير التداول بقانون الانتخابات نوعاً من الرسائل السياسية المتبادلة بروزنامة تتصل بالاستحقاق الرئاسي، والمعلوم أنّ الجهة الوحيدة التي لا تملك بديلاً يريحها كما يريحها قانون الستين هي الكتلة التي يقودها جنبلاط، طالما أنّ تيار المستقبل قادر على تقبّل قانون اعتماد المحافظات الخمس أو السبع وفقاً للنظام الأكثري، سواء بمنافسة مفتوحة أو بمقايضات ضمنية، فهل إعلان العماد عون عن قبول قانون الستين نوع من الثمرات التي يتوقعها جنبلاط للتفاهم مع عون رئاسياً، وردّه المباشر وغير المباشر على عون هو مواصلة للتفاوض؟

– خلال ثلاثة شهور فقط من الإطاحة برئيس أوكرانيا وتسلّم المعارضة لمقاليد الحكم وتبلور حكم جديد، كانت أقاليم أوكرانية معارضة للحكم الجديد قادرة على تنظيم استفتاء يشارك فيه أكثر من 90 في المئة من الناخبين المسجلين في هذه الأقاليم، وتكون النتيجة بـ«لا» للحكومة التي تدير البلاد، وبالمقابل خلال ثلاث سنوات وعلى رغم الدعم اللامحدود عربياً ودولياً لم تتجرّأ المعارضة السورية على فعل الشيء نفسه، وجاءت الانتخابات الرئاسية السورية وحجم المشاركة المدهشة التي حملتها في مناطق النزاع، من الحسكة إلى دير الزور وإدلب وحلب ودرعا، لتقول إن تحوّلاً خطيراً في الاتجاه العام للشعب السوري يجعل المعارضة موزّعة بين واجهات سياسية لا جذور شعبية لها، وبين مجموعات مسلحة منظمة على أساس ديني كانت تحوز تعاطفاً في بدايات الأزمة، ولما نالت فرصتها في الحكم الواقعي على مناطق محددة من سورية واختبرتها الناس، نالت الحكم الذي لا رجعة عنه لدى السوريين، وهو أن هذه الجماعات لا تشبه السوريين في شيء، ولا الإسلام الذي يتبعونه ويريدونه جزءاً من حياتهم، وهذا يعني أنّ العودة إلى فكرة الدولة في سورية تعبير أصيل عن اختمار تجارب وتراكم معارف، وكلّ هذا سيعني أن ليس بيد مناصري المعارضة والمراهنين عليها في سورية شيء يفعلونه لتكون قادرة على الصمود عسكرياً، بعدما فقدت حاضنتها الشعبية، بينما لا يزال بيد روسيا الكثير لتفعله لتثبت لا شرعية النظام الجديد في أوكرانيا، وعجزه عن تأمين السيطرة على المناطق الأوكرانية، وبعد أن تختبر هذه الفرص ونتائجها سيكون واضحاً أنّ المقايضة بين اعتراف روسي بالرئيس الأوكراني واعتراف غربي بالرئيس السوري لا مكان لها في الحسابات السياسية الواقعية.

– المسؤوليات التي ألقاها الإجماع الشعبي على الرئيس السوري تتعدّى مواجهة البعد الخارجي من الحرب والجانب العسكري منه، فعلى المستوى السياسي الداخلي ينتظر السوريون مبادرات المصالحة التي تتخطى المصالحات الموضعية في المناطق، وفتح الباب للعمل السياسي أمام المعارضين الذين قد يشبه البعض منهم شعبهم، في إدراك الحقائق بعد التجربة المرة التي عاشتها سورية، خصوصاً من لم يبيعوا ضميرهم الوطني للخليجي والأجنبي، والمعلومات المتداولة تتحدّث عن اتصالات تجرى مع عدد من هؤلاء للعودة إلى سورية، وبدء نشاط سياسي وتأسيس أحزاب والاستعداد لجولات الحوار الوطني المزمع أن تبدأ في دمشق، وأن تكون شاملة كلّ من قرّر أن يكون تحت سقف الوطن مهما كان رأيه السياسي، وبالتالي التهيّؤ للانتخابات النيابية التي ستشكل مدخلاً لتكريس التجربة التعددية الديمقراطية التي بدأت بالانتخابات الرئاسية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى