كيري جاء ليؤكد أن لا حل في سورية إلا بالحوار … وواشنطن تفقد وزنها تدريجاً الأميركي ليس لديه فيتو على عون… والمستقبل لن يصوت له
تمحورت البرامج السياسية على القنوات الفضائية أمس، حول تنامي تأثيرات ما يسمى «الربيع العربي» في الشرق الأوسط، اذ تدل الأحداث على أن هذا «الربيع العربي» ذو الصبغة الأميركية «الصهيونية» قد فقد قدرته على تحقيق مصالح صانعيه، فما جرى في مصر حتى الآن أشار إلى أن الشعب المصري لا يريد حكم الإخوان الذين جاءت بهم أميركا، وما جرى في سورية وفوز الرئيس بشار الأسد الساحق أثبت أن محور المقاومة هو الأصلح، لقد انتزع قناع «الربيع العربي» الذي زعم تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية للشعوب العربية بحجة أن الأنظمة الحاكمة لا تمثل الشعب وتعبر عن ديكتاتورية القيادة، لكن الحقيقة أن ما قام به «الربيع العربي» في الشرق الأوسط هو التدمير وهدم البنى الأساسية للشعوب.
في سياق منفصل، كانت زيارة وزير الخارجية الأميركي السريعة مفاجأة للجميع، حيث اقتصرت زيارته على لقاء رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والبطريرك بشارة الراعي، في حين أراد أن يؤكد من خلالها أن أميركا داعمة للبنان وتريد التوافق على رئيس للجمهورية وإيجاد حل لملف الانتخابات الرئاسية. وفي غضون ذلك، جاءت التطورات السورية لتكبح المصالح الأميركية «الإسرائيلية» من خلال الفوز الساحق للرئيس الأسد الذي ثبت شرعية النظام أمام العالم.
في ما يتعلق بملف رئيس الجمهورية، تحاول الولايات المتحدة الاتصال مع العديد من الأفرقاء على الساحة السياسية اللبنانية، لكن الانقسام العمودي الحاد في لبنان اليوم لا يتيح للدولة أن تسير في مرشح لأنه سيُرفض من قبل الفريق الآخر، فالرئيس القوي يجب أن يكون رئيساً توافقياً ويحوز على رضا اللبنانيين، وما يهم الولايات المتحدة في هذا الموضوع هو ضمان الحدود مع الكيان «الإسرائيلي» والعمل على نزع سلاح المقاومة، في حين جاءت زيارة كيري خلال الفراغ الرئاسي لمحاولة تثبيت خطى السياسة الأميركية، فهذه الزيارة تدخل في سياسة أوباما في الشرق الأوسط الذي يطالب فيها بالاستقرار في المنطقة، والتي تدعي أن أميركا مهتمة في الشأن اللبناني. أما المفاوضات بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل فقد قطعت مسافات كبيرة، وجرى بناء ثقة بين الطرفين ونتج منها تشكيل الحكومة، لكن المستقبل لن يصوت للجنرال ميشال عون لكي لا يخسر حلفاءه في المرحلة المقبلة، بالتالي فإن الأصوات لعون لن تأتي من تيار المستقبل، إلى ذلك فإن الجنرال عون لن يقبل أن يدعم أي مرشح من فريق 14 آذار أو أي مرشح تسوية، وفرص عون كبيرة للفوز بمنصب الرئاسة لأنه يتمتع بشخصية محببة ولديه القدرة على الاستمرار.
إلى ذلك، تشهد سورية اليوم فترة ما بعد الانتخابات وتحصد ثمار صمودها وتحملها طيلة ثلاث سنوات، وبعد ما عاناه الشعب السوري من المخطط الأميركي الغربي الذي حاول هدم البنى الأساسية للدولة. لكن القيادة السورية أثبتت قدرة رئيسها على أن الحل بيده وقادر على إيصال سورية إلى برّ الأمان، في حين أعادت شفافية الانتخابات شرعية الأسد على رغم محاولات البعض للطعن بديمقراطيتها، فاليوم تعود القرارات للشعب السوري الذي أراد أن يعبر عن إرادته بحرية من دون أي تدخل خارجي وهذا ما دفع الغرب لعدم تقبل الواقع؟