السعودية: اللبيب من الإشارة يفهم!
لا يختلف اثنان على أنّ شيئاً جديداً بدأ يلوح في أفق السياسية السعودية منذ زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان إلى روسيا، وأنّ هناك متغيّرات تطبخ على نار تبيّن اليوم أنها حامية جداً، وتستعدّ في أيّ لحظة للإعلان عن تموضعات جديدة أهمّها ما يخصّ الحلّ السياسي في سورية، وهو اليوم حديث الأروقة السياسية والديبلوماسية بشكل مغاير لكلّ المحاولات السابقة والسبب «سعودي».
من البوابة الروسية يعلن السعوديون القناعة أولاً والاستعداد ثانياً لمدّ اليد في حلّ الأزمة السوريةـ والتوصل فيها لحلول جدية، فالقناعة اليوم انبثقت بعدما تأكد للرياض سقوط سبل تحقيق أهدافها في الأرض السورية وفقد الأمل من تغيير الحكم بعد خمس سنوات من الأزمة، وبث كلّ ما من شأنه تأزيم الأوضاع وإسقاط نظامها عسكرياً وسياسياً.
وقد جاءت هذه القناعة بعد يقين سعودي بأنّ متغيّرات كبرى تطرأ على نظامها الحاكم هي الأخرى التي باتت تحتسب اهتزازه يوماً بيوم بعد وفاة الملك عبدالله، ومن ثمّ الحرب التي بدأتها في اليمن من دون ان ترى سبيلاً لوقفها، فهي اليوم بعد خمسة أشهر تقريباً دولة إقليمية كبرى غير قادرة على وقف حرب شنتها على فئة من أهل اليمن طالبت بحقوقها في المشاركة بالسلطة، تعرف السعودية انّ حاجتها للدول الوسيطة أكبر من حاجة الدول اليها اليوم من أجل إيقاف هذه الحرب بصورة تحفظ مكانتها التي أصبح مشكوكاً فيها في جوارها.
اما الأهمّ فهي القناعة التي أرساها التحوّل الأكبر على صعيد العلاقة الإيرانية مع الدول الغربية، وخصوصاً اميركا بعد توقيع الاتفاق مع طهران، وهي ترى التوجه الاميركي شبه الواضح نحو التطبيع السياسي مع إيران لفتح آفاق حلول معها تحدّث عنها الرئيس أوباما جراء حلّ الملف النووي، وابرز هذه الملفات سورية، وما على السعوديين في هذه الحال سوى أن يطرحوا على أنفسهم السؤال التالي: «إذا كان الأميركيون وحلفاؤهم يتوجهون نحو إيران فكيف يمكن ان نختار عزلة غير محسوبة النتائج فيما الأزمات تتفاقم والإرهاب يتربص»؟.
التوجه الاميركي نحو إيران من اجل الحلّ في سورية قابله توجه سعودي نحو موسكو من أجل حلّ في سورية ايضاً بغضّ النظر عن إعلان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في موسكو ما ردّده لافروف عن موقف الرياض الثابت تجاه الأسد، إلا أنّ كلّ هذا لا يخفي فكرة التقرّب من روسيا من أجل النزول من أعلى الجبل تدريجياً، وكأن اعلان لافروف ثبات الموقف السعودي بلسانه يمثل تبنياً روسياً لتسهيل الأمور رغم صعوبتها التي تكفلت روسيا بتذليلها بقرار سعودي واضح.
الحلّ السياسي في سورية يطبخ على نار حامية، وإذا كانت السعودية تعلن ثبات موقفها تجاه الأسد، فإنّ السعودية أيضاً تعرف موقف روسيا من الرئيس الأسد أيضاً، واللبيب من الإشارة يفهم!
«توب نيوز»