«النصرة» تنتصر لأصولها القاعدية وتفضح الدور التركي…

سعد الله الخليل

من موسكو وصلت رسالة وزير خارجية آل سعود عادل الجبير إلى الفصائل المسلحة التابعة للسعودية على الأرض السورية، وخاصة في ريف دمشق، لتأتي الترجمة العملية على الأرض قذائف هاون عشوائية تحصد أرواح وأموال وأملاك المدنيين الدمشقيين كرهان سعودي وحيد للضغط على الحكومة السورية في دمشق، وذلك بعد الفشل في إحداث أيّ تغيّر وازن على الأرض يقلب المعادلة العسكرية، ويمكّن أتباع الرياض من التقدّم وليّ ذراع الحكومة للقبول بالشروط السعودية.

بعد خمس سنوات من عمر الأزمة وإلقاء السعودية عشرات الآلاف من القذائف والصواريخ على دمشق بات الشارع الدمشقي والقاعدة الشعبية على قناعة بالدور السعودي التخريبي في سورية، والموجه ضدّهم في الدرجة الأولى لا ضدّ الدولة، وهو ما رفع مستوى الكراهية للسعودية في صفوف الدمشقيين خلال سنوات الأزمة.

هذا على المستوى الشعبي، أما على المستوى السياسي فإنّ المملكة تفتقد لاستراتيجيات التعامل مع المستجدات السياسية والتفاهمات، ولعلّ الحديث عن هدنة إنسانية لمدة 48 ساعة في الزبداني بريف دمشق وكفريا والفوعة في ريف إدلب، برعاية تركية إيرانية، هو أكثر ما يقلق السعودية رغم بساطة المبادرة، إلا أنها تدرك أنّ الهدنة ترجمة لتفاهمات سياسية إقليمية كانعكاس للجوّ السياسي العام الذي يسير باتجاه طرح المبادرات بحدّه الأدنى، فتعتمد الرياض مبدأ التعطيل لتقول أنا هنا، أو للذهاب إلى التسوية برفقة أصوات المدافع، وهي استراتيجية علّها تؤتي أكُلها في مراحل التصعيد، أو في بدايات التفاهمات، إلا أنها تتحوّل إلى مقامرة في ظروف نضوج التسويات، والتي قد تدفع حلفاء الرياض إلى لجم طموحاتها في اللحظة التي تتحوّل إلى لغم يفجر التفاهمات.

ترجمة كلام الجبير لم تقتصر على رسائل قذائف دمشق، بل تطلبت تغيّرات في تكتيكات التنظيمات الوهابية التابعة للمملكة، وإعلان أكبرهما «داعش» و«جبهة النصرة» وقف اقتتالهما في ريف حلب الشمالي، الخطوة وإنْ بدت في الشكل مفاجئة إلا أنّ المضمون يأتي في سياق التطورات التي تفرض على التنظيمين القاعديين التعاون والتنسيق وفق المصلحة الوهابية كمرجعية كبرى تعبّر عنها أوامر المملكة، خاصة أنّ محاولات إنهاء الاقتتال ليست حديثة بل تعود إلى ما بعد أشهر من تشكيل تنظيم «داعش»، والخلاف بين البغدادي والجولاني والدعوات إلى انضواء «داعش» في صفوف «النصرة»، ولعلّ وصف الجولاني للتنظيمين بأنهما أمل الأمة يقدّم أكبر دليل على مرجعتيهما الواحدة.

بعد فشل المحاولة التركية بتلميع «النصرة» وإظهار إمكانيتها للاعتدال للعب دور سياسي، والتي بدأت إبان التقارب السعودي التركي القطري، تعود «النصرة» إلى قاعدتها الأصلية والمنبت الأمّ لتتقاتل مع شقيقها القاعدي الداعشي، فيما غيّر الرئيس التركي أردوغان وجهة شراعه صوب طهران بعد أن هبّت رياحها ليغتنمها تفاهمات على الأرض السورية بدلاً من أحلام يقظة لم تمرّ بالمناطق العازلة.

أوقفت «جبهة النصرة» قتال «داعش» وعادت إلى أصولها الواحدة مع «داعش»… لتفضح الدور التركي.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى