أبو فواز: كان يرتاد الطبيعة بعطشٍ لا يرويه بعضُ الجمال بل نبعُه
أقامت مديرية العبادية التابعة لمنفذية المتن الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً تكريمياً للشاعر القومي الراحل خالد زهر، حضره إلى جانب عائلة الراحل، عدد من أعضاء قيادة الحزب تقدّمهم رئيس المجلس الأعلى الوزير السابق محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، عميد عبر الحدود سامي أبو فواز، المندوب السياسي لجبل لبنان الجنوبي حسام العسرواي، منفذ عام المتن الأعلى عادل حاطوم وأعضاء هيئة المنفذية، منفذ عام الغرب ربيع صعب وأعضاء هيئة المنفذية، منفذ عام الشوف د. نسيب أبو ضرغم وأعضاء هيئة المنفذية، وعدد من ممثلي الأحزاب ورؤساء بلديات ومختارين وحشد من القوميين والمواطنين.
عرّف الاحتفال الشاعر القومي عماد منذر بباقة من الكلمات المعبّرة، ثم ألقى أنيس سلطان كلمة مديرية العبادية، تحدث فيها عن حياة الشاعر زهر ومواقفه البطولية، وتوجه بالشكر الى كلّ من ساهم في إنشاء مركز ثقافيّ يحمل اسم الشاعر زهر.
وألقى حاطوم كلمة المنفذية، لافتاً إلى أنّ خالد زهر مناضل قومي برّ بقسمه وأنشأ عائلة قومية اجتماعية، ونتذكر فيه الجرأة والإيمان والثقافة والعلم والمعرفة، إنه شاعر الالتزام والصدق والمبادئ القومية.
وقال حاطوم: «خالد زهر لم يكن شخصاً عادياً على هامش الحياة، بل رفيقاً مناضلاً يجعل من كلّ عمل إتقاناً بارعاً، وكل فكرة إنجازاً متكاملاً. إنه شاعر مقاوم وهو كما كلّ المقاومين القوميين الذين انبروا لإسقاط مقولة «سلامة الجليل» وقاوموا الاحتلال الصهيوني بكلّ بسالة وشجاعة.
وألقى مدير الدائرة الإذاعية في الحزب السوري القومي الاجتماعي كمال نادر كلمة أصدقاء الراحل، وقال فيها: «ترافقت مع خالد لسنوات طويلة، وقمنا بجولات وزيارات إلى مناطق عدّة في لبنان والشام، وكنا سنكملها لولا أنّ المرض اللعين داهم خالد وصرعه، فانطوى جسمه في التراب، لكنّ نفسه ظلت حاضرة وفرضت حقيقتها على هذا الوجود كما يقول سعاده».
وختم قائلأً: «إنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي يفتخر بأن تكون صفوفه قد ضمّت المئات من الأدباء والشعراء والفنانين والموسيقيين والصحافيين وأهل القلم والفلاسفة الذين شكلوا تياراً فكرياً مميّزاً نحو عصر النهضة».
وألقى أبو فواز كلمة مركز الحزب، وقال فيها: «نحن لا نلتقي في المناسبات سواء الأليمة أو البهيجة، ليمدحَ بعضُنا بعضاَ. ذلك أننا أبناءَ نهضةٍ نسمو ببعضنا احتراماً وتقديراً. حتى انّ المتألقين منا لا يُثقلهم تاريخ من نور، بل يقلقهم هاجسُ التوهّج بإشعاع جديد.
خالد زهر… طودٌ هوى جسداً، لكنه طاب ذكراً. وها هو يعود إلينا كتاباً ومركزاً ثقافياً… ليس الكتاب حبراً أزرق على صفحات من الأوراق الباردة. انه أضلاع من الحروف النابضة بالحياة، بالحرارة، بالعز، بمواكب الشهداء الخالدين خلود القضية التي بها آمن، وإياها مارس، ومن أجلها كتب وأعطى وأبدع».
ولفت أبو فواز إلى أنّ خالد زهر عمل للقضية بلا تبجّح وبلا مزايدات. وأنّ منطقة المتن الأعلى زاخرة بالمثقفين والوطنيين والشهداء ورجال الدولة والسيدات اللواتي برزن في الشأن العام وفي النهج المقاوم.
وقال: «لم يكن الشاعر القومي خالد زهر رقماً يُضاف إلى لائحة الهواة الذين تعجّ بإصداراتهم دور النشر الرخيصة، فهو من المدرسة التي علّمت أنّ الأدب كله، من نثر ونظم، هو عمل فنيٌ هدفُه إظهار أسمى المشاعر وأعمقِ الأفكار، لا يمكن أن يحدثَ تجديداً من تلقاء نفسه. فالتجديدُ الذي يعني القراءَ هو مسبَّب لا سببْ…هو نتيجة حصول التغيير في الحياة وفي النظرة الى الحياة. كما يجزم الزعيم العبقري أنطون سعاده… هو نتيجة حصول ثورة فكرية اجتماعية سياسية – روحية تغيِّر أوضاعَ شعبٍ بأسرِه وتفتحُ آفاقاً جديدة للفكر وطرائقه، وللشعور ومناحيه. الشعر بمعنى آخر تورّط، وأسمى علاقاته بالبحر هي الغرق.
الشاعر خالد زهر هو ابن الطبيعة العذراء المنسابة اخضراراً ومياهاً في سهلها وتلالها. كان خالد في المتن الأعلى، وفي الولايات المتحدة كذلك، يرتاد الطبيعة بعطش لا يرويه بعضُ الجمال بل نبعُهُ، ولا يرضيه دخيلُ الشعر بل أصيلُهُ. كان مسكوناً بالشغف، مفتوناً بالأرض، تحلو له أبداً مطاردة الفراشات، يلاحقها، يتحرّش بها، يسرق من غبار أجنحتها الألوان الزاهية يرشها على الحروف… ما أجمل الأبجدية يوم تتلوّن بغبار الفراشات».
وقال أبو فواز: «تعصف بلبنان والأمة كلها حرب تدميرية تفتيتية عنوانها الشرذمة المطلقة القصوى، والعودة بنا الى عصور الانحطاط والتخلف، ولو بلبوس ديني كالتطرف، او سياسي كالديمقراطية الزائفة. وقد وعى شعبنا خطورة هذه المؤامرة وانخرط في ورشة مواجهتها لانها تُختصر بالإرهاب الفكري والشعوري والتعبيري وبالثقافة المعاكسة لكلّ ما هو إنسانيٌ وتطورٌ وحرية. وما العاصفةُ التي ضربت أفريقيا وآسيا، وبلادَ الشام تحديداً سوى مظهرٌ واحدٌ من مظاهر الإبادة التي خُطط لمنطقتنا أن تغوص في أوحالها».
وتابع: «نحن نرى، بواقعية وموضوعية وشفافية، أن العراق والشام قد استعادا دور الدولة السيدة المقاومة، أي الدولة التي تحترمُ نفسَها وشعبَها، وتصونُ كرامتَها مهما غلت التضحياتُ من غزو الداخل والخارج بالجاهليات المعادية لتاريخنا وحضارتنا وقيمنا الاخلاقية السمحاء. أما الجيوب الإرهابية المتبقية فمصيرها المحتوم قد حسمه الشعب والجيش، كما حسمته في لبنان المعادلة الذهبية الثلاثية التي لا مساومة عليها في أيّ استحقاق رئاسي أو وزاري أو نيابي».
وختم: «بِاسم قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي، نحيّي أسرة شاعرنا فرداً فرداً. نحيّي زوجته السيدة نهى وكريمتيه الرفيقة دانا وزينة، وأشقاءه: رجا والرفيقين الدكتور صلاح وعماد كما نحيّي بِاسمكم جميعاً روح والده الشهيد الدكتور أمين زهر. وإذا كنا قد ودّعنا الرفيق الراحل بحسرة، فإننا اليوم نكرّمه كشاعر منارة بفرح المدركين أنه باق في بلدته ووطنه ووجدان عارفيه وأصدقائه بقاء حبة القمح التي انْ لم تمت في الارض، فهي لا تسنبل حبوباً حية جديدة.
قال الشاعر: الناس صنفان صنف لا حياة لهم وآخرون ببطن الأرض أحياء
وقال خالد: في ناس خلقوا وبعد ما خلقوا وفي ناس ماتوا وبعد ما ماتوا».
وتخلل الاحتفال قصائد شعرية من ديوان الشاعر الراحل ألقاها الشاعر القومي عماد منذر، واختتم الاحتفال بافتتاح المركز الثقافي الذي يحمل اسم الراحل.