نصرالله: «إسرائيل» تعدّ لحرب برية واسعة ونعِدها بمحارق الدبابات… ونخوض حرباً طويلة ضدّ دومينو كيسنجر التفتيتي… وعون ليس وحده
كتب المحرر السياسي
قدم أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته في ذكرى النصر في حرب تموز قراءة يمكن لمتتبّعها أن يضع يده على الرؤية التي يقارب من خلالها الحزب والمقاومة المعارك المتعدّدة والمتشعّبة التي يخوضانها، فقد بدا واضحاً من كلمة السيد نصرالله أنّ الحزب الذي انتصر في حرب تموز يرفض التحليل الذي يفترض أنّ انتصارات المقاومة وحزبها عائدة إلى أحادية تفرّغه لمقاومة الاحتلال والعدوان، وتواضع مقارباته في الشأن الداخلي، وتهيبه التورّط في النزاعات الإقليمية، حرصاً على بقاء المقاومة موضع إجماع داخلي وإقليمي عابر فوق الخلافات، فالمقاومة المتواضعة لذاتها وبذاتها ليست أبداً كذلك في خياراتها لخوض المعارك، وهي جاهزة لتخوض معاركها على كلّ الجبهات دفعة واحدة وبذات العزيمة والجاهزية، لأنّ الفصل مستحيل بين وجه المعركة الواحدة المتعدّدة، فالحرب على الإرهاب التي تخوضها المقاومة ليست مجرّد فعل وفاء أخلاقي تجاه سورية السند والقاعدة الخلفية، وهذا ما تفتخر به المقاومة ولا تخشى المجاهرة به كما هو الوفاء لحلفها مع العماد ميشال عون، إلا أنّ الأمر في حسابها مواجهة لمشروع والجاهزية لصناعة النصر لمشروع مقابل.
أوضح السيد نصرالله أنّ الحرب مع «داعش» هي حرب مع المشروع الأميركي الهادف إلى تفتيت المنطقة وكياناتها وإدخالها في زمن حروب تخرج منها «إسرائيل» الأقوى في المنطقة، بعد تهاوي الدول والكيانات كحجارة الدومينو، وفقاً لمخطط وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، ولأنّ حرب التفتيت «إسرائيلية» المآل والأهداف فهي تتمة أو أصل أو فرع في الحرب مع «إسرائيل».
ولأنّ الحرب مع «إسرائيل» تبقى الأساس بفعل تقدّم الأصيل على الوكيل تبقى عين المقاومة على ما تعدّه «إسرائيل»، والذي يرى السيد نصرالله أنه حرب برية واسعة أعدّت المقاومة لإحباطها المفاجآت من عيار وادي الحجير ومحارق الدبابات.
أما الحرب الداخلية لعزل العماد ميشال عون فهي حرب لعزل المقاومة عمّن حالفها ووقف معها ووضع مصير دمائه ورقابه مع دمائها ورقابها لتكون المقاومة محصورة المدد والحضن في بيئة طائفية يسهل حصارها فيها وإدخالها في حرب الفتنة، ولذلك فالدفاع عن الحليف الوفي بمبادلته الوفاء هو سياسة وليس أخلاقاً وحسب، على رغم أنّ الأخلاق مصدر اعتزاز في حسابات المقاومة وتحالفاتها، لكن المقاومة عندما تقول لن نسمح بعزل العماد عون تقول لن نسمح بعزلنا في طائفة واحدة كخيار وطني لبناني عابر للطوائف.
تواصل المقاومة حربها المثلثة الأبعاد، وقد أوصل السيد نصرالله رسالتها ليكون ما بعد الكلمة ليس كما قبلها، حيث الوعد هو أن لا بقاء لـ«داعش» ولا سقوط للمنطقة في التقسيم، و«إسرائيل» يجب أن تستعدّ لمفاجآت من عيار مجازر ومحارق دباباتها في الحجير، إنْ لم يكن دخولاً برياً إلى الجليل، وللذين يريدون عزل العماد عون الوعد أن عون لن يبقى وحيداً في الشارع إذا اقتضى الأمر.
نصرالله في عيد الانتصار
في ظل التعقيدات التي تحيط بالأزمة الحكومية ووصول المساعي إلى طريق مسدود حتى الآن وفي ظل الإشاعات التي أثيرت حول موقف حزب الله من الوضع الحكومي وتحركات التيار الوطني الحر في الشارع، أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال مهرجان «نصركم دائم» الذي أقامه حزب الله في وادي الحجير بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لانتصار تموز 2006، وتطرق السيد نصرالله إلى الشأنين الإقليمي والمحلي، حيث أكد أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ممر إلزامي لانتخابات الرئاسة ولا يمكن عزله وأن حزب الله لن يتخلى عن أي من حلفائه.
وجزم «أننا في لبنان لا نقبل أن يكسر أو يعزل أي من حلفائنا، خصوصاً الذين وقفوا معنا في حرب تموز ووضعوا رقابهم مع رقابنا ودماءهم مع دمائنا»، وأكد «أنكم لن تستطيعوا أن تعزلوا العماد عون أو تكسروه، مشيراً إلى أن الأخير ممر إلزامي لانتخابات الرئاسة ولا يمكن أن تعزلوه».
وأضاف: «التيار الوطني نزل إلى الشارع وفي هذه المرحلة فإن المصلحة هي أن يكون التيار في الشارع، سائلاً: «هل من يريد أن يكسر التيار متيقن من أن جمهور التيار سيكون فقط في الشارع»، مشدداً على أن «خياراتنا في دعم حلفائنا مفتوحة». وشدد على أن الحوار هو الوسيلة التي توصل إلى الشراكة والشراكة هي التي توصل إلى الدولة».
وأكد السيد نصرالله أن «إيران لا تضغط على حلفائها لاتخاذ قرار هم ليسوا مقتنعين به»، مشيراً إلى أن «من يظن بخلاف ذلك هو واهم».
… ويعيد الحكومة إلى المربع الأول
وأكدت مصادر في قوى 8 آذار لـ«البناء» أن كلام السيد نصرالله كان إعلان وحدة المواقف من القضايا الاستراتيجية والكبرى ودحض لكل محاولات إعلام السعودية للوقيعة بين الحلفاء وإحباط عزيمة أنصار التيار الوطني الحر وإظهار بأنهم وحدهم في المعركة والتهويل الإعلامي عليهم.
وأضافت المصادر: «أن تأكيد السيد نصرالله أنه لن يتخلى عن العماد عون يعني أنه لا إمكانية لعزل طرف رئيسي في لبنان وأن حزب الله سيقف مع التيار الوطني الحر لمنع الاستئثار بالسلطة وأن الاستفراد بعون أمر غير مسموح به ويدفع الأمور إلى أزمة وطنية أكثر من ما يحصل اليوم ولا يتحملها الطرف الذي يستفرد بالسلطة.
وشددت المصادر على أن كلام السيد نصرالله هو دعوة للتفكير بوعي ومنطق وتشديد على ضرورة حل المشاكل بالمفاوضات والحوار والتسوية أن هناك مشكلة بين تيار المستقبل وطرف مسيحي كبير يتعرض للغلبة والاستقواء عليه بقوى إقليمية وبظروف معينة.
وقالت المصادر: «السيد نصرالله يحذر أنه في لحظة معينة، إذا لم يستجب لطلبات التيار الوطني الحر، فلن يكون وحده في الشارع وفي ساحة المعركة ولكن حزب الله يعتبر أن المطالب الحالية والتعبير عنها ليس بحاجة إلى نزول حلفاء عون إلى الشارع، وما قاله السيد إعلان الاستعداد لدعم عون في الشارع عندما يرى ذلك مناسباً وهذا يسمى الغموض البناء.
وأوضحت المصادر أن السيد نصرالله أسقط كل رهانات البعض بأن إيران ستبيع حلفاءها وتطلب من حزب الله التنازل عن عون مقابل مكاسب إقليمية، بل إن إيران لن تقوم بذلك وفي الأصل لا تفرض على حلفائها شيئاً بخلاف حلفاء الطرف الآخر.
وتابعت المصادر: «كلام السيد يعزز وضع الحكومة ويردها إلى المربع الأول، أي إلى مبدأ التفاهم والتفهم لجميع الأطراف والذي تحدث عنه الرئيس تمام سلام منذ تشكيل الحكومة تيمناً بوالده الرئيس صائب سلام، خصوصاً آلية التوافق ومنع العزل ما يعزز الحكومة من دون استفزاز أحد وإرجاع العمل بالآلية التي تم الاتفاق عليها منذ البداية.
عون: نقبل بتسوية للرئاسات الثلاث
وأكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أنه لا يمكن بعد اليوم «أن يأتي رئيس للجمهورية لا يمثل المكون الذي ينتمي إليه كما عند السنة والشيعة وهكذا يجب أن يكون عند المسيحيين أيضاً»، مؤكداً «أن الرئيس التوافقي ليس رئيساً لأن عليه أن يرضي الجميع»، معلناً «موافقته بأن تكون التسوية متساوية عند كل الطوائف من خلال رئيسي مجلس النواب وحكومة توافقيين».
وفيما قال عون في حديث ضمن برنامج «حديث الساعة» على قناة «المنار» «انقلبوا على الحوار وما اتفقنا عليه لأجل مصالحهم وفقدوا المصداقية والأخلاقيات»، أكد «أن تيار المستقبل يفكّر بعقلية داعشية لأنه لا يعترف بالآخر»، مضيفاً: «لم يشرح لي أحد ضرورات التمديد للقادة الأمنيين»، وسأل «ماذا فعل وزير الداخلية بمواجهة الإرهاب فما زال المسلحون في عرسال»؟ ولفت إلى «أن هناك أزمة ثقة بيني وبين الرئيس سعد الحريري ومع الغالبية لأنهم يتعاطون بمصالح مخبأة»، متسائلاُ: «كيف يبرر الحريري عدم الوفاء بوعوده»؟
مضيفاً «ليس هناك شروط لعودة الحوار مع المستقبل، نحن نتعاطى معهم بمبادئ وهم يتعاملون معنا بمصالح».
وشدد عون على «أن التفاهم بيني وبين السيد حسن نصر الله كان كلمة وبقيت الكلمة واستمرت الأخلاقيات». وإذ أوضح العماد عون «أن حركتنا اعتراضية سلمية ولكن إذا أكملوا بابتزازنا فلكل حادث حديث»، قال: «قادر أن اقفل الشارع بالنساء والرجال والأطفال عبر التحرك وسيحصل تسونامي قريباً»، وأضاف: «سنواصل تحركاتنا في مناسبات معينة».
وشدد عون على «أن تحذيري قائد الجيش من وضع الجيش في مواجهة المتظاهرين كان بسبب ما حصل في التظاهرة السابقة، وأول من أمس لم يحصل أي شيء خلال التظاهرة في ساحة الشهداء».
مواقف نصرالله واضحة وحاسمة
وأكدت مصادر التيار الوطني لـ«البناء» أن كلام السيد نصرالله رد حاسم وواضح على الفريق الذي نواجهه والذي يثير الإشاعات والأكاذيب بأن تحركات العماد عون أصبحت عبئاً على حزب الله في محاولة لكسر معنويات الرأي العام الحاضن للتيار الوطني الحر، وهي أيضاً رد على محاولات تسخيف تحرك التيار، في حين أن التيار نفسه لم يكن يتوقع هذا الحشد الكبير الذي سيتضاعف في التحركات المقبلة ككرة الثلج.
وأضافت المصادر: «كلام السيد نصرالله أن عون ممر إلزامي لرئاسة الجمهورية لم يوجهه للتيار، لأننا نعرف ونثق بوقوف حزب الله معنا في الملف الرئاسي، بل كلامه بهذه النقطة موجه للطرف الآخر، لأننا نعتقد بأن التسويات تأتي لمصلحة المنتصر وخيارنا السياسي منتصر، بينما الفريق الآخر يعتبر أن التسوية ستتأخر وفي هذا الوقت الضائع يعمل على إضعاف عون والقضاء عليه لاستنزافه وتطويقه ليصل عون إلى التسوية ليس بالقوة نفسها الآن.
وأوضحت أن كلام السيد موجه إلى الداخل وإلى الدول الخارجية، وردّ على كل السفراء والموفدين الذين تحدثوا إلى إيران للضغط على حزب الله للضغط على عون في ملف الرئاسة فأحالتهم إيران إلى حزب الله وبدوره أحالهم إلى الرابية.
ولفتت المصادر إلى أن الأهم في خطاب السيد هو كلامه عن أن إنتاجية العمل الحكومي مرتبطة بالعماد عون في إشارة إلى أن السيد لم يرفق ذلك بالأسباب الموجبة لتهميش عون لأنها باتت معروفة، ولأن لبنان لا يقوم إلا بالشراكة ونحن شركاء ولسنا تابعين وهذا يتعلق بوجودنا، فهم خرقوا القوانين والدستور ونحن نطالب بتطبيق الدستور وإعطاء الحقوق لأصحابها أولها تعيين مجلس عسكري.
وحذرت المصادر من اتخاذ الحكومة أية قرارات في الجلسة المقبلة واعتبرت أنها أعجز من تحمل مسؤولية هذا الأمر، وتوعدت بأن تحركات التيار ستتصاعد تدريجياً ضد تيار المستقبل وبعض الدول الخارجية الذين سرقوا الحقوق وتخطوا الشراكة التي تبدأ بالمناصفة وقانون انتخابات جديد الذي يرفض المستقبل إقراره.
وأوضحت المصادر أن الرئيس سلام ليس شخصاً سيئاً لكنه يتحمل مسؤولية ما يقوم به المستقبل، وكشفت أن التيار الوطني الحر سيطلب في الوقت المناسب من حلفائه النزول إلى الشارع لدعم مطالب وحقوق التيار.
مقتل قائد «الجيش الحر» في عرسال
أمنياً وفي إطار مسلسل التصفيات التي تحصل بين التنظيمات المسلحة والتي تتعرض لمزيدٍ من الحصار وتضييق الخناق من قبل المقاومة والجيش السوري، أفادت معلومات عن مقتل العقيد المنشق عبدالله حسين الرفاعي قائد ما يسمى «الجيش الحر» في عرسال وجرودها، بعد تعرضه لإطلاق نار في ساحة البلدة.
وعلى صعيد آخر قصف الجيش اللبناني بالمدفعية الثقيلة مواقع المسلحين في جرود رأس بعلبك.