التشكيلية هيلين يوسف: عندما يحضر الجمال لا بدّ للإبداع أن يولد

بشرى سليمان ـ نُعمى علي

«اللوحة هي العالم الحقيقي للفنان، كما تُعتبَر وسيلة مهمة لتحليل شخصية الفنان، الذي يستطيع عبرها تحريك خياله كما يشاء، وترجمة خياله على اللوحة أو الورق عندما تأتيه لحظة الإلهام. وغالبا ما يكون ذلك بيده»، بهذه العبارات تصف الفنانة التشكيلية هيلين يوسف اللوحة.

وتقول: عندما تنهال عليك رغبة جامحة في اعتلاء اللوحة، لا تتردّد أبداً، لأنها لحظة ولادة نوع من الجمال الخاصّ. وعندما تأتيني هذه الرغبة، الحاسة الأولى التي تتنشط لديّ هي حاسة الشمّ، لأن لكل لون رائحة خاصة بالنسبة إليّ.

وأضافت: تبدأ الألوان تسيطر على تفكيري وتأمرني كما ترغب. وحين يزول مفعول الألوان، تبدأ الحواس الأخرى عملها من النظر إلى اللمس، وسماع ما حولي. وأخيراً تذوّق اللوحة التي في النهاية تشبه ما طمحت إليه، وأحياناً ينقصها القليل من التعديل.

وتستعيد هيلين يوسف مسيرتها مع الفن فتقول: ظهر حبّي للرسم منذ الطفولة، ورغبت في دراسة الفن في كلّية الفنون الجميلة في دمشق، حيث تتلمذت على أيدي أساتذة مهمّين كالدكتور نزار صابور، على رغم أن أسلوبي في الرسم لا يشبه أسلوبه، لكنني تأثرت به كفنان وإنسان. كما تجذبني دائماً أعمال الفنان لؤي كيالي. وشخصياً أشعر أنني أميل إلى الانطباعية والتعبيرية أكثر.

الفنانة هيلين يوسف ترسم بالألوان المائية والزيتية والباستيل، ولكلّ لون خصوصيته. وهي تفضل تقنية الألوان الزيتية، ولكن هناك إقبالاً على أعمالها بالباستيل. ومن بين أعمالها التي تصفها بالقليلة، فإنها تتوقف عند لوحة «حالات راقصة» عن أنثى تعبّر بالرقص عن مشاعرها. وتقول عن هذه اللوحة: كل خطوة عند الراقصة ذات مدلول، ولها ألوان معينة، وحتى أجعل اللوحة تعبّر عن تنوّع الحركات، استخدمت تقنية الرسم بالسكين، والتي تحتاج إلى نوع من الدقة في مزج الألوان.

وعن صعوبات الفنّ تقول: نحن بحاجة إلى صالات عرض وهي نادرة، خصوصاً في اللاذقية. كما أننا بحاجة إلى دعم إعلاميّ كبرامج تلفزيونية، خصوصاً عن الفن التشكيلي والحركة الفنية المتجددة في سورية وندوات ومهرجانات مخصصة للفن التشكيلي حصراً.

وترى أن الطبيعة تؤثر في نفسية الفنان كثيراً، ولكن هذا لا يعني أن يرسمها بتفاصيلها دائماً كالأشجار والأزهار والجبال. معتبرةً أن الفنان ربما يشاهد منظراً جميلاً يستلهمه من اللون والإحساس والانطباع الجميل ويجسّده في اللوحة بأسلوبه، لكن لا يمكن للفنان أن ينفصل عن بيئته وطبيعتها، فهي تتواجد في لوحاته بأشكال ورموز وألوان. وطبيعة بلادنا رائعة فيها من التنوّع الكثير، وهذا يلامس إبداع الفنان.

وتستقي الفنانة هيلين يوسف أفكارها من محيطها والحالات الإنسانية الكثيرة التي تصادفها، ويشاركها الخيال في رسمها. كما أن المرأة تحتلّ الحيّز الأكبر من تفكيرها. فهي العنصر الأهمّ في غالبية أعمالها. وتقول: المرأة تشغل غالبية أعمالي، وأنا شخصياً اعتبرها أجمل مخلوق على الإطلاق، ويمكن خلق الجمال أينما وجدت، وعندما يتواجد الجمال لا بدّ أن يولد الإبداع.

وترى هيلين أن الفنون ترتبط ببعضها. وتقول: قد نجد قطعة موسيقية تأخذنا بالخيال إلى عوالم سحرية. نرى السهول والجبال والألوان من خلالها. وكذلك الشعر، فالشاعر يرسم بالكلمات لوحات لا تجاريها ريشة فنان.

وشدّدت هيلين على ضرورة مساعدة الجيل الجديد في نضوج ثقافته التي شلّت حركتها الحرب على سورية. مؤكدة أن الفنّ وسيلة لإيصال رسالة مهمة، وهي أننا شعب يحبّ الحياة ويملك إرادة الأمل بالمستقبل.

يذكر أن هيلين يوسف من مواليد السقيلبية 1978، خرّيجة كلّية الفنون الجميلة في جامعة دمشق ـ قسم التصوير عام 2002، شاركت في عددٍ من المعارض الجماعية منها «تحية إلى فاتح المدرّس» في دمشق، و«تحية إلى حنا مينا» في حلب، ومعرض في مكتبة الأسد في دمشق. أما المعارض الفردية التي نظّمتها فنذكر منها: معرض «هدية صغيرة» عام 2003، ومعرض «باستيل» في المركز الثقافي في السقيلبية عام 2003.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى