الحزب السوري القومي الاجتماعي… ثبات البوصلة
بشار سليمان
لم يكن مفاجئاً إعلان الحزب السوري القومي الاجتماعي موقفه المؤيد لإجراء الانتخابات الرئاسية في سورية، وترشيحه ودعمه الرئيس بشار الأسد في مؤتمر صحافي عقده رئيس المكتب السياسي للحزب في الشام الدكتور نذير العظمة 26/4/2014 بحضور أعضاء المكتب السياسي.
استشعر الحزب السوري القومي الاجتماعي حجم الخطر المحدق بالأمة، والمتمثل راهناً بغرائز الإرهاب والتطرف الغريبة عن حياة وثقافة وهوية الإنسان والمجتمع السوريّيْن، وهي غرائز تهدف إلى ضرب الوحدة الروحية والاجتماعية وإسقاط الدور القومي لسورية لأنها رأس حربة في المحور المقاوم، من خلال ضرب الجيش السوري الذي يعدّ اليوم من أقوى الجيوش في المنطقة، على غرار ما تعرّض له الجيش العراقي عقب الغزو الأميركي للعراق.
كان الحزب السوري القومي الاجتماعي عبر تاريخه النضالي الطويل دوماً ولا يزال في قلب الحوادث التي تعصف بالأمة وتهدّد كيانها ووحدتها، وعلّمته تجاربه السابقة متى يكون موجوداً عندما يستدعيه الواجب القومي، ومتى يتريّث في مواقفه، فبوصلته مصلحة سورية التي هي فوق كلّ مصلحة. ما تعرّض له خلال سنوات نضاله المستمرة من مؤامرات تستهدف بنيته الفريدة، ودوره المتأصّل في الحياة العامة، جعل القوميين جاهزين ومتنبّهين دائماً إلى ما يُحاك لبلدهم، فهم أكثر من عانى من المؤامرات والدسائس التي تهدف إلى تقويض وحدة المجتمع.
لم يكن الحزب بذاته بعيداً عن دوامة الحوادث السورية منذ بدايتها، فاغتيال منفذه العام في إدلب الدكتور سمير قناطري كان إيذاناً ببدء صراع جديد للحزب ضدّ المجموعات الإرهابية المتطرفة المدعومة بالمال الأسود لتدمير سورية.
لذا، حدّد الحزب أولوياته ورؤيته، فهو مع سورية المتجدّدة، دولة مدنية حضارية علمانية حديثة، متحرّرة من الإرهاب والآفات الاجتماعية، وعلى هذا الأساس بنى موقفه من الاستحقاق الرئاسي في الشام، كونه مدعوّاً أكثر من أيّ وقت مضى إلى المشاركة في بناء سورية المتجددة، على قاعدة الأسس الحضارية والنهضوية التي ينادي بها الحزب، بالتعاون مع جميع القوى السياسية الاجتماعية.
من ناحية أخرى، لا يخفي الحزب مشاركته الجيش السوري والقيادة السورية محاربة الإرهاب القادم من خارج الحدود السورية، حيث كان نسور الزوبعة رفقاء سلاح وتضحية مع الجيش السوري في أكثر من مكان، فكانت صدد والزاره والحصن وحمص وصيدنايا ومعلولا والقصيْر وكسب والعديد من الأماكن الأخرى على امتداد الأرض السورية، مجنّدين طاقاتهم وإمكاناتهم في خدمة ما يؤمنون به. وكان لا بدّ للحزب من أن يؤكد حضوره السياسي القومي القويّ بالتوازي مع حضوره العسكري على الساحة السورية، خاصة أنّ الحزب يملك إرثاً اجتماعياً وشعبياً هائلاً، وهذا يدعم القرار الحزبي بالمشاركة العسكرية مع الجيش السوري وشرفاء الأمة في الحرب ضدّ الإرهاب والتطرف.
احتفالات الحزب السوري القومي الاجتماعي في صدد وبعد ذلك مهرجانه الخطابي الحاشد في صيدنايا تكريماً لشهداء الواجب القومي وإعلان بداية الانتصار الكبير على يهود الداخل ومشغّليهم في الخارج، هي استكمال لحالة الصراع على الحياة والوجود التي يقودها القوميون على امتداد الوطن الكبير، فوجود القوميين في صلب المعركة ضدّ الارهاب يعادل وجودهم في صدارة الحياة السياسية والاجتماعية، وهذا أمر طبيعي وواجب قومي اقتضاه واقع الأمة الاستثنائي والمصلحة السورية العليا.
أثبت الحزب خلال فترة الحوادث التي تعصف بسورية أنه حزب مقاوم متمسك بخياراته وقناعاته، وعلى هذا الأساس وقف إلى جانب الدولة في مواجهة الأخطار والتحديات، خارجية كانت أو داخلية، وحتمت عليه رؤيته القومية أن يكون في خندق واحد مع الجيش السوري وسائر القوى الشريفة في مواجهة المؤامرة للعبور بسورية إلى فضاء الدولة المدنية العلمانية الديمقراطية التعددية.
عليه، كان لزاماً على الحزب السوري القومي الاجتماعي أن يكون في موقع متقدم من الاستحقاق الرئاسي في الشام، وجاء إعلان موقفه في هذا الصدد تكريساً للحالة القومية الصحية التي يسعى الحزب إلى رؤيتها تنتشر بين الأوساط السياسية والاجتماعية والثقافية التي تشكل بمجموعها النسيج الاجتماعي السوري، لتكون محصنة في مواجهة الغرائز الشاذة القادمة من الخارج، كما أنّ موقفه يعتبر دليلاً على تبنيه استراتيجية مدروسة تلحظ الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها المنطقة عامة وسورية خصوصاً.
إن ترشيح الحزب للرئيس بشار الأسد والدعوة إلى تأييده، دليل على أنّ الأهداف القومية العليا هي غاية الحزب، وهذا الموقف يرقى إلى مرتبة المواقف المصيرية في الظروف الاستثنائية. علماً أنه ارتكز على التمسك بسورية دولة حديثة متطوّرة، وأثنى على سلسلة التشريعات والمراسيم والقوانين التي أقرّتها الدولة لتكتمل بها الأسس القانونية والتشريعية المتينة، مؤكداً أنّ المشاركة الكثيفة في انتخابات الثالث من حزيران شكلت صرخة سورية مدوّية ضدّ المؤامرات التي لا تزال تحاك ضدّ سورية التاريخ والحضارة.