المخطوفون المفقودون… بين تحرير الوطن والأنفس ومعرفة مصيرهم 2
حسين ماجد
قبل الحديث عن المخطوفين المفقودين، نرى أنه من المفيد إلقاء الضوء بدايةً على المخطوفين الموجودين، إذ إنه من البديهي أن نحرّرهم وصولاً إلى المفقودين وتحريرهم أيضاً.
فالرئاسات مخطوفة والوزارات مخطوفة، عندنا رؤساء ووزراء، الطبيعة مخطوفة جبالاً وشواطئ وأحراجاً ومياه، والخوف على الشمس والهواء، قوة العمال وأجورهم، وضمانهم الاجتماعي مخطوف أيضاً.
الأمن والتعليم والإعلام مخطوفون، القيم والعقول والكرامات والإرادات الوطنية خطفت، وسادت الغرائز والصغائر والمنافع.
أما الإدارات ووظائفها فاعتقلها مجلس الإنماء والإعمار منذ ولادته، ولا فائدة من استرجاعها، فهي مؤسّسات فاشستية سلطتها الهدف وخدماتها إذا وجدت لتعزيز هذه السلطة وتثبيت استمرارية سيطرتها، ولا علاقة بين هذه الإدارة وبين المواطنين، لأنها دائماًً من خلال رجال السياسة ورجال الدين والسماسرة.
أكثر من أربعين سنةً في الإدارة ولم أصادف وزيراً على مستوى الوطن متخطّياً المذهب أو المنطقة وأحياناً الزاروب.
فإن كنت لا تعرف مكان المفقود فتلك مصيبة، وإن كنت تعرف مكانه ولا تريد، أو لا تستطيع تحريره، فالمصيبة أعظم… «بالإذن من الشاعر».
يا أعزائي أهالي المفقودين وأقرباؤهم، الوطن كلّه مخطوف مجتمَعاً وطبيعة ومؤسّسات، ومن واجبنا تحرير الوطن، فنحرر أنفسنا وجميع مواطنينا بمن فيهم المفقودين، خصوصاً إذا ما عرفنا الخاطفين والمحرّضين والمخطّطين والمشجّعين والمستفيدين من عمليات الخطف والتغييب.
تناولنا في الحلقة الماضية من هذا التقرير، أهمية إلقاء الضوء على ما خُطِف ويُخطف في لبنان، من الرئاسات والوزارات والجبال والشواطئ والأحراج والمياه، والعمال وأجورهم، وضمانهم الاجتماعي، والأمن والتعليم والإعلام، والقيم والعقول والكرامات والإرادات الوطنية، والإدارات ووظائفها.
كما أوغلنا في ملف المخطوفين إبان الاجتياح «الإسرائيلي» والحرب الأهلية، مفنّدين وفقاً للمعلومات المتوفّرة والإحصاءات، أعداد هؤلاء المخطوفين والمفقودين، ونٍسبهم من حيث طوائفهم، والأحزاب والجهات التي خطفتهم، وأعمارهم وما إلى ذلك.
وفي هذه الحلقة، سنتابع هذا التفنيد، من حيث الجنس والجنسية، والانتماء. واقتراح خطوات في سبيل حلول نراها في الأفق.
الجنس
يتوزّع المفقودون بنسبة 6 في المئة من النساء 118 مفقودة ، و94 في المئة من الرجال 1928 مفقوداً .
أ ـ الرجال: تتحدد خصائص المفقودين الرجال على النحو التالي: الجنسية، 79 في المئة من اللبنانيين، 15 في المئة من الفلسطينيين و2 في المئة قيد الدرس. الجهة الخاطفة، 32 في المئة خطفتهم القوات اللبنانية وحزب الكتائب. 6 في المئة خطفوا من قبل «إسرائيل» وجيش لحد. 5 في المئة خطفوا من الحزب التقدمي الاشتراكي. 3 في المئة خطفوا من قبل القوات السورية. 2 في المئة خطفوا من قبل حركة أمل. 2 في المئة خطفوا من قبل الفصائل الفلسطينية. 5 في المئة خطفوا من قبل أحزاب لبنانية أخرى. و 45 في المئة لم تحدد الجهات الخاطفة. و40 في المئة من الطائفة السنية، 29 في المئة من الطائفة الشيعية. 50 في المئة من الطائفة الدرزية، و5 مفقودين ذكور من الطائفة العلوية، أي بنسبة 64 في المئة من المسلمين و14 في المئة من الطائفة المارونية و5 في المئة من الروم الأرثوذكس و3 في المئة من الروم الكاثوليك و1 في المئة من طوائف مسيحية أخرى و2 في المئة غير محدد، «أي بنسبة 24 في المئة من المسيحيين».
الجنس والتواجد، 9 في المئة من الذكور المفقودين يعتقد أهاليهم أنهم في لبنان بحسب إفادتهم عام 2000، و11 في المئة في «إسرائيل» و9 في المئة في سورية 168 مفقوداً و71 في المئة لم يتحدد مكان وجودهم.
ب ـ النساء: تتحدد خصائص المفقودات على النحو التالي: إن 82 في المئة من المفقودات من اللبنانيات و17 في المئة من الفلسطينيات، و42 في المئة لم يحدّد أهاليهن الجهة المختطفة أما الأخريات فيفيد الأهالي أن 56 في المئة خُطفن من قبل القوات اللبنانية وجيش لحد، و32 في المئة على يد الحزب التقدمي الاشتراكي و44 في المئة مسيحيات، و56 في المئة مسلمات، و80 في المئة لا يُعرف مكانهن و12 في المئة يعتقد أنهن في «إسرائيل».
5 ـ الجنسية: يتوزع المفقودون على جنسيتين اللبنانية بنسبة 79 في المئة تقريباً والفلسطينية بنسبة 15 في المئة و6 في المئة من جنسيات أخرى وقيد الدرس وغير محددة.
أ المفقودون اللبنانيون: إن 80 في المئة من المفقودين اللبنانيين لا ينتمون إلى أحزاب أو تنظيمات سياسية. ويتوزع العشرون في المئة على الأحزاب اللبنانية والمنظمات الفلسطينية والجيش اللبناني، بحيث نجد 22 في المئة من الجيش اللبناني و17 في المئة من حركة أمل و10 في المئة من حزب الكتائب والقوات اللبنانية، و9 في المئة من الحزب الشيوعي، و8 في المئة من الحزب السوري القومي الاجتماعي، و8 في المئة من الحزب التقدمي الاشتراكي، إضافة إلى 19 في المئة ينتمون إلى أحزاب ومنظمات أخرى.
كما نجد أن المفقودين اللبنانيين يتوزعون بنسبة 34 في المئة من الطائفة الشيعية و28 في المئة من الطائفة السنية و17 في المئة من الطائفة المارونية و6 في المئة من الطائفة الدرزية ونفس النسبة من الطائفة الأرثوذكسية «30 في المئة من الطوائف المسيحية و69 في المئة من الطوائف الإسلامية».
وفي ما يتعلق بأماكن تواجد المفقودين اللبنانيين ودائماً بحسب إفادات أهاليهم فهم يتوزعون بنسبة 71 في المئة: أماكنهم غير معروفة، أما الباقون فهم بنسبة 39 في المئة في «إسرائيل»، و30 في المئة في سورية، و30 في المئة في لبنان.
ب ـ المفقودون الفلسطينيون: وبالنسبة إلى المفقودين الفلسطينيين والبالغ عددهم 36 مفقوداً بنسبة 15 في المئة، نجد أن 88 في المئة منهم لا ينتمون إلى أحزاب أو تنظيمات سياسية، وأن 81 في المئة من الطائفة السنية، و73 في المئة لا يعرف مكان وجودهم، أما الباقون فيعتقد وجود 37 في المئة في «إسرائيل» و30 في المئة في سورية و33 في المئة في لبنان.
الانتماء
جدول رقم 1
6 ـ المذهب: يتوزع المفقودون على المذاهب بحسب النسب التالية:
جدول رقم 2
39 في المئة من الطائفة السنية، 28 في المئة من الطائفة الشيعية، 5 في المئة من الطائفة الدرزية، و6 مفقودين من الطائفة العلوية، بحيث تصبح نسبة المخطوفين من الطوائف الإسلامية 75 في المئة.
14 في المئة من الطائفة المارونية، 5 في المئة من طائفة الروم الأرثوذكس، 4 في المئة من طائفة الروم الكاثوليك، و29 مفقوداً من الطوائف المسيحية الأخرى بحيث تصبح نسبة المفقودين من الطوائف المسيحية 25 في المئة.
أ المخطوفون من الطائفة السنية موجودون بحسب إفادة أسرهم: في «إسرائيل» 11 في المئة، في لبنان 10 في المئة و10 في المئة في سورية، و69 في المئة لا تعرف أماكن تواجدهم.
ب ـ المخطوفون من الطائفة الشيعية وبحسب إفادة أسرهم موجودون: في «إسرائيل» بنسبة 20 في المئة، 11 في المئة في لبنان، و4 في المئة في سورية،
و65 في المئة لم يحدد مكان تواجدهم.
ج ـ يتوزع المفقودون من الطائفة الدرزية بحسب أماكن تواجدهم: 7 في المئة في «إسرائيل»، و7 في المئة في سورية، و4 في المئة في لبنان، و82 في المئة لا تعرف أماكن تواجدهم.
د ـ المفقودون من الطائفة المارونية يتوزعون بحسب أماكن تواجدهم بنسبة 12 في المئة في سورية، و6 في المئة في لبنان، و1 في المئة في «إسرائيل»، و81 في المئة لم تحدد إقامتهم.
هـ ـ المفقودون من الطائفة الأرثوذكسية يتوزعون بحسب أماكن تواجدهم بنسبة 13 في المئة في سورية، و5 في المئة في لبنان، و4 في المئة في «إسرائيل»، و78 في المئة لم تحدد أمكنة تواجدهم.
وـ المفقودون من الطائفة الكاثوليكية يتوزعون بحسب أماكن تواجدهم بنسبة 11 في المئة في سورية، و7 في المئة في لبنان، و82 في المئة غير محدد.
جدول رقم 3
إضافة إلى معلومات أخرى عن المفقودين تتعلق بانتماءاتهم وطوائفهم ووضعهم العائلي وعدد أولادهم وحجم أسرهم ومكان فقدانهم أو خطفهم.
إن تحليل هذه المعلومات والاستنتاجات التي يمكن استخلاصها فهي متروكة للقارئ والمطلع على حيثيات هذه القضية وذلك لتجنيبها الخلفيات على مختلف أنواعها ومصادرها وحصرها في إطارها الإنساني والوطني ولكن يمكننا القول أن هذه المعلومات تساعد على وضع آلية عمل خاصة بوجود نواة ملف لكل مفقود نظمته مشكورة اللجنة التي قامت بعملية الاستقصاء ولكنها لم تكمل متابعة مهمتها واعتبرت جميع المفقودين «2046» مفقوداً في حكم المتوفين واقترحت على الحكومة عام 2000:
أ تخصيص ورثة لكل مخطوف أو مفقود بمبلغ معين يعود تحديد قيمته ومصادره لمجلس الوزراء.
ب ـ الإيعاز لوزارة الشؤون الاجتماعية تكليف من يلزم لرعاية شؤون عائلات المخطوفين والمفقودين.
ج ـ تثبيت لوحة رخامية على قاعدة نصب الشهداء بعد إعادته إلى مكانه وسط العاصمة إحياء لذكرى المفقودين وعبرة للأجيال القادمة وتذكر هذه الإقتراحات بقانون استحداث وسام الأسير رقم «365» تاريخ 16 آب 2002 الذي قضى بوجوب تنفيذه بمراسيم خلال مهلة لا تتعدى الثلاثة اشهر من تاريخ صدور هذا القانون.
إضافة إلى المرسوم رقم 364 تاريخ 16/8/2001 الذي أناط بوزارة المالية متابعة قضايا الأسرى المحررين خلافاً لقانون إنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية الذي يعتبره من مهامها وصلاحياتها.
ومن الضروري بل من الواجب متابعة ما بدأت به لجنة الاستقصاء مع اقتراح القيام بالخطوات التالية:
1 ـ تشكيل لجنة رسمية مركزية يتمثل فيها أهالي المخطوفين.
2 ـ تشكيل لجان فرعية على عدد الجهات الرئيسية التي يعتقد الأهالي أنها مسؤولة عن الخطف وهذه الجهات هي: القوات اللبنانية الكتائب الأحرار 455 مفقوداً لبنانياً ، «إسرائيل» وقوات لحد 103 مفقودين لبنانيين ، القوات السورية 60 مفقوداً لبنانياً ، الفصائل الفلسطينية 36 مفقوداً لبنانياً ، الحزب التقدمي الاشتراكي 113 مفقوداً لبنانياً ، حركة أمل 11 مخطوفاً لبنانياً ، أحزاب أخرى 78 مفقوداً لبنانياً .
3 ـ تشكيل لجنة من أهالي الفلسطينيين المفقودين الذين خُطفوا من قبل الجهات المذكورة وعدد المعروف من خطفهم 210 مفقودين فلسطينيين.
إضافة إلى 62 مفقوداً من جنسيات أخرى وقيد الدرس بحيث يصبح عدد المفقودين الذين حددت الجهات التي خطفتهم بحسب إفادات أهاليهم 1128 مفقوداً بما يعادل نسبة 55 في المئة من مجموع المفقودين.
4 ـ تشكيل لجنة رسمية يتمثل فيها أهالي المخطوفين والصليب الأحمر الدولي ولجنة حقوق الإنسان لمتابعة قضية الذين يعتقد وجودهم في كل من:
سورية 144 لبنانياً و24 فلسطينياً و2 غير محدد ما مجموعه 170 مفقوداً
«إسرائيل» 187 لبنانياً و30 فلسطينياً و6 غير محدد ما مجموعه 223 مفقوداً
ما يشير نظرياً إلى وجود 1653 مفقوداً في لبنان أي بنسبة 81 في المئة من المجموع وهذا يعني وجود 525 مفقوداً لا يعرف أهاليهم عنهم شيئاً ويشكلون 26 في المئة من مجموع المفقودين.
على أن تتولى هذه اللجان إجراء الإتصالات مع الجهات التي تعتبر أنها قد شاركت في خطف المفقودين مع إصرار الحصول على المعلومات الصحيحة محملة المسؤولية للجهات التي لا تتجاوب، وعلى هذه اللجان أن تتقدم بتقرير للجنة الرسمية المركزية تضمنه نتائج الإتصالات والإقتراحات التي تراها مناسبة للوصول إلى المعلومات الصحيحة.
5 ـ يطلب من اللجنة الرسمية المركزية العمل على معرفة أماكن المقابر الجماعية متعاونة مع أجهزة فنية مختصة لكشفها وتحديد الجينات وتأمين جميع متطلبات هذه العملية من اتصالات وتجهيزات وعناصر بشرية، وملزمة الجهات الخاطفة المسؤولية القانونية والمعنوية.
6ـ تنظّم اللجنة الرسمية المركزية مؤتمراً يضم أهالي المفقودين والأحزاب والقوى المتهمة بعمليات الخطف، والمنظمات الدولية والإدارات الرسمية المعنية تعلن فيه نتائج الإستقصاءات والدراسات والحقائق التي تم التوصل إليها، وترفع التوصيات لمعالجة الآثار الاقتصادية الاجتماعية وتحدد الجهات المسؤولة عن تنفيذ هذه التوصيات والمدة الزمنية لذلك وصولاً لإقفال هذا الملف.
7 ـ تكليف وزارة الشؤون الاجتماعية ـ «مراكز الخدمات الإنمائية» ـ أو بالطريقة التي تقرّرها الوزارة، تكوين ملفات لأهالي هؤلاء المفقودين. خصوصاً أن الدراسات الأولية أفادت بأنّ 807 مفقودين متزوّجين ولديهم 3037 ولداً بمعدّل 3.76 ولداً للأسرة الواحدة. وهذا ما يؤشر إلى أن متوسط عدد أفراد الأسرة يقارب ستة أشخاص ويشير أيضاً إلى أهمية التعاون مع هذه الأسَر ورعايتها.
8 ـ من الضروري أن تستعيد وزارة الشؤون الاجتماعية بحسب قانون إنشائها والمراسيم التي تحدّد صلاحياتها، مهامها، خصوصاً على صعيد الإغاثة والشهداء والضحايا والمفقودين والمعوّقين والأسرى والمحرّرين والمعتقلين. وذلك من حيث تكوين ملفّ لكلّ من هذه الأسَر والعمل على وضع الخطط والبرامج والمشاريع التي تلبّي حاجاتهم وحاجات أسَرهم وإعادة دمجهم الاجتماعي ليساهموا في بناء وطنهم.
المطلوب أن تؤمّن الاعتمادات اللازمة لذلك، والتعالي عن المواقف الكيدية ضدّ هذه الفئات وضدّ الوزارة. والأمثلة كثيرة على ذلك.
مع الأمل أن يتجاوب الخاطفون، الحاكمون اليوم، مع أنّ الأمل ضعيف لأنهم لم يتغيّروا ولم يتوبوا ولم يدفعوا كفّارة.