الاعترافات تطاول الداعمين والمموّلين… وشاكر إلى منزل ذويه في «الطوارئ»

محمد حميّة

تفاعل حدث إلقاء الأمن العام القبض على« الشيخ» الفارّ أحمد الأسير في مطار بيروت الدولي السبت الماضي، فيما تبقى الانظار مشدودة إلى التحقيقات الاولية مع الأسير والمعلومات التي سيدلي بها للأجهزة والتي ربما تحدث زلزالاً أمنياً وسياسياً كما تقول مصادر.

في كانون الثاني عام 2011 أُسقِطت حكومة سعد الحريري، ما أثار ردود فعل واسعة في الشارع السنّي، لا سيما في طرابلس، حيث نظم تيار المستقبل وقوى «إسلامية» متطرفة اعتصاماً في ساحة النور وسمي آنذاك بـ«يوم الغضب»، وكانت كلمة الصحافي محمد سلام الذي ينتمي إلى تيار المستقبل لافتة، إذ «تنبّأ» سلام بأحمد الأسير قائلاً: «اسمعي يا سماء، استفاق المارد السنّي».

ظهر «المارد السنّي» وانطلق في حزيران 2012 في رحلته الطويلة، فنفّذ اعتصاماً في ساحة الشهداء في بيروت دعماً المعارضة السورية المسلحة وصبّ جام غضبه وتحريضه على النظام في سورية.

وبدأ «الشيخ» تحريضه وتهجماته على أعلى مستوى من الشتائم ضد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وضد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ونفّذ وأنصاره اعتصامهم عند دوّار صيدا وقطعوا الطريق.

نجح الجيش اللبناني في 23 حزيران 2013 بالسيطرة الكاملة على محيط مسجد بلال بن رباح بعد اشتباكات مسلحة في عبرا بين عناصر الأسير والجيش. انتهت بفرار الأسير إلى جهة مجهولة، ليصدر قاضي التحقيق العسكري في بيروت قراراً اتهامياً طلب فيه الإعدام بحق أربعة وخمسين شخصاً، بينهم الأسير.

لا شك ان هذا الإنجاز الأمني النوعي يضاف إلى سجل إنجازات الأمن العام في مكافحة الإرهاب وبالتالي سيميط اللثام على الكثير من العمليات الإرهابية التي بقيت تفاصيلها طيّ الكتمان، كما ستسهّل على الأجهزة القاء القبض على رؤوس إرهابية أخرى، فضلاً عن مشغلي الأسير ومموليه من شخصيات سياسية ودول خليجية.

في مطار بيروت الدولي رسمت النهاية، نهاية أسيرٍ أسر صيدا وكاد أن يدخل لبنان كله في الأسر، لكن الأسير حرر صندوق أسراره، وتدحرج مسلسل الاعتقالات لإرهابيين متوارين عن الانظار، لكن هل يشمل صندوق الأسير الاسود شخصيات سياسية غطت الإرهابيين وأعمالهم؟

الأسير كان متوارياً عن الانظار ولم يظهر بشكلٍ علني داخل مخيم عين الحلوة، إلا أن معلومات توفرت للأجهزة الأمنية عن أنه داخل المخيم ويدخل إليه ويخرج منه تحت غطاء بعض التنظيمات المتطرفة، وأنه كان يتنقل بين منزلٍ وآخر في المخيم.

دور القوى الفلسطينية كان مسهلاً للأمن العام في انجاح العملية، فالمخيم اتحد على ضرورة أن يسلم الأسير نفسه، وبالتالي لن تحصل أي تداعيات أو ردود فعل داخل المخيم.

فضل شاكر يتحرك منذ ثلاثة أشهر في منطقة الطوارئ والتعمير التحتاني في منزل عائلته ومكث فترة في المخيم ثم خرج منه، وهو يسعى منذ زمن إلى تسليم نفسه ويتواصل مع الأجهزة الأمنية، كما أن سياسيين رفضوا أن يسلم شاكر نفسه للقضاء.

وتوالت اعترافات الأسير لتطاول المحيطين والعاملين ضمن دائرة النائب بهية الحريري لتحوم شبهات حول القصر، إذ استُدعي المدعو محمد علي الشريف وهو يعمل لدى آل الحريري في صيدا كمدير للمشتريات في فيلا الحريري، وذلك للاستماع إليه من قبل الأجهزة الأمنية المختصة.

لا شك أن ظاهرة الأسير لم تأت من العدم، بل من خلق الأسير كان يعد لمشروع أمني وسياسي ووضع في خدمة تنفيذه الأموال والدعم السياسي والحماية الأمنية الرسمية التي قدمت جميعها للأسير وأنصاره.

أهمية هذا الإنجاز ودور المنظمات الفلسطينية، ما هي تداعيات هذا الحدث على الساحة الداخلية وعلى الخلايا الإرهابية التي ما زالت موجودة، وما هي حقيقة علاقة الأسير ببعض الدول والشخصيات السياسية اللبنانية؟ وهل ستضغط بعض الجهات الداخلية والخارجية باتجاه اقفال هذا الملف؟ أو ادخاله بصفقة التبادل في ملف العسكريين المخطوفين لدى تنظيمي «داعش» و«النصرة»؟ واستطراداً أين المطلوب فضل شاكر؟

رحلة الأسير تنتهي في المطار

في إنجاز أمني نوعي يضاف إلى سجل إنجازاته في مكافحة الإرهاب، أوقف الأمن العام الشيخ الفار أحمد الأسير يوم السبت الماضي، أثناء محاولته مغادرة البلاد عبر مطار بيروت الدولي متوجهاً إلى نيجيريا عبر القاهرة.

وأعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنه «عند الساعة 10:30 من يوم السبت، وأثناء محاولة الشيخ الفار أحمد الأسير مغادرة البلاد عبر مطار بيروت الدولي إلى نيجيريا عبر القاهرة، مستخدماً وثيقة سفر فلسطينية مزوّرة وتأشيرة صحيحة للبلد المذكور، أوقف من قبل عناصر الأمن العام وأحيل إلى مكتب شؤون المعلومات في المديرية المذكورة حيث بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص».

ونفى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في تصريح «كلّ ما قيل عن علاقة لأجهزة أمنية خارجية في عملية إلقاء القبض على الإرهابي أحمد الأسير»، مؤكداً أن «لا علاقة لأيّ جهة فلسطينية او سياسية بإلقاء القبض على الأسير بل جاء بفعل مراقبة حثيثة ومتابعة من قبل الأمن العام».

وكرّت سبّحة التوقيفات

وفور توقيف الأسير، بدأ عناصر الأمن العام والأجهزة الأمنية التحرك سريعاً لتوقيف عدد من الأشخاص المرتبطين بالأسير قبل هروبهم بعد اعتقاله، فداهمت شعبة المعلومات في الأمن العام، محلاً لتصليح «الاشبمانات» في المدينة الصناعية في منطقة سينيق عند مدخل صيدا الجنوبي يعود للبناني عبد ش. وهو من مناصري الأسير. كما أوقفت مخابرات الجيش في صيدا حسام رفاعي ومصعب قدورة شقيق معتصم قدورة والمواطن محمد النقوزي لارتباطهم بمجموعة الأسير ولاعترافهم بلقاء مجموعات إرهابية والتخطيط لاستهداف مراكز الجيش.

إنه الأسير

وبعد الشكوك التي أثيرت حول هوية الشخص الذي ألقي القبض عليه أنه فعلاً أحمد الأسير، نظراً إلى التعديلات التي أدخلها الأسير على شكله الخارجي، حسم مدعي عام التمييز القاضي سمير جمود الأمر، أن الشخص هو الأسير، وأكد حمود أن نتائج فحص الحمض النووي للإرهابي أحمد الأسير جاءت مطابقة للعيّنات التي أخذت من والديه.

ثلاث سنوات من التحريض والإرهاب

أحمد الأسير الحسيني، من مواليد 1968 ولد في صيدا، تابع الدراسة الشرعية في كلية الشريعة التابع لدار الفتوى في بيروت، والدته شيعية من بلدة صور، جدّه هو يوسف بن عبد القادر بن محمد الحسيني. أما لقب الأسير، فاشتهرت به عائلته لأن أحد أجداده أسره الفرنجة في مالطة ولما عاد إلى صيدا عُرف بين مواطنيه باسم «الأسير».

في كانون الثاني عام 2011، أُسقِطت حكومة سعد الحريري ما أثار ردود فعل واسعة في الشارع، لا سيما في طرابلس حيث نظم تيار المستقبل وقوى إسلامية متطرفة اعتصاماً في ساحة النور وسمي آنذاك بـ«يوم الغضب»، وكانت كلمة الصحافي محمد سلام الذي ينتمي إلى تيار المستقبل لافتة، إذ «تنبأ» سلام بأحمد الأسير قائلاً: «اسمعي يا سماء، استفاق المارد السنّي».

ظهر «المارد» وانطلق في حزيران 2012 في رحلته الطويلة، فنفّذ اعتصاماً في ساحة الشهداء في بيروت دعماً للمعارضة السورية المسلحة وصب جام غضبه وتحريضه على النظام في سورية.

13 آذار 2013 بدأ «الشيخ» تحريضه وتهجماته على أعلى مستوى من الشتائم ضد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وضد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ونفذ وأنصاره اعتصامهم على دوّار صيدا وقطعوا الطريق، اما الطريق الدولية على البحر، فبقيت مفتوحة، لكن حركة السير في المدينة جُمّدت وحصلت اعتداءات كثيرة على المواطنين المتوجهين ذهاباً وإياباً بين بيروت والجنوب، وبعد مفاوضات اخذت اسبوعاً، أزال الأسير الخيم وعدّة الاعتصام بعد الاجتماع الذي عقده معه وزير الداخلية الاسبق مروان شربل.

الجيش ينهي الأسير

23 حزيران 2013، وبعد اشتباكات مسلّحة في عبرا بين الجيش اللبناني ومجموعة الأسير التي كانت متحصنة وتحتمي في مسجد بلال بن رباح، نجح الجيش بالسيطرة الكاملة على محيط المسجد وشهدت بلدة عبرا القديمة حركة نزوح باتجاه قرى وبلدات شرق صيدا وجزين والى مدينة صيدا، وقد سقط من الجيش مجموعة من الشهداء خلال المعركة وهم الملازم أول سامر جريس طانيوس والملازم جورج اليان بو صعب والرقيب علي عدنان المصري والجندي الاول رامي علي الخباز والجنديان بلال علي صالح وإيلي نقولا رحمة.

شباط 2014، أصدر قاضي التحقيق العسكري في بيروت قراراً اتهامياً طلب فيه تنفيذ عقوبة الإعدام بحق أربعة وخمسين شخصاً، بينهم الأسير، في ما يتعلق بأحداث عبرا. واتهم القرار الأسير والمطلوبين الآخرين بالإقدام على تأليف مجموعات عسكرية تعرضت لمؤسسة الدولة المتمثلة بالجيش، وقتل ضباط وأفراد منه، واقتناء مواد متفجرة وأسلحة خفيفة وثقيلة استعملت ضد الجيش.

حبلص والطريق إلى الأسير

12 نيسان 2014، تمكنت قوى الأمن الداخلي من قتل المطلوبَين إلى القضاء أسامة منصور وأحمد الناظر خلال عملية القاء القبض على المطلوب الشيخ خالد حبلص في باب الرمل في طرابلس، وقد وصفت هذه العملية بـ«الصيد الثمين». وأحيل حبلص إلى المحكمة العسكريّة للإدلاء بإفادته عند قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا.

واعترف حبلص أنه آوى الأسير في منطقة القبة في الآونة الماضية. وأنه، قبل اعتقاله بيومين فقط في نيسان الماضي، أعاد الأسير إلى صيدا، كما أقر حبلص أن الأسير شارك في معارك بحنين في 24 تشرين الأوّل الماضي، وكشف أنّ مجموعة الأسير التي كانت متمركزة إلى جانب مطعم «الصّديق» بقيادة «أبو خالد النقوزي» هي التي استهدفت الجيش.

على إثر اعترافات حبلص نفذ الجيش اللبناني في 24 تشرين الأوّل الماضي، مداهمات عدة في عدد من المناطق اللبنانية، لا سيما في صيدا، بحثاً عن الأسير ونفذ اعتقالات بحق أنصاره.

إنجاز متقدّم ونوعيّ

وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل في تعليقه على إلقاء القبض على الأسير يشير في حديث لـ«البناء» إلى أن العمل الوحيد الذي ندم عليه في حياته أنه ذهب إلى الأسير وتحدث معه لإقناعه بإزالة الخيم، «لعرف كل اللبنانيين ماذا كان سيحصل لو لم أذهب واقنعه بذلك، لأن الأسير كان يخطط لإحداث فتنة ـ سنّية شيعية كبيرة وكنت أعرف ذلك وكان لدي معلومات خطيرة جداً عن هذا المخطط وتحملت وعضضت على جرحي وكرامتي لكي أمرر هذه المرحلة».

ويضيف شربل: «كما ذهبت إلى صيدا لإزالة خيم اعتصام الأسير ومناصريه، ذهبت لإزالة خيم اعتصام الإسلاميين في مستديرة عبد الحميد كرامي في طرابلس قبل شهر من اعتصام الأسير ولم يتحدث أحد عن ذلك».

وأشاد شربل بعملية إلقاء القبض على الأسير، واصفاً إياها بالتقدم النوعي والتقني لجهاز الأمن العام، لا سيما على صعيد مكافحة الإرهاب، وقال: «العلاقة الجيدة بين رجل الأمن والمدنيين لعبت دوراً هاماً في هذه العملية من خلال تاليف شبكة مخبرين فعالة تتعامل مع الأجهزة الأمنية، لأن ليس كل المخبرين صادقين».

ويلفت إلى أن «المعلومات عن تحركات وانتقال الأسير توفرت للأمن العام لا لفرع المعلومات أو لفرعٍ آخر، فكل الأجهزة كانت تعمل على إلقاء القبض عليه إلا ان المعلومات أتت للامن العام».

وأشار شربل إلى تصريح اللواء إبراهيم بأنها عملية أمنية نظيفة لم يتدخل فيها أي جهاز أمني خارجي، مؤكداً أن الأمن العام لديه الكفاءة الكاملة للعب دور في الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب.

وتابع شربل: «منذ أن تسلمت وزارة الداخلية عملت مع اللواء إبراهيم على إنشاء فرع للمعلومات في الأمن العام كما شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي وعززناه بكل الوسائل التقنية وتدريب لعناصر أمنية كما في قوى الأمن الداخلي والجيش».

وقال: «عند انتهاء أحداث عبرا لاحقت استخبارات الجيش الأسير لكن لم تتوفر لديها معلومات بعد هروبه من المعركة بأنه دخل إلى مخيم عين الحلوة.

وعلى رغم أن الأسير لم يعلن ولاءه لأي من التنظيمات الإرهابية لا لـ«داعش» ولا لـ«جبهة النصرة»، إلا أن شربل لم يستبعد حصول تسوية في القضية من خلال وضع إسم الأسير على لائحة مطالب «جبهة النصرة» من ضمن الأسماء المطروحة لعملية التبادل مقابل العسكريين المخطوفين، هذا في حال كان الأسير شخصاً مهماً لدى التنظيمات الإرهابية.

وتوقع شربل أن يعترف الأسير على كل الإرهابيين الذين عملوا أو تواصلوا معه والجهات التي دعمته داخلية كانت أم خارجية، ولفت إلى أن الأجهزة تعمل على اعتقال البعض منهم لكن كثير منهم فروا وتخفوا منذ الإعلان عن اعتقال الأسير، لكن الامر المهم أن الأجهزة تمكنت من الحصول على الأسماء التي وردت في اعترافات الأسير.

ويعتبر شربل أن المرحلة التي مر بها لبنان خلال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كانت أخطر مرحلة وأكثرها حساسية، فكانت المعارك في سورية على أشدها وتظاهرات في لبنان في الوقت نفسه بين مؤيدة ومعارضة للنظام في سورية. «ونزلت حينها ووقفت بين المظاهرتين للفصل بينهما، فضلاً عن التفجيرات التي حصلت في عدد من المناطق اللبنانية لا سيما في الضاحية، ولو لم تكن لدي الخبرة العسكرية والأمنية اللازمة لما كانت مرت هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة، كما أن الظروف السياسية تختلف بين مرحلة وأخرى لأن الأجهزة الأمنية تحتاج إلى غطاءٍ سياسي لتقوم بواجباتها على أكمل وجه».

خطر ردود فعل إرهابية وارد

وهنأ شربل الأمن العام واللواء إبراهيم وفرع المعلومات والجيش اللبناني على جميع الاعمال الناجحة التي يقومون بها، ودعاهم إلى المثابرة لأنه صحيح أن الأمن مستقر نسبياً لكن لكل يوم بيومه.

وتوقع شربل ردود فعل وعمليات إرهابية وتفجير سيارات مفخخة أو اغتيالات، رداً على إلقاء القبض على الأسير، لأنه من دون اعتقال الأسير المخاوف والاحتمالات كانت واردة فكيف الآن؟

انتهاء الظاهرة

وأكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد هشام جابر لـ«البناء» أن ظاهرة أحمد الأسير انتهت في مرحلتها الأولى يوم انتهت أحداث عبرا عام 2013 والفضل بذلك يعود إلى فوج المغاوير في الجيش اللبناني، أما المرحلة الثانية فتمثلت بالإنجاز الذي حققه الأمن العام بإلقاء القبض على الأسير الذي لم يعد لديه الغطاء الأمني والسياسي الذي حظي به في السابق بعدما تخلّوا عنه.

ويشير جابر إلى أن ما حققه الأمن العام إنجاز أمني كبير وأثبت هذا الجهاز تفوقاً وقدرة على اكتشاف رؤوس وخلايا إرهابية، إضافة إلى التقدم التقني لا سيما في مطار بيروت وقدرته على كشف مئات الوثائق المزورة.

وقال: «كما يعتبر إنجازاً معنوياً اكثر من أنه إنجاز مادي يتطلب إخراج المعلومات من الأسير، اما المعنوي فهو اثبات وإظهار أن يد العدالة قادرة أن تطال المجرمين مهما علا شأنهم»، مشيراً إلى تعاون كل الأجهزة الأمنية مع بعضها.

وأوضح أن الخلايا الإرهابية ليست موسعة وكبيرة بل منفصلة عن بعضها، ما يصعب على الأسير وغيره ان يعرفها كلها بل يعرف جزءاً منها ويجهل الآخرين، واعتبر أن هذا الإنجاز سيؤدي إلى المزيد من التماسك والاستقرار الأمني على رغم الضعف الذي تعيشه المؤسسات السياسية وهشاشة الدولة والانقسام السياسي الحاصل.

وقال: «الأسير اعترف بمعلومات في غاية الأهمية، الا أن الاصول المهنية في عمل الأجهزة تقتضي التكتم على المعلومات التي تحصل عليها من اعترافات الموقوفين ولا عن المداهمات والاعتقالات لكي لا تتسرب المعلومات ما يسهل على المطلوبين الهرب».

ولفت العميد جابر إلى ان الأسير سينقل إلى وزارة الدفاع ليحقق معه فرع الاستخبارات في الجيش الذي يعتبر فرعاً عريقاً وفاعلاً وأقوى الأجهزة الأمنية في لبنان، فضلاً عن أن الضحايا في أحداث عبرا هم 18 شهيداً من الجيش اللبناني، كما أن استخبارات الجيش في الجنوب لديها ملف كامل عن الأسير.

شبهات حول القصر

وتوالت اعترافات الأسير لتطاول المحيطين والعاملين ضمن دائرة النائب بهية الحريري، إذ استُدعي المدعو محمد علي الشريف وهو يعمل لدى آل الحريري في صيدا كمدير للمشتريات في فيلا النائب بهية الحريري، وذلك للاستماع إليه من قبل الأجهزة الأمنية المختصة. وكان الأسير قد اعترف خلال التحقيق معه أن هذا الشخص كان يتعامل معه دائماً وأنه قام بإيوائه لمدة يومين بعد حوادث عبرا مباشرة، أي قبل انتقاله إلى مخيم عين الحلوة.

وسرعان ما نفت الحريري جملة وتفصيلاً، ما قالته زوجة الأسير عقب إلقاء القبض عليه، والتي أكدت أن الحريري وعدت أهالي موقوفي عبرا ببذل جهدها لحل ملف أولادهم والإفراج عنهم ولكنها ستسعى لتعليق مشنقة الأسير.

وأضافت الحريري: «الأسير هو مطلوب للعدالة ومن الطبيعي أن تأخذ العدالة مجراها»، مؤكدة أن لا علاقة لها بالأحكام التي ستصدر عن المحكمة مطلقاً.

ورفضت الحريري الرد على تصريحات زوجة الأسير قائلة: «يروحوا يقبعوا شوكن بإيدهن ويتحملوا مسؤولية أفعالهن».

قطر تخلت والمستقبل خاف

وأشار إمام مسجد ابراهيم في صيدا الشيخ صهيب حبلي في تصريح لـ«البناء» إلى أن الدعم الذي كانت تؤمّنه النائب الحريري للأسير كان ظاهراً من خلال تغطية نشاطات الأسير عندما كان في أوج انتشاره وصعوده وأيضاً بعد هروبه، وكما قيل أن الدعم المالي يقارب حدود المليار ونصف ليرة لبنانية شهرياً.

ويعزو حبلي التخلي عن الأسير بسبب تسويات سياسية حصلت، فقطر لم يعد لها مصلحة به كنا أن تيار المستقبل ايضاً خاف من افتضاح امره بأنه استثمر ظاهرة الأسير للعب على وتر الفتنة والضغط السياسي على المقاومة.

وشدد حبلي على أن الصيداويين منقسمون في نظرتهم للحالة الأسيرية، فمنهم المتعصب الذي يعتبر كما روج الأسير في تسجيلاته ان ما يجري هو مؤامرة على أهل السنة والجماعة ومنهم من يعتبر ان الأسير أخطأ وتحركه جهات خارجية، اما نظرة الشارع السنّي بالعموم فهو للاسف مرتبط بتوجهات بهية الحريري ومواقفها.

الدور الفلسطيني

وأكدت مصادر أمنية فلسطينية داخل المخيم لـ«البناء» أن الأسير كان متوارياً عن الانظار ولم يظهر بشكلٍ علني داخل مخيم عين الحلوة، وتوفرت للأجهزة الأمنية معلومات عن أنه داخل المخيم ويدخل إليه ويخرج منه تحت غطاء بعض التنظيمات المتطرفة، وأنه كان يتنقل بين منزلٍ وآخر في المخيم.

تنسيق دائم مع الأجهزة الأمنية

وأشارت المصادر إلى أن قوى التحالف الفلسطيني واللجنة الأمنية المشتركة في المخيم على تنسيق دائم على كل المستويات مع كل الأجهزة الأمنية اللبنانية من الأمن العام وفرع المعلومات واستخبارات الجيش للمحافظة على أمن المخيم والجوار، حتى الأحداث التي شهدها المخيم مؤخراً حوصرت.

وأضافت المصادر: «راهنت بعض الجهات على جرّ المخيم للمشاركة بالأحداث الأمنية في لبنان، لا سيما بعد الاحداث الأمنية في الشمال وعرسال، لكن كان هناك حرص عند الجميع بمن فيهم القوى الإسلامية لعدم الانجرار وعملت كل القوى في المخيم لعدم مشاركة الواقع الفلسطيني بأي حدث أمني خارج المخيم، لأن مخيم عين الحلوة هو المقر الوحيد الآمن بين مخيمات لبنان».

ونفت المصادر أن يكون الدور الأكبر للقوى الفسلطينية في عملية إلقاء القبض على الأسير، لكنها أكدت الدور الفعال بالتسهيل للأمن العام بإلقاء القبض عليه، وأضافت: اتفق الجميع على أنه إذا وجد الأسير في المخيم عليه تسليم نفسه، لأن «اللي فينا مكفينا». وذكرت المصادر بما حصل مع شادي المولوي عندما دخل إلى المخيم وتوافقت القوى الفلسطينينة على ضرورة أن يخرج كما دخل، ولا أحد في المخيم مستعداً أن يحميه.

لا لـ«الحريق العربي» في المخيم

ولفتت المصادر إلى أنّ أي شخص داخل المخيم يعي المخاطر المحيطة في المحيط من سورية والعراق واليمن وليبيا ولبنان، وجزمت بأنه لن يكون للفسلطيين اي دور بالأحداث الأمنية في لبنان، «إنما مصلحتنا الوحيدة الحفاظ على امن المخيم لأن ما يسمى الحريق العربي أبعد الامة عن فلسطين تحت شعارات متعددة، وما يهمّ الشعب الفلسطيني عودة الوحدة العربية ودعم القضية الفلسطينية».

وجزمت المصادر بعدم حصول أي تداعيات أو ردود فعل داخل المخيم نتيجة إلقاء القبض على الأسير، وأكدت المصادر أن قوى التحالف تتواصل مع جميع الاطراف ومع الشباب المسلم، بأن لا مصلحة بالقيام بأي ردود فعل لأن الموضوع عند القضاء اللبناني، وهذا شأن قضائي داخلي وستتم محاكمة الأسير بحسب القوانين اللبنانية.

وكشفت المصادر أن المطلوب فضل شاكر يتحرك منذ ثلاثة أشهر في منطقة الطوارئ والتعمير التحتاني في منزل عائلته، ومكث فترة في المخيم ثم خرج منه. وأشارت إلى أن شاكر يسعى منذ زمن حتى قبل اشتباكات عبرا إلى تسليم نفسه وتواصل مع الأجهزة الأمنية وكان يتحدث إلى جميع الفصائل، لكن سرعة الحدث الأمني منعه من ذلك، وكشفت أن جزءاً من السياسيين رفض ان يسلم شاكر نفسه للقضاء، وشددت المصادر على أن المخيم هادئ الآن لكن ليس مئة في المئة نتيجة بعض المشاكل الفردية التي تحصل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى