تمخّضت جامعة العرب فأنجبت خطة لمواجهة «داعش»…
سعدالله الخليل
اجتماع عاجل لما أطلق عليه يوماً من الأيام جامعة الدول العربية لمناقشة التطورات المتسارعة في ليبيا عقب تمدّد تنظيم «داعش» على الأراضي الليبية بعد سيطرته على مدينة درنة وتمدّده إلى وسط البلاد، مستفيداً من الصراع القائم بين الجيش الليبي وقوات فجر ليبيا للسيطرة على المواقع النفطية وهو الذي بدا مقلقاً لعربان الجامعة فوافق أعضاؤها بالإجماع على طلب تقدمت به الحكومة الليبية للحصول على مساعدة عسكرية في مواجهة التنظيم الذي استولى على حقل المبروك النفطي جنوب سرت ويضع نصب أعينه منطقة الهلال النفطي حيث المخزون الأكبر من النفط كونها تضمّ مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة.
بالرغم من أنّ التنظيم سيطر على مدينة درنة منذ التاسع عشر من تشرين الثاني، إلا أنّ جامعة الدول العربية لم تتحرك نصرة للشعب الليبي إلا حين شكل التنظيم خطراً على المناطق النفطية وموانئ التصدير الحساسة حيث الخط الأحمر الممنوع تجاوزه في الفكر والعقلية التي شكلت القاعدة والركيزة الأساسية في أي تحرك للجامعة ومن ورائها القوى الكبرى في حروب المنطقة منذ مطلع القرن الحالي عندما برزت فكرة غزو العراق ولم يجد المسؤولون الغربيون والعرب حرجاً في التصريح بأنّ النفط هو على رأس أهداف سياسات بلدانهم فوزير الدفاع الأميركي بول وولفويتز أجاب على سؤال في مؤتمر الأمن في آسيا عام 2003 حول غزو واشنطن العراق والتي لم تغزُ كوريا الشمالية التي تملك مفاعلاً نووياً، بالقول: «هذا البلد يعوم على بحر من النفط»، وهو ما أكده تشاك هجيل الذي تواجد في المؤتمر وأصبح وزيراً للدفاع عام 2013، كما أنّ رسائل البريد الكتروني لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون تشير إلى مخاوف بشأن موارد الطاقة والتي كانت وراء تدخل حلف شمال الأطلسي «ناتو» في ليبيا.
الجامعة التي باركت، بل استجلبت العدوان على ليبيا بالذهاب إلى مجلس الأمن وطلب شنّ عدوان عليها تعود إلى وضع استراتيجية عسكرية لمساعدة ليبيا في مواجهة الإرهاب وعودة الحديث عن إنشاء القوة العربية المشتركة، تتطلب اجتماعات ومداولات وقرارات وفق منطق الجامعة ومحاولاتها ذر الرماد في العيون فيما خرج نبيلها العربي ليزف البشرى بأنّ الدول الأعضاء قرّرت اتخاذ التدابير اللازمة لإعادة الأمن والسلام في ليبيا، وتوفير الدعم السياسي والعسكري لصون وحماية السيادة الليبية، من دون أن يبلغ الرأي العام من أول من بارك اختراق السيادة الليبية وهل تقع طائرات «ناتو» والدول العربية التي شاركت في تدمير الدولة الليبية وإيصالها إلى ما آلت إليه ضمن مفهوم السيادة الليبية.
تجارب الجامعة الفاشلة أو المشبوهة في تدمير البلدان العربية لم تجلب سوى الحروب الأهلية وسيطرة القوى المتطرفة سواء بنموذج القوة الضاربة كما في ليبيا أو اختطاف السلطة عبر المبادرات الفاشلة بالنموذج اليمني وفي الحالتين فعل الدور الخليجي المسيطر على الجامعة فعله، فتمكن تنظيم القاعدة من التمدّد في المشهد اليمني تحت مُسمّى المقاومة الشعبية وبدا تنظيم «داعش» كقوة فاعلة مسيطرة وما نجحت فيه الجامعة في ليبيا واليمن فشلت في تمريره في سورية رغم محاولاتها استجداء التدخل العسكري أو محاولة تكرار السيناريو اليمني.
من ليبيا إلى اليمن إلى سورية تمخضت الجامعة فأنجبت استراتيجية لوقف تمدّد «داعش» قوامها قوة عسكرية مشتركة على الورق، وشعارات نبيل العربي يبدّد بها صمت أروقة مبنى الجامعة وإذا عقد العرب العزم على القضاء على تنظيم» داعش» بهمّة الجامعة فاليقين اليقين بأنه إلى تمدُّد.
«توب نيوز»