أكبر من أن يُحكى عنه بكلمات

علي القيم

لقد شكل اغتيال العالم الأثري الكبير خالد الأسعد صدمة كبيرة لنا جميعاً، نحن أصدقاء هذا الإنسان الكبير الذي أمضى كلّ حياته في الكشف والتنقيب والبحث عن آثار مملكة تدمر، هذه الإمبراطورية الرائعة التي ذاع صيتها في شتى أرجاء العالم القديم، وشكّلت نقطة تحوّل في تاريخ سورية والهلال الخصيب وآسيا الصغرى.

لقد كان خالد الأسعد عالماً بكلّ ما للكلمة من معنى، وإنساناً كبيراً وكريماً أعطى كلّ جهده للكشف عن آثارأجداده وعن آثار مملكة تدمر التي تعتبر حلم كلّ عاشق للحضارة لكي يأتي إليها من شتى أنحاء العالم، كي يطّلع على مكامن الحضارة في معبد «بل» والمسرح الأثري والقبور الأرضية وعدد من كنوز هذه المدينة، إضافة إلى الإطلالة الرائعة التي تعطيها للزائر من بعيد.

كتب الراحل عن تدمر وآثارها، وتابع كلّ مكتشفات الآثار فيها منذ 50 سنة وأكثر، وحتى بعد تقاعده أجرى عدداً من البحوث والدراسات بلغات عدّة منها العربية والإنكليزية والفرنسية. وعمل مع البعثات الوطنية والأجنبية التي زارت مدينة تدمر والبادية السورية، وكان من أهمّ علماء الآثار الذين عملوا بحبّ وشغف ودقة علمية.

إنّ هذه الجريمة لا يمكن إلّا أن تكون دافعاً لكلّ علماء الآثار ليستنكروا هذا الفعل المشين. وندعو إلى تكريم الباحث خالد الأسعد وجمع كل أعماله وأبحاثه وكل ما يحفظ ذاكرته في الوجدان والتاريخ.

إن «داعش» لا يقدّر قيمة أي شيء، ولا العالِمَ ولا الباحِث ولا أيّ مفكر أو إنسان ارتبط بوطنه حتى اللحظة الأخيرة من حياته. فـ«داعش» وتوابعه لا علاقة لهم لا بالتاريخ ولا بالحضارة ولا بالإنسانية. وهُمْ وصمة عار على جبين كلّ من يدعم الإرهاب ويموّله.

إنّ خالد الأسعد عالم كبير وأكبر من أن يُحكى عنه بكلمات، وهو شخصية محفورة في قلوب كلّ العاملين في مديرية الآثار والمتاحف، وفي قلوب كلّ من زار تدمر وشهد طيب أخلاقه وكرمه وجهده الكبير في إيصال تاريخ مملكة تدمر وزنوبيا إلى العالم وبكل اللغات حتى باللغة اليابانية، فقد ساعد في تقديم الأبحاث وترجمتها إلى اللغة اليابانية لينقل هذه الحضارة إلى العالم أجمع.

باحث سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى