«المستقبل» وإزدواجية المعايير تجاه الإرهاب

محمد حمية

في أيار 2007 اندلعت أحداث نهر البارد بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الإسلام» وانتهت المعارك التي دامت 106 أيام بانتصار الجيش الذي سقط له 168 شهيداً، فيما تمكن زعيم التنظيم شاكر العبسي من الهرب من المخيم، وقيل لاحقاً إنّ تسوية جرت لتهريبه، كما اتُّهمت النائبة بهية الحريري بتقديم الدعم المادي لـ«فتح الاسلام».

خلال أحداث السابع من أيار 2008، ارتكبت مجموعة من المسلحين، مجزرة بحق عناصر الحزب السوري القومي الاجتماعي في حلبا وراح ضحيتها 11 شهيداً.

في أيار العام 2012 اعتقل الأمن العام اللبناني شادي المولوي في مكتب الوزير محمد الصفدي الاجتماعي في طرابلس بتهمة الإنتماء إلى تنظيم إرهابي، إلا أنّ ضغطوطاً سياسية وشعبية، لا سيما من تيار المستقبل مورست على القضاء لإخلاء سبيله وعاد الى طرابلس وسط احتفالات وإطلاق نار ليظهر لاحقاً أنه عراب الانتحاريين وأمير «جبهة النصرة» في طرابلس وليثبت القضاء بعد حين انتماءه الى «الجبهة».

أكثر من عشرين جولة قتال بين باب التبانة وجبل محسن في طرابلس خاضها قادة المحاور ليذهب ضحيتها عشرات العسكريين والمدنيين، وليخرج وزير العدل المحسوب على «المستقبل» أشرف ريفي ليعلن بأنّ قادة المحاور هم «أبناؤنا ونفتخر بهم» ومن ضمنهم أسامة منصور وأحمد الناظر والشيخ خالد حبلص.

باخرة «لطف الله 2» المحمّلة بالسلاح التي ضبطها الجيش اللبناني التي كانت متجهة إلى مرفأ طرابلس، كمين الجيش السوري في تل كلخ بمجموعة من المسلحين اللبنانيين من طرابلس أثناء انتقالهم بطريقة غير شرعية إلى الأراضي السورية، «مساعدات» النائب في كتلة المستقبل عقاب صقر للنازحين السوريين.

عميد حمود عقيد متقاعد من الجيش اللبناني، والمسؤول العسكري لـ «تيار المستقبل» في الشمال، عُرف بأنه «عراب المسلحين في طرابلس»، وبحسب المعلومات الأمنية، فقد كان صاحب اليد الطولى التي موّلت المجموعات المسلّحة في باب التبانة وخارجها والمسؤول عن الأحداث الامنية في الطريق الجديدة والإعتداء على الجيش. كما أنه من أبرز المتورّطين بعمليات تهريب السلاح إلى سورية، وفي صفقات السلاح وباخرة «لطف الله 2» والمتهم الأول في قضية اغتيال المسؤول بحركة التوحيد الإسلامي الشيخ عبد الرزاق الأسمر.

في نيسان 2015 أحالت المحكمة العسكرية ملف حمود إلى النيابة العامة التمييزية لاتخاذ القرار المناسب بشأنه، بعد إفادة الموقوفين زياد علوكي وسعد المصري بأنّ حمود هو مصدّر السلاح في اشتباكات طرابلس.

آب العام 2014 وإثر توقيف الجيش عماد أحمد جمعة، للإشتباه بانتمائه إلى «النصرة»، شن تنظيما «النصرة» و«داعش» هجوماً واسعاً على مواقع وثكنات الجيش وقوى الامن الداخلي في عرسال أدّت الى استشهاد 19 عسكرياً و86جريحًا و39مخطوفاً، فيما تظهر تصريحات قيادات ومسؤولي المستقبل رفض ايّ قرار سياسي لدخول الجيش الى عرسال لإنهاء ظاهرة الإرهاب وتحرير العسكريين تحت ذرائع متعددة.

في كانون الثاني عام 2011، أُسقِطت حكومة سعد الحريري ما أثار ردود فعل واسعة في الشارع، حيث نظم تيار المستقبل وقوى إسلامية متطرفة اعتصاماً في ساحة النور وسمي آنذاك بـ«يوم الغضب»، وكانت كلمة الصحافي محمد سلام الذي ينتمي إلى المستقبل لافتة، إذ «تنبأ» سلام بأحمد الأسير قائلاً: «اسمعي يا سماء، استفاق المارد السنّي».

بعد ذلك ظهر «المارد» وانطلق في حزيران 2012 في رحلته الطويلة التي حصدت العشرات من المدنيين والعسكريين من الجيش فضلاً عن قطع الطرقات والتحريض الطائفي والمذهبي بغطاء وتواطؤ من «المستقبل»، إلى أن وقع في قبضة الأمن العام السبت الماضي، لتطاول اعترافاته المحيطين والعاملين ضمن دائرة النائبة بهية الحريري.

هذه المحطات وغيرها، ترسم العديد من التساؤلات حول دور تيار المستقبل في خلق ونمو ودعم ورعاية ظواهر الارهاب بشكلٍ أو بآخر، فجميع هذه الظواهر تأسّست ونمت وترعرعت وتلقت الدعم المادي والسياسي والأمني في مناطق تخضع لسيطرته، أما ما يثير التساؤل أكثر فهو تصريحات قيادة ومسؤولي تيار «الإعتدال» التي تحمل في طياتها الغموض البناء تحت شعار «ندين الإرهاب ولكن» والتي تخفي تبريراً لما ترتكبه المجموعات الارهابية من خلال توجيه الاتهام الى فريق المقاومة وسلاح حزب الله بأنهما السبب الرئيسي لنمو ظواهر الإرهاب.

على رغم أنّ الحالة الأسيرية انتهت، إلا أنها لن تكون الظاهرة الأخيرة، فبيئة «المستقبل» الحاضنة تولد العشرات من أمثال الأسير، لكن الى متى سيبقى هذا التيار خارجاً عن القانون ومن دون محاسبة ويمارس إزدواجية المعايير تجاه الإرهاب؟ وإلى متى سيستمر في اخداع اللبنانيين بأنه تيار «الاعتدال»؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى