الانتحار والقتل… ثقافة «داعشية»!!
فدى دبوس
جريمة تلو الأخرى والضحايا هم النساء، ربّات البيوت والأمّهات، أمّا الجاني فهو الزوج وبالتالي يظهر على صورة «الجلاّد» في كلّ وسائل الإعلام… جرائم التعنيف تزدادُ يوماً بعد يوم وتغزو أخبار هذه الجرائم مواقع التواصل الاجتماعي وفي النهاية لا حسيب ولا رقيب، صيحة من هنا، ومقال من هناك وضجة إعلامية تنتهي بلا شيء.
وها نحن أخيراً وبعد إطلاق الحكم على علي الزين الذي قتل زوجته بطريقة وحشية، ها هو وسام دوريش يقتل زوجته وذنبها الوحيد أن زوجها المريض نفسياً أقدم على قتلها ومن ثمّ انتحر، وهي موضة أخرى نواجهها اليوم. ألا وهي الانتحار بعد القتل العمد وذلك للفرار من العقوبة.
كالعادة ضجّت وسائل التواصل بالخبر ليطلق كلّ شخص حكمه الخاص على الجريمة فيصبح القاضي والمحامي في الوقت نفسه، ولا تنال الضحية شيئاً سوى الشهرة بعد وفاتها لتكون عبرة لضحية مستقبلية ربما يشاء القدر أن يسلبها حضن العائلة لتذهب إلى رحمة الخالق.
في الماضي كنّا نسمع عن قصص تتداولها النسوة في ما بينهن عن قتل الزوجات والتعنيف المؤسف، لكن لم تكن هذه الأخبار شائعة كما هي اليوم، ما يدفعنا إلى إطلاق تساؤل أساسيّ في الموضوع، فهل من الممكن أن يثير شيوع هذه الأخبار والضجة الإعلامية في نفوس بعض الرجال فكرة القتل؟!
هل تعتبر ضجّة وسائل التواصل الإعلامية حول موضوع التعنيف محفّزاً آخر للتعنيف؟ أم أنها حملات تسهم في توعية النساء اللواتي يعنّفن ويسكتن؟! هل يمكن لهذه الأخبار أن تكون المنقذ أو الرادع لعدم تكرار المصائب التي بتنا نسمع عنها أخيراً وبكثرة على وسائل الإعلام؟!
هنا يختلف العديد من الناس حول فكرة أن يكون انتشار هذه الأخبار محفّزاً، معتبرين أن شيوع الأخبار وانتشارها أمر ضروري لكي تعي بعض النساء خطورة بقائهنّ مع أزواجهنّ في حالات عديدة ربما تقود بالزوج إلى الجريمة. كما أنّ الجمعيات التي ظهرت أخيراً للدفاع عن حقوق المرأة ترى أنه من الضروري انتشار الأخبار هذه بكثرة كي تأخذ النساء حذرهنّ، لكن ما يحدث في بعض الأخبار هو التضخيم الإعلامي الذي ينسى المشكلة في الكثير من الأحيان ليأتي إلى النتيجة فحسب، فيغيب التساؤل الرئيسي عن البال.
فما هو السبب الرئيسي وراء ازدياد جرائم القتل اليوم؟ والتي لم تعد مختصرة على زوج تشاجر مع زوجته وعنّفها، لأنّ القتل بات الحلّ الأسلم لجميع المشاكل. والسؤال الثاني يتمحور حول موضة الانتحار بعد القتل وعن سهولة الهروب من القصاص…
غياب المعايير وصعوبة الحياة هما السببان الرئيسيان وراء كلّ ما يحصل من جرائم وتعنيف، فضلاً عن كارثة التكنولوجيا وكثرة وسائل التواصل التي شرّعت لكلّ المحظورات أوّلها سهولة الخيانة الزوجية التي تُشرّع بكلمة بسيطة «عم نحكي بس، ما في شي». أمّا الطامة الكبرى فهي إيجاد مبرر لكلّ جريمة والخلاص من العقاب يكون في النهاية بالتذرّع بحجة المرض النفسي فمن يقتل هو مريض بالتأكيد.
على ما يبدو أن جميع هذه الجرائم باتت تظهر أننا نعود تدريجياً إلى العصر الجاهليّ، فالقتل بات وسيلة وثقافة قطع الرؤوس «الداعشيّة» باتت تتجذّر في عقول البعض الذين غابت عنهم الثقافة ليسيطر الجهل مكانها. نحن اليوم بصدد محاربة فكر «داعشيّ» يتعلّق بموضة القتل، وهي من أشرس الحروب التي علينا خوضها منعاً لسيطرة أمثال «داعش علينا مستقبلاً. وبدلاً من محاربة القتل والتعنيف ببضعة شعارات تكاد لا تفيد حتى مبتكرها، يجب علينا التفكير بإيجاد حلول لنشر المحبة والسلام، وتحسين أوضاعنا الاقتصادية التي تشكّل نحو أكثر من 70 في المئة من مشاكل الناس في بلدنا اليوم.