أميركا وخطوات الهيمنة على اليمن…
علي القحوم
لدى اليمن موقع استراتيجي مهمّ، وهو غنيّ بالثروات التي لا تزال في باطن الأرض، فهو يمثل موقعاً مهماً على الخريطة الجيو سياسية، ولذلك يتحرك الأميركيّون لفرض الهيمنة عليه. وعلى هذا الأساس تحرّكوا في إعداد سيناريو يكون مختلفاً عن أفغانستان والعراق كذلك صنع مبررات وذرائع من شأنها تهيئة المجتمع اليمني لتقبل المحتل وكذلك تهيئة الأرضية التي يريدون العمل عليها، فكانت البداية بتفجير المدمرة كول عام 2000، إذ وفد بعد هذا الحادث نحو 3000 جندي أميركي على أساس أنهم محققون فكانت ذريعة لبداية التحرك. سبق هذا الحادث عمل استخباريّ بالتنسيق مع الحكومة آنذاك، ومع بعض قيادات الإصلاح الدينية والعسكرية والسياسية، فكانت المرحلة التي سبقت كول مليئة بالعمل الدعوي الذي كانت تتبنّاه القيادات الإصلاحية والسلفية والدعوة إلى الجهاد في أفغانستان وكان فعلاً جهاداً في سبيل أميركا. وبعدما تلاشت وانكمشت عناصر الاستخبارات المسماة «القاعدة» في أفغانستان عاد بعض من أرسلهم علي محسن الأحمر والزنداني وغيرهم إلى اليمن، وبهذا بدأت أميركا تتحدث في تلك المرحلة عن أن ثمة عناصر من المدعوّة «القاعدة» ففجرت استخبارات أميركا مدمرة كول لتبدأ الهيمنة والتدخل، ثم ملأت أميركا بحارنا وجزرنا بالبارجات الأميركية وحاملات الطائرات والسفن الحربية التي ما برحت إلى اليوم معشعشة هناك تحت ذريعة القرصنة، فسيطرت أميركا على البحر والمنافذ البحرية والملاحة الدولية… ثم انتقلوا إلى الخطوة التالية وهي المطارات والأجواء اليمنية بذريعة قصة عمر الفاروق عام 2008 الذي قالت أميركا إنه كان يريد أن يفجر طائرة ركاب كانت متجهة إلى ديترويت فقامت الدنيا ولم تقعد… وصعد الأميركيون، ومثلما هو أسلوبهم في تحجيم الأمور والإفادة منها فقرر الساسة الأميركيون أن يعاقبوا اليمن لأن عمر النيجيري مر من اليمن وله علاقة بعناصر استخبارية موجودة في اليمن. هكذا يستغلّ الأميركيّون كل شيء وتزداد الهيمنة والتدخل، لتأتي بعدها مباشرة الطرود المفخخة عام 2010، إذ قدمت السعودية معلومات آنذاك إلى واشنطن، كما زعمت أن هناك طردين مفخخين آتيين من اليمن إلى أميركا، والمعروف أن لا رحلات مباشرة من اليمن والولايات المتحدة. إنما ليكتمل المسلسل والسيناريو استغلت أميركا هذه الذريعة لتصبح المطارات اليمنية تحت المراقبة ومهبط للطائرات الأميركية. إذ أصبح مطار صنعاء الدولي مهبطاً ومصعداً للطائرات الأميركية، فحولوا منطقة شرتون إلى ثكنة عسكرية أميركية وقاعدة العند إلى قاعدة جوية ونشاط استخباري أميركي مريب. فانتشرت التفجيرات وتحرّك سفيرهم في إثارة الفتن وتغذيتها وخلق صراعات بينية لإشغال أبناء الشعب اليمني وإغراقه في مستنقع الصراعات البينية كي لا يفكر في مجابهة المحتل. وفوق هذا وذاك تحرّكوا في الخطوة التالية في تسهيل وإبراز العناصر الاستخبارية في المحافظات الجنوبية وعلى نحو علني والسماح للأجانب، بخاصة العائدين من سورية، إلى دخول المحافظات الجنوبية وجعلها مسرحاً للمؤامرة والتجاذبات الدولية وهذا يعود لأسباب عدة، أولها أنها غنية بالنفط والثروات.
ثانياً: يستغلون بساطة أهلها وطيبتهم وأنهم قد يصدقون هذه المؤامرة ولن يعارضوها أو يتحركوا ضدها، بعد دراسات للمجتمعات وتقويمها، وهو استنتاج خلصت إليه الاستخبارات الأجنبية.
ثالثاً: المحافظات الشمالية صعب تنفيذ المؤامرة فيها لأن أبناءها باتوا يعون الخطر الحقيقي ويحملون السلاح ويرفضون الهيمنة والوجود الأميركي بأي شكل من أشكاله. ولذا من الصعب تنفيذ هذه المؤامرة في شمال البلاد، خصوصاً بعد اندحار التكفيريين والعناصرالأجنبية من بعض البؤر التي كانت عشعشت فيها وكان معوّلاً عليها. لكن وعي أبناء المحافظات الشمالية جعلهم يطردون تلك العناصر التكفيرية والأجنبية كي لا يبقى أي مبرر أو ذريعة، وهذا ما نأمله من أبناء الجنوب لتسلم مناطقهم من كيد الكافرين.
في المقابل، لم يسكت الشعب اليمني على الإجرام الأميركي التي تمارسه في اليمن، ولم تنطلِ عليه الأكاذيب والأساليب الخبيثة، ما جعل أميركا تحبط وتنكشف حقيقتها ونواياها السيئة والاستعمارية، فالسخط الشعبي المتزايد الرافض للاحتلال الأميركي بكامل أساليبه وأنواعه شكل حرجاً للحكومة اليمنية ووضعها في موقف العاجز التي لا تستطيع أن تقنع الشعب اليمني بالمحتل، إذ حيث أنهم ينفقون الكثير من الملايين على الصحف الصفراء والمواقع المأجورة والمطابخ الإعلامية التي لا عمل لها سوى التغطية والتظليل على تدخلات أميركا السافرة، فمهما كانت الحكومة اليمنية عقدت صفقات مع الأميركان وفتحت لهم البر والبحر والجو وباتت اليمن منتهكة السيادة، فإن الشعب اليمني غير مسؤول عن تلك الاتفاقات وسوف يسعى بالوسائل المتاحة كافة للدفاع عن سيادة البلد وطرد المحتل.
لا بد من التذكير والتحرك الجاد قبل أن يتمادى المحتل الأميركي أكثر فأكثر وقبل وقوع الفأس في الرأس. يجب أن نتحرك في الوقت المتاح لنا التحرّك، لا أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام الاحتلال الأميركي وتصبح الأمور تحت سيطرته، فلو تحرك الشعب اليمني في هذه الظروف فسيلاقي ما لم يلقاه العراقيون والأفغانيون، وسيدفع فاتورة باهظة، أكبر مما دفع العراقيون.
alialsied gmail.com