الجنس يحرك «القبعات الزرق» في المناطق الساخنة
برزت إلى السطح حصيلة الانتهاكات الجنسية التي ارتكبها جنود أمميون بـ«قبعات زرق» بحق قاصرين خلال نحو عام من وجودهم تحت الشمس الحارقة لأفريقيا الوسطى.
وكشفت ديانا كونير، نائب رئيس البعثة الأممية الخاصة لحفظ السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى مينوسكا عن 13 حالة عنف جنسي يتوقع أن يكون جنود البعثة قد ارتكبوها بحق سكان محليين، 9 منها ضد قاصرين، وذلك منذ أن تسلمت هذه البعثة مهمات حفظ السلام من نظيرتها الأفريقية قبل نحو عام.
وسجل مطلع آب الجاري أبشع جريمة اغتصاب ارتكبها جندي أممي بحق طفلة لم تتجاوز الـ12 ربيعاً، إضافة إلى مقتل شاب ووالده خلال عملية للبعثة الأممية بالعاصمة بانغي.
وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ارتفع بشكل حاد عدد الشكاوى ضد «القبعات الزرق»، وهو ما تعزوه كونير إلى الاتساع الجغرافي لرقعة عمل البعثة التي تنتشر اليوم في 11 إقليماً من جمهورية أفريقيا الوسطى.
وتعتبر «مينوسكا» اليوم رابع أكبر بعثة أممية من حيث العدد، إذ تضم أكثر من 10 آلاف من الجنود ورجال الشرطة ونحو 6000 من الموظفين المدنيين.
وسرب تقرير للأمم المتحدة أواخر شهر نيسان تحقيقات أجريت في ربيع عام 2014 حول «اتهامات خطيرة» باستغلال جنسي لأطفال وانتهاكات ارتكبها عسكريون فرنسيون بحق أطفال في هذه الجمهورية.
ويستمع القضاء الفرنسي إلى شهادات أطفال ضد جنود فرنسيين يتهمونهم باعتداءات جنسية بحقهم، وتتراوح أعمار الأطفال الذين استدعوا للإدلاء بشهاداتهم ما بين 9 سنوات و13 سنة، بينهم 4 قالوا إنهم ضحايا لاعتداء جنسي، و 2 آخران هم شهود عيان على حادثة الاعتداء الجنسي.
ودفعت هذه الانتهاكات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى إقالة الرئيس الإقليمي للبعثة في جمهورية أفريقيا الوسطى بابكر غاي والتهديد خلال جلسة أممية خاصة بهذا الشأن بمحاكمة المتورطين في مثل هذه العمليات ومعاقبة قادتهم الذين حملهم الجزء الأكبر من المسؤولية.
ولقيت التهديدات التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة صدى في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي أعلنت أول من أمس، على لسان وزير العدل الكسيس ثامبوى موامبا أنها ستحاكم جنودها الثلاثة المتهمين بعمليات اغتصاب في أفريقيا الوسطى حيث كانوا منتشرين فى إطار قوة الأمم المتحدة للسلام.
انتهاكات «القبعات الزرق» ليست حكراً على أفريقيا إذ كشف تقرير سري مؤرخ في الـ15 من أيار سُرب لوسائل الإعلام بأن مرتديها قاموا بمقايضات «قذرة» للحصول على خدمات جنسية من مئات النسوة في هايتي وليبيريا، في انتهاك صارخ لأنظمة الأمم المتحدة التي تؤكد تطبيق «سياسة صفر تسامح» على حالات الاستغلال الجنسي في بعثاتها و«ترفض بحزم العلاقات الجنسية» بين عناصرها والسكان.
وفي تحقيق أجري لكشف هذه الممارسات، أكدت 231 امرأة من هايتي أنهن مارسن الجنس مع جنود من قوات حفظ السلام مقابل خدمات أو سلع، فيما أكدت سيدات في الأرياف أن نقص المؤونة والمواد الأولية والأدوية وانعدام الملجأ من الأسباب الرئيسية وراء هذه الممارسات.
كما أبرز تحقيق ثان أجري على 489 حالة تراوحت أعمارهن بين 18 و30 سنة في العاصمة الليبيرية مونروفيا أن أكثر من ربع النسوة أقمن علاقات جنسية مع القبعات الزرق مقابل المال.
وعادة ما تستهدف الاتهامات بشكل أساسي العسكريين، فيما تستهدف 33 في المئة من الاتهامات المدنيين الذين يشكلون 17 في المئة من موظفي البعثات، وغالباً ما يتم طرد المدنيين فيما يرحل العسكر والشرطة إلى بلادهم ويحظر عليهم المشاركة في أي بعثة أخرى.
وعلى رغم أن 16 بعثة من الأمم المتحدة تعنى بشكل خاص بهذه المشكلة، أربع منها في هايتي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيريا والسودان وجنوب السودان، إلا أن هذه الممارسات ما زالت تتكرر بعد عشر سنوات على إطلاق الامم المتحدة استراتيجية لمكافحة الاستغلال الجنسي في بعثاتها التي تشمل اليوم قرابة 125 ألف عنصر حول العالم.
وفي تقارير سابقة، قالت الأمم المتحدة إن شدة الاتهامات بالاستغلال أو الاعتداء الجنسي تراجعا منذ 2009، لكن عاودا الارتفاع عامي 2012 و2013، ووقع ثلث هذه الحالات بين 2008 و2013 بقاصرين.
وتلقي هذه الانتهاكات بظلال قاتمة على عمل بعثات «القبعات الزرق» التي يعتبرها كثيرون من سكان المناطق الملتهبة في أنحاء العالم أداة لإحلال الاستقرار والسلام.