سلام: لن يمرّ ما حدث بلا محاسبة والخميس جلسة منتجة للحكومة وإلاّ… عون: سنرد على الاحتواء العقيم ومحاولة الابتزاز المهين في مجلس الوزراء وخارجه «القومي»: لتتحمّل الحكومة مسؤولياتها في معالجة جذرية لأزمة النفايات

تعليقاً على ما حصل أول من أمس في ساحة الشهداء أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي البيان التالي:

يؤكد الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ التظاهر السلمي ورفع الصوت ضدّ كارثة النفايات التي تجتاح لبنان وتهدّد البيئة والسياحة وصحة الإنسان، هو حق مشروع للمواطنين كفله الدستور، ولا يجوز التعامل مع من يمارس هذا الحق بأيّ شكل من أشكال القمع والتنكيل أو التعرّض للإعلاميين.

وإذ يأسف الحزب لسقوط جرحى خلال تظاهرة الأمس فإنه يدعو إلى فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات والمتسبّبين بذلك. كما يحضّ على عدم التعرّض للمؤسسات العامة والقوى المولجة حماية هذه المؤسسات.

يطالب الحزب الحكومة بأن تتحمّل مسؤولياتها وتتوصل سريعاً إلى حلّ جذري لأزمة النفايات، وأن تضع في سلم أولوياتها إيجاد الحلول لكلّ الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي تثقل كاهل الناس، فقد آن الأوان لسماع صرخة المواطنيين التي تعبّر عن وجعهم وهمومهم ومعاناتهم.

يشدّد الحزب على أنّ تحصين أوضاع الناس وتحسين ظروف حياتهم والاهتمام بمشاكلهم هو تحصين للبنان في أمنه واستقراره وسلمه الأهلي، وتحصين له في مواجهة الإرهاب والاحتلال.

عاش لبنان في اليومين الماضيين تحت وطأة أزمة النفايات التي هزّت الحكومة وتسببت بسجالات سياسية، بعدما تحوّلت تظاهرة المجتع المدني إلى مواجهات مع قوى الأمن الداخلي سقط بنتيجتها عدد من الجرحى من الجانبين حال بعضهم خطرة، فيما ذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» أن مندسين بين المتظاهرين ألقوا مساء أمس قنابل مولوتوف على القوى الأمنية.

في المقابل، أكد رئيس الحكومة تمام سلام أن ما حصل لن يمر من دون محاسبة ملوّحاً بالاستقالة «في حال أصبح صبري مضرّاً للبلد». وأعلن عن جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل وعلى جدول أعمالها موضوع النفايات في ضوء نتيجة فض عروض المناقصات الذي تقدّم موعده إلى اليوم بدلاً من يوم غد الثلاثاء بحسب بيان لوزير البيئة محمد المشنوق.

مواجهات السبت

وكان الاعتصام الذي نفذته حملة «طلعت ريحتكم» احتجاجاً على استمرار أزمة النفايات أول من أمس في وسط بيروت، تحوّل إلى مواجهات بين المتظاهرين وعناصر القوى الأمنية التي استخدمت الرصاص والغاز المسيل للدموع لفض الاعتصام وإبعاد الشبان عن محيط السراي الحكومية الذي تقدموا إليه.

وقد بدأ نشاط الحملة بالتجمع في ساحتي رياض الصلح والشهداء وسط حضور للمواطنين وناشطين في المجتمع المدني، رافق هذا التحرك إجراءات أمنية، لكن سرعان ما تحوّل لاحقاً إلى تدافع بين المتظاهرين والقوى الأمنية بالقرب من السراي الحكومية في ساحة رياض الصلح، أطلقت على أثره القوى الأمنية الرصاص الحي في الهواء واستخدمت خراطيم المياه لإبعاد المتظاهرين، كما استعملت قنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، ما أدى الى وقوع إصابات عديدة في صفوفهم.

وأوضح الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، أن الحصيلة الأولية للجرحى في اشتباكات وسط بيروت بين المتظاهرين والقوى الأمنية، والذين نقلتهم سيارات الصليب الأحمر الى المستشفيات، 11 جريحاً أحدهم بحال الخطر. وبعد تهدئة الوضع في وقت متأخر من مساء السبت، نصب المتظاهرون الخيم في ساحة رياض الصلح مؤكدين بقاءهم في ساحة الاعتصام، في حين أعلن وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور انه اتصل بالرئيس سلام «الذي أبدى استعداده للحوار مع المتظاهرين عبر شخص يمثله»، آملاً «أن لا تسوء الأمور»، ومؤكداً أنه «تجب محاسبة كل من استعمل القوة».

وشهد محيط السراي جولات من الكر والفر بين المعتصمين وعناصر القوى الأمنية التي حاولت تفريق المتظاهرين، كما طاردتهم في الشوارع المحيطة بالسراي الحكومية واعتقلت عشرات الشبان، لكنها في وقت لاحق أطلقت سراحهم، كما جاء في بيان للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.

توضيح قوى الأمن

وأصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة بياناً قالت فيه «لسنا في موقع الخصم أو المواجهة ونمارس صلاحياتنا ونطلب من المتظاهرين التعبير عن رأيهم بهدوء».

وأشار البيان إلى أنه عند الساعة السابعة من مساء أول من أمس «بدأ بعض المتظاهرين المتواجدين في ساحة رياض الصلح بالاعتداء على عناصر قوى الأمن الداخلي المكلفين حمايتهم وحماية المنطقة الأمنية في محيط السراي الحكومية ومجلس النواب من خلال دفع هذه العناصر ورمي الحجارة والنفايات والمفرقعات عليهم، ومحاولتهم إزالة الشريط الشائك لهذه المنطقة».

وأضافت: «إزاء هذا الواقع ولمنع الإحتكاك والتصادم مع المتظاهرين وخرق السياج الأمني للدخول إلى المقرات الرسمية واستباقاً لما قد ينتج من ذلك من سقوط ضحايا، قامت عناصر مكافحة الشغب باستعمال المياه لإبعادهم عن المنطقة الأمنية. وبعد تطور الوضع قامت باستخدام القنابل المسيلة للدموع واستعمال عتاد حفظ الأمن والنظام المزودة بها لتفريقهم».

وأعلن البيان أنه «نتج من هذه المواجهات سقوط حوالى 35 جريحاً من قوى الأمن الداخلي إصابة بعضهم خطرة وتضرر عدد كبير من آليات قوى الأمن الداخلي كما تأسف لإصابة عدد من المتظاهرين»، مشيرة إلى أن «بعض المتظاهرين يقومون بمحاولة السيطرة على عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي، وقد أعطيت الأوامر المشددة بعدم إطلاق النار في أي شكل من الأشكال».

سجال بين جنبلاط والمشنوق

وعلّق النائب وليد جنبلاط على ما قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق بأنه «لم يطلب اطلاق النار» على المحتجين في بيروت بالقول: «كفانا كذباً وعلى وزير الداخلية أن يرحل». وردّ المشنوق ان «ما عبّر عنه النائب جنبلاط ليس الاّ ضمن المزايدة السياسية وهو من ضمن الطبقة السياسية التي تتحمل المسؤولية بقضية النفايات». وأضاف: «ليس هو الذي يقرر رحيل وزير أو بقائه في موقعه».

ولفت وزير الداخلية إلى أن «إطلاق النار حصل من قبل قوى عسكرية غير قوى الأمن الداخلي أيضاً»، متعهداً «بمحاسبة كل من أطلق النار ضمن مسؤولياتي كوزير داخلية». وأضاف: «الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص المطاطي يستعملان في جميع الدول الديمقراطية».

وكلّف المشنوق فور عودته الى بيروت أمس، المفتش العام لقوى الامن الداخلي العميد جوزف كلاس إجراء تحقيق حول ما جرى أول من أمس بين المتظاهرين وقوى الامن الداخلي وغيرها من القوى العسكرية وطلب المشنوق ان يكون التحقيق جاهزاً خلال 48 ساعة ويبنى على الشيء مقتضاه وفق القانون.

كما طلب اليه زيارة الجرحى والمصابين من المواطنين وقوى الأمن الداخلي والقوى العسكرية والاستماع الى كل واحد منهم في شأن ما جرى.

قضائياً، طلب النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية إجراء التحقيق في الأحداث التي حصلت مساء أول من أمس في وسط بيروت وتكليف أطباء شرعيين بالكشف على المصابين تمهيداً لوضع تقارير مفصلة عن هذه الاصابات ولتحديد نوعية العيارات النارية التي أصيب بها المدنيون لمعرفة ما اذا كانت من نوع المطاط أو الرصاص وتحديد من أطلق هذه العيارات ومن أعطى الأمر بإطلاقها والتحقيق معهم.

كذلك التحقيق مع كل من اعتدى على العناصر الأمنية واعتبار التحقيق الأولي الذي بدأته فصائل شرطة بيروت في شأن ما حصل بمثابة التحقيق في حالة الجرم المشهود ليبنى على هذا الأمر مقتضاه القانوني.

كما طلب منه أبلاغه تباعاً بنتائج التحقيق.

ووجه حمود دعوة الى مفوض الحكومة وقائد الشرطة القضائية للاجتماع في مكتبه، الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم الاثنين في قصر العدل، للاطلاع منهم على نتائج التحقيق في أحداث وسط بيروت.

الأحد

وعصر أمس شهدت ساحتا رياض الصلح والشهداء تظاهرة أخرى بعنوان «لا لإرهاب سلطة الفساد»، وطالبت الرئيس سلام بتقديم استقالته فوراً.

وحاول بعض المتظاهرين نزع الشريط الشائك الذي يفصلهم عن القوى الأمنية، ورشقوها بعبوات المياه، إلا أن عدداً من المتظاهرين تدخل ومنع نزع الأسلاك، وعاد الوضع عادياً وأطلق المتظاهرون شعارات تدعو إلى إسقاط الحكومة والنظام وتتهم النواب بالسرقة وشعارات ثورة ثورة…

إلاّ أن الحزب التقدمي الاشتراكي أبدى استياءه من هذه الشعارات وأعلنت مفوضية الإعلام في الحزب عن إنسحاب الأخير من التظاهرة في وسط بيروت «بسبب تحولها من تحرك شعبي شبابي مطلبي محق إلى محاولة لإسقاط ما تبقى من مؤسسات وحكم، وهو ما سيعرّض الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي للإهتزاز والخطر»، محذراً من «دفع الأمور في اتجاه الفوضى واستغلال هذا التحرك لتحقيق أهداف أخرى هي أبعد ما تكون عن أهدافه الحقيقية».

واستخدمت قوى الأمن خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين تقدموا مجدداً إلى الشرط الشائك الفاصل بين الجانبين.

وأكدت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة في بيان مجدداً «احترامها الكلي لحق المواطنين في حرية التعبير والتظاهر السلمي. وفي هذا الإطار، عملت وستعمل على حماية المتظاهرين وتوفير الظروف الملائمة لتمكينهم من التعبير عن مواقفهم، وأنها وبحكم مسؤوليتها عن حفظ الأمن، ترى نفسها مسؤولة عن حماية المؤسسات الرسمية في كل الظروف، وبالوسائل القانونية، للحؤول دون إقدام مندسين بين المتظاهرين للاعتداء على مقرات المؤسسات التشريعية والتنفيذية كما على الأملاك الخاصة، وذلك توخياً من حصول أعمال يصعب تداركها». وأهابت بالمتظاهرين التحلي بالمسؤولية والحرص على عدم تشويه تحركهم السلمي.

ووزعت قوى الأمن الداخلي، بعد الظهر صور مفرقعات شديدة الإنفجار قالت أنه رماها بعض المندسين على عناصر قوى الأمن الداخلي بهدف استفزازهم والإخلال بالأمن أول من أمس.

ونفت قيادة شرطة مجلس النواب في بيان ما ذكرته إحدى وسائل الإعلام بأنها قامت بالاعتداء على المتظاهرين وإطلاق النار في الهواء.

وأكدت أن هذا الخبر عارٍ من الصحة تماماً. كما أكدت أنه «لم يحصل أي احتكاك مع المتظاهرين، وأن عناصرها موجودون داخل نطاق المجلس، وليسوا على تماس أبداً مع المتظاهرين».

وبعدما بدا أن الأمور ستفلت في الشارع، وذلك بعدما اجتاز متظاهرون الشريط الشائك الأول الفاصل بين المتظاهرين والقوى الأمنية في ساحة رياض الصلح، وعمدوا إلى إضرام النيران في خيمة تمكن عناصر القوى الأمنية من إخماده، وإلقاء شبان الحجارة على القوى الأمنية. طلبت قوى الأمن الداخلي من منظمي تحرك حملة «طلعت ريحتكم»، تحمل مسؤولياتهم في ضبط الوضع للحؤول دون استمرار مثيري الشغب في مواجهة قوى الأمن. ودعتهم كلجنة منظمة للتحرك إلى المساهمة مع قوى الأمن لإعادة الأمور إلى طبيعتها. فيما أعلن الناشط المدني في حملة «طلعت ريحتكم» عماد بزي أنه «ليس للحملة أي علاقة بما يجري في ساحة رياض الصلح»، متهماً «بعض الأحزاب بإرسال عناصر لتوتير الوضع والتشويش».

وأعلنت الحملة فك الاعتصام في ساحة رياض الصلح، ودعت مؤيديها للتوجه فوراً إلى ساحة الشهداء. وأكد منظمو الحملة انهم غير مسؤولين عن الموجودين داخل ساحة رياض الصلح.

تظاهرات في المناطق

وامتدت التظاهرات إلى البقاع والجنوب والشمال حيث قطع عدد من المتظاهرين الطريق الدولية في ضهر البيدر، وأعادوا فتحها لاحقاً وتوجهوا الى بيروت للمشاركة في التظاهرة.

كما أن عدداً من أهالي القاع قطعوا الطريق الدولية بالإطارات المشتعلة دعماً لحركة «طلعت ريحتكم» في بيروت، مستنكرين ما يتعرض له المتظاهرون. كما تجمع عدد من اهالي الهرمل أمام السراي دعماً للتحرك.

وفي صور تجمّع عدد من الشباب قرابة الساعة السابعة مساء عند المدخل الشمالي لمدينة صور في شارع السنغال بالقرب من الميناء، إسوة بالمعتصمين في وسط بيروت وتضامناً معهم، وحملوا لافتات منددة بالفساد والهدر. فيما أقفل عدد من الشبان المسلك الشرقي لأوتوستراد البترون – طرابلس، مقابل قلعة المسيلحة، بالإطارات المشتعلة، تضامناً مع المحتجين في بيروت، وأعادت القوى الأمنية فتحه لاحقاً.

سلام: سنحاسب

وعلى وقع هذه التطورات، عقد الرئيس سلام مؤتمراً صحافياً في السراي الحكومية أمس بحضور الوزراء: نبيل دي فريج، رشيد درباس، ومحمد المشنوق، الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، رئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير، وعدد من الشخصيات الاعلامية والسياسية.

وأكد سلام أن ما حدث السبت «لا نستطيع إلا أن نتحمّل مسؤوليته، خصوصاً في ما يتعلق باستعمال القوة المفرطة مع هيئات المجتمع المدني»، جازماً أن ذلك «لن يمر من دون محاسبة، فكل مسؤول سيحاسب، وانا من موقعي لن أغطي أحداً»، لافتاً إلى أن «ما حصل البارحة السبت ليس ابن ساعته، بل هو تراكم لقصور ولتعثّر ولغياب نعيشه ونتحمله».

وقال سلام: «إحراجي لإخراجي يمارس منذ زمن، وكنت سأخذ قراري منذ 3 اسابيع، وما زال الخيار أمامي، وسأتكيف مع الموضوع وفق ما أراه مناسباً، وعندما أرى ان صبري بدأ يضر بالبلد سأتخذ القرار المناسب»، مذكراً بأن «الحلول السحرية او الجذرية او العجائبية غير موجودة». وأعلن أنه قرر دعوة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل إلى الانعقاد «وضمنت الدعوة مواضيع ملحة».

وتابع: «نحن مقبلون على وضع مالي قد يذهب بلبنان الى تصنيفه من الدول الفاشلة، ولن أكون شريكاً في هذا الانهيار»، متوجهاً إلى المتظاهرين بالقول: «أنا صابر، ولكن، للصبر حدود، ومرتبط بصبركم، وإذا قررتم الصبر فأنا معكم، وإذا قررتم عدم الصبر أنا معكم أيضاً اتخذ الموقف».

وقال: «هناك كلام كثير عن صبري، لكن صبري لا يشكل شيئاً أمام صبر المواطنين، على هذه الحالة من اليأس والبؤس التي يمر بها البلد، صبرهم ليس اليوم فقط بسبب وجود النفايات، بل هناك نفايات سياسية كبيرة في البلد، وصبرهم على أمور اخرى من الكهرباء الى الطرق الى المعاملات والرشاوى والفساد».

ورداً على سؤال، قال سلام: «في ضوء نتائج المناقصات في الغد اليوم ، لأن اول بند موضوع على جدول اعمال مجلس الوزراء هو موضوع النفايات، والسعي الى حل هذا الموضوع، وبالتالي، يجب أن تكون جاهزية المناقصات بين أيدينا حتى نبني عليها، ونستطيع الذهاب عندها الى الحل. وأعيد التكرار انه ليس حلاً سحرياً، وليس حلاً عجائبياً، ولكن حلاً يخفف هذا العبء والتحدي على مستوى الاستحقاق المتعلق بالنفايات، ولكن تبقى استحقاقات كثيرة اخرى بحاجة الى الاقدام والقرارات والعلاج».

وحمّل مسؤولية الشلل القائم إلى كل القوى السياسية من دون استثناء، وهذه القوى معروفة ولا لزوم لتسميتها». وقال: «الخميس أمامنا جلسة منتجة، فاذا لم تكن كذلك لا لزوم لمجلس الوزراء من بعدها، لم أضع جدول الأعمال لنتفرج عليه بل وضعته لنخرج بحلول».

رد عون

ورداً على مواقف سلام أصدر مكتب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون «البيان الرقم 2» وفيه: «أولاً، إن البيان رقم 1 الصادر بصوت العماد عون قبل المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة يصلح تماماً لما بعده نصاً وروحاً. ثانياً، إن الحكم ليس هيبة وحسب ولا سلطة فقط بل هو أولاً شرعية تنبثق من احترام المواثيق والدستور والقانون. ثالثاً، يؤكد العماد عون أن مؤتمر العجز المقيم وكلام الاحتواء العقيم ومحاولة الابتزاز المهين لن يمر من دون رد مناسب في مجلس الوزراء وخارجه بخاصة على مستوى الشعب صاحب السيادة، ومصدر كل سلطة والذي منعه فريق الأكثرية الحكومية من أي محاسبة منذ إلغاء حقه في الانتخاب الديموقراطي والدستوري. والشعب هو المدعو الى التعبير عن حقيقة تطلعاته في كل مجال وساحة».

وكان عون هنأ في بيان سابق الشباب اللبناني الذين تظاهروا أول من أمس «سلمياً وحضارياً، واثبتوا وعيهم ونضجهم في المناداة بالمطالب الحياتية الملحة والمحقة التي نؤيد، كما دلوا على مفاصل الخلل في ممارسات الأكثرية الحاكمة».

ودان «التعرض للمتظاهرين بالعنف وإطلاق الرصاص الحي»، مطالباً «بتحديد المسؤوليات السياسية والمسلكية فوراً والمساءلة والمحاكمة، وهو ما لن نتساهل فيه وسنبني عليه خطواتنا اللاحقة».

وحذّر عون «الأكثرية الحاكمة وأجهزتها كافة من استغلال هذه الحركة الاعتراضية النبيلة لتحقيق مكاسب سياسية والاستحواذ على دلالات هذة الحركة، للإمعان في تسلط هذه الأكثرية وإنكار الشراكة الوطنية».

واختتم: «كل سلطة لا تملك شرعية الشعب الذي ينتخبها ولا تتقيد بقانونية القرارات الصادرة عنها، إنما تعمم الفوضى وتضرب الاستقرار».

وأكد الرئيس سعد الحريري، من جهته، دعمه لموقف سلام في مؤتمره الصحافي، ودعوته الصريحة لتفعيل عمل الحكومة، ومعالجة الاستحقاقات الداهمة وفي مقدمها مشكلة النفايات.

ودان الحريري اي شكل من أشكال الإفراط الأمني في مواجهة التظاهرات السلمية، منبهاً من محاولات استدراج البلاد الى الفوضى والمجهول.

استنكار التعرض للمتظاهرين

في غضون ذلك، برز العديد من المواقف اللبنانية المستنكرة للاعتداء على المعتصمين في ساحة رياض الصلح.

وفي السياق، حيّا البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال قداس ترأسه في دير سمعان في أيطو، لمناسبة وصول نذورات القديسة رفقا الى الدير «المواطنين المتظاهرين في بيروت وفي كل أنحاء لبنان» احتجاجاً على أزمة النفايات، منتقداً «طريقة قمع الشباب المتظاهرين سلمياً»، واعتبر أن «هذه الفوضى العارمة هي نتيجة الامتناع عن انتخاب رئيس للجمهورية».

ودعا الرئيس ميشال سليمان، الشبان والشابات وقوى الأمن إلى «الاقتداء بالتصرف الذي حصل في تظاهرات شباط وآذار 2005، على أن يكون المطلب الأساسي انتخابات رئاسية، تؤدي فوراً الى استقالة الحكومة وتليها انتخابات نيابية. هكذا يكون التغيير الحقيقي، لأن المشكلة تكمن في الطبقة السياسية التي مددت لنفسها».

وأعرب الرئيس نجيب ميقاتي، عبر تغريدة له على «تويتر»، عن أسفه «للتعاطي بشراسة مع التظاهرة الحاصلة في وسط بيروت رفضاً لعدم حلّ أزمة النفايات».

ودعا وزير التربية الياس بو صعب إلى محاسبة من يقمع الشعب في وسط بيروت، مضيفاً «لا نقبل بما يحصل ولا يمكن السكوت عنه وليس هناك أي خير بالتصرفات التي نراها». وأشار الى أننا «لم نأتِ الى الحكومة من أجل ان نقمع شعبنا أو من أجل أن نضرب شعبنا، ودخلنا الحكومة من أجل ان نواجه «داعش»، وأكد اننا «لم نسكت عما يحصل وهذا العنف لم نره يوماً ما».

وأكد وزير الثقافة ريمون عريجي أن «حرية التعبير تحت سقف القانون يكفلها الدستور»، ولفت إلى انه «لا يجوز استعمال العنف واطلاق النار على المواطنين المتظاهرين الذين يئسوا من عدم إيجاد الحلول لمشاكلهم الحياتية»، ورأى أن «الأمر يقتضي ضبط النفس خشية تفاقم الوضع بما يتجاوز ازمة النفايات».

وحيّا رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، «نخوة الشباب» في تحركهم في وسط بيروت، قائلاًَ: «هذا هو مطلبنا الأساسي بإسقاط النظام المذهبي، نظام المحاصصة على الملفات الحياتية وليس فقط على المقاعد التمثيلية، وقد أصبح المؤتمر التأسيسي لإعادة صياغة هذا النظام الفاسد حاجة شعبية ملحة».

ودان نائب رئيس مجلس النواب الأسبق إيلي الفرزلي ما جرى بحق المتظاهرين في وسط بيروت، وسأل «لماذا السكوت عن هذا الواقع منذ سنوات ولماذا إدارة الظهر لمطالب الناس؟»، وحذّر من «الاستغلال السياسي لمطالب المتظاهرين»، وأضاف: «لنا مصلحة في الاستقرار السياسي».

واعتبرت الهيئة التنفيذية للمجلس العام الماروني في بيان بعد عقدها اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس المجلس الوزير السابق وديع الخازن، أنه «إذا كان من حق الناس أن تتظاهر، وسط لا مبالاة خطيرة لنشر فوضى النفايات المنذرة بأوبئة قاتلة تهدد أمن المواطن الصحي، فليس بهذا التعامل الذي قض مضاجع الناس قلقاً على مصير البلاد، تفرض الدولة هيبة قوانينها بعدما سدت المنافذ، وصمت الآذان عن تلبية نداءات المواطنين لتصحيح الاعوجاج الاكبر بانتخاب رئيس للجمهورية».

وأضاف: «لم تعد تجدي الآن الحلول المجتزأة والوعود المسكنة في غياب الحكم الاعلى للدولة الممدد لغيابه أكثر من سنة ونصف سنة، وبات الأمر يتطلب دعوة طارئة للحكومة وجلسة إستثنائية لمجلس النواب، يتخطى فيها رئيس المجلس النيابي نبيه بري كل هذا العبث والاستهتار بأحكام الدستور، وهو الحريص عليها والمؤتمن على تنفيذها في غياب رئيس الجمهورية، قبل أن يطبق الفراغ بأخطاره وشراراته على ما تبقى من هيبة الدولة وحرمة القانون، بعدما عم الإجرام الفردي وأستبيحت الساحات للزاحف الأخطر بالأوبئة والأمراض، والمنذر باجتياح جارف على أبواب الشتاء»، متسائلاً: «ألا يكفي المواطن ما عاناه من وطاءات وإنتهاكات لحقوقه، أنهكته وناءت بقدرته وتحمله للأزمات المستفحلة من كل جانب، حتى يقضى عليه بالفراغ الصحي المميت؟».

ودان لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية في بيان «التصرفات القمعية التي قامت بها القوى الأمنية في مواجهة المعتصمين سلمياً والذين نزلوا نيابة عن جميع اللبنانيين للمطالبة بأبسط حقوق المواطنة»، ودعا «المسؤولين كافة وعلى رأسهم رئيس الحكومة الى العمل سريعاً على وقف هذه الإجراءات القمعية ومحاسبة المسؤولين عنها».

كما استنكر الحزب الشيوعي اللبناني في بيان «الاعتداء الوحشي على المتظاهرين السلميين في رياض الصلح ومواجهة المطالب الشعبية المحقة بالضرب وإطلاق الرصاص الحي واستخدام خراطيم المياه ضد الشعب اللبناني، ما أدى الى إصابة عشرات المتظاهرين بحالات اختناق».

واعتبر المدير العام الأسبق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد أن «الانتفاضة الشعبية العفوية، التي تستهدف اليوم، زعماء الطبقة السياسية الفاسدة والمسيطرة على الدولة منذ سنوات، إنما هي نتيجة حتمية لممارسات تلك الطبقة وعجزها عن معالجة أبسط الأمور وصراعاتها على النفوذ وتكالبها على مصالحها الخاصة، واستهتارها بمصالح الناس، وصولاً إلى تدمير قوانين الدولة ودستورها، ليس فقط من خلال استزلام مؤسساتها وتوزيعها حصصاً وسمسرات وصفقات، ولكن، وبالأخص عندما عمدت تلك الطبقة الى إلغاء الانتخابات النيابية والتمديد لنفسها في المجلس النيابي».

ورأى أنه «ليس أبلغ من تفاهة زعماء هذه الدولة سوى أنهم يسارعون اليوم، إنقاذا لأنفسهم، الى القوطبة على تلك الإنتفاضة من خلال الإدعاء بتعجيل الحلول للأزمات التي افتعلوها، وتكثيف تصريحاتهم في تخويف الناس من المجهول ومن الفوضى، فيما هؤلاء الزعماء أنفسهم هم أصل الفوضى والفساد، كما أن وجودهم في السلطة يشكل بحد ذاته الخطر الأكبر على العباد والبلاد في حاضرها ومستقبلها، وأنه ليس من حل جذري للأزمات الراهنة، إلا بإسقاط التمديد اللاشرعي واللادستوري لهذه الطبقة ومجلسها النيابي، ثم بالإحتكام مباشرة الى الشعب اللبناني لقول كلمته في انتخابات نيابية فورية تدعو إليها الحكومة الحالية ليصار بعدها الى تكوين سلطة جديدة بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى تأليف حكومة على ضوء النتائج، التي ستسفر عنها تلك الانتخابات».

واختتم «الإيجابية الأكبر في تلك الإنتفاضة الشعبية، هي في كونها أدخلت القلق والهلع في نفوس الطبقة السياسية الحاكمة، التي كانت تعتبر للأمس القريب أن عروشها عامرة لا تهتز، وأنها تستعبد وتملك الشعب اللبناني، وأنها تستطيع التعسف في السلطة قدر ما تشاء من دون حساب، فإذا بها تكتشف بأن صوت المواطن العادي وصرخته في الشارع تستطيع بسهولة أن تدك حصونهم الفاسدة في الدولة وحصاناتهم الوهمية، التي بنوها في طوائفهم ومذاهبهم من خلال التحريض على الفتنة وبث التفرقة بين أبناء الوطن الواحد منذ أيام الحرب الأهلية الى اليوم».

وأيد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مطالب المتظاهرين والمعتصمين في ساحة رياض الصلح، واضعاً ما وصفه بـ «خريطة طريق للخروج من الأزمة الراهنة، تبدأ بدعوة النواب الى النزول الى مجلس النواب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية»، وناشد الرئيس سلام «عدم الاستقالة، إذ تترتب عليه مسؤولية الإمساك بالشرعية في البلد، لحين الوصول الى شاطئ أمان ما»، وطالبه أيضاً بـ«دعوة الحكومة الى اجتماع فوري واستثنائي، باعتبار أنه في خضم ما نشهده، لا يمكن انتظار اجتماع الحكومة المقرر يوم الخميس المقبل، فليدع الليلة قبل الغد الى اجتماع استثنائي يقتصر جدول أعماله على نقطتين أساسيتين: أولاً، جمع النفايات فوراً وإيجاد حل من تحت الأرض للمشكلة التي أوجدتها، ثانياً، الإشراف على التحقيقات الحاصلة لتبيان من أطلق النار على المتظاهرين».

ودانت هيئة التنسيق النقابية إطلاق النار على المتظاهرين، ودعت إلى «محاسبة الذين أعطوا الأمر باستخدامه لتناقضه مع حرية التعبير التي كفلها الدستور، ولأنه يدخل البلد في أتون الفوضى الأمنية ويحول الصراع عن وجهته الصحيحة».

ودان اتحاد الكتاب اللبنانيين قمع المتظاهرين في ساحة رياض الصلح، وأكد «ضرورة الخلاص من المحاصصات المذهبية والطائفية».

واستنكر نقيب محرري الصحافة اللبنانية إلياس عون «تعرض الزملاء الإعلاميين والمصورين للعنف على يد القوى الأمنية، التي نجل ونحترم ونقدس، خلال تغطيتهم التحرك الشعبي والشبابي اعتراضاً على عدم حل قضية النفايات».

ورأى عون أن «ما حصل في وسط العاصمة بيروت، هو نتيجة حتمية وطبيعية لسياسة الدولة في الهروب من مواجهة الملفات الحيوية ومعالجتها بالتأجيل والتسويف. فلا يلام اللبنانيون المؤمنون بأرضهم ووطنهم وعلم بلادهم إذا رفعوا الصوت عالياً ونزلوا إلى الشارع بطريقة حضارية، بعدما طفح الكيل وفاحت الروائح وارتسمت علامات الإستفهام».

وإذ كرر إدانته ورفضه لأي مساس بالاعلاميين وأية إعاقة متعمدة لهم في أثناء قيامهم بمهماتهم، دعا المعنيين في الدولة «إلى الإسراع في بت الملفات العالقة، قبل أن تتحول حركة 22 آب، إلى بقعة زيت أو كرة ثلج يصعب حصر نتائج تدحرجها».

وأيد الأمين العام للتيار الاسعدي المحامي معن الأسعد، في تصريح، التحرك الشعبي والتظاهر لإسقاط «الطبقة السياسية الفاسدة وحل مجلسي النواب والحكومة» وطالب الوزراء والنواب والاحزاب «الذين جاهروا اعلامياً بتعليق عضويتهم في مجلس النواب او الاعتكافات عن حضور جلسات مجلس الوزراء إلى الاستقالة فوراً»، معتبراً أن «لا أحد سيستقيل لأن ما يعلن عنه مجرد مسرحيات هزيلة لم تعد تنطلي على اللبنانيين».

واعتبر أن «إطلاق النار على المتظاهرين وقمعهم بوحشية هي آخر مرحلة قبل سقوط الطبقة السياسية الفاسدة وكذلك النظام الفاشل والمهترئ».

وأعلن «التحالف المدني البيئي» في بيان أن تقديم موعد الاعلان عن فض عروض مناقصات النفايات إلى اليوم لا معنى له. ورأى أن «العلة هي في قرار مجلس الوزراء ودفاتر شروط هذه المناقصات»، وطالب بإلغاء القرار رقم واحد المشؤوم، وإلغاء المناقصات ووضع استراتيجية جديدة لادارة النفايات تقوم على التخفيف والفرز من المصدر واعادة المناقصات على هذا الأساس، واعتماد خطة طارئة للمعالجة مطعمة بهذه المبادئ الاستراتيحية».

ودعا المتظاهرين إلى «تبني هذا الموقف للخروج من أحد وجوه هذه الأزمة، وأحد فضائح النظام».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى