طهران ولندن علاقات ديبلوماسية وأكثر
افتتحت كلّ من ايران وبريطانيا مرحلة جديدة من العلاقات بينهما على خلفية الاتفاق النووي التاريخي مع الغرب، متوجة اياها بفتح سفارتي البلدين في عاصمتيهما السياسيتين طهران ولندن.
يشكل تثبيت التمثيل الديبلوماسي بين البلدين حدثاً بحدّ ذاته يتخطى الخبر وتداعياته، فما قبله الكثير ليتمّ فتحه من ملفات بين مطاردات أمنية واستخبارية، فلطالما اتهمت طهران لندن ومخابراتها بالضلوع في أحداث أمنية في البلاد، بينها اغتيال علماء والتخفي وراء محتجّين أطلقتهم من اجل إسقاط النظام الإيراني الحالي، فتضافرت الجهود الإعلامية والسياسية عدة مرات في «ثورات شبابية» ظهر أبرزها بعد إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لولاية رئاسية ثانية وما عرف بالثورة الخضراء حتى استطاعت طهران السيطرة على الأحداث بشكل كامل بعدما طردت عدداً من وسائل الإعلام العالمية كان أبرزها ممثلي هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.
تاريخ العداء بين البلدين يكاد يتخطى العداء للولايات المتحدة بذاتها، فلطالما حاولت بريطانيا الدخول على خط الأحداث في إيران عبر جهاز مخابراتها «ام اي 6» المتهم بدعم وإيواء حركات إسلامية متطرفة.
تطبيع العلاقات بين بريطانيا وإيران مع كلّ ما كان من عداء تاريخي يعني الاجتماع حول هدف مشترك بدون أدنى شك، ويترجم اليوم بضرورة التعاون بين البلدين لمكافحة الإرهاب، خصوصاً أنّ التقارير تتحدّث عن انّ أكثر الدول الاوروبية تأثراً بسرعة انتشار الارهاب وغزوها هي بريطانيا التي آوت وحضنت إرهابيين وتكفيريين إسلاميين متطرّفين ومنحتهم كافة الحقوق لعقود من الزمن، حتى انقلبت الأوضاع وأصبحت تعيش ناراً تحت رماد انتشارهم في المجتمع البريطاني بين تجار واكاديميين وصناعيين واطباء وغيره ذلك، وبالتالي فإنّ التعاون مع أكثر من له باع في مكافحة الإرهاب كالإيرانيين هو ضرورة لا تستدعي المكابرة بعد اليوم.
التعاون مع إيران سينسحب بالتأكيد تعاوناً مع حلفائها أصحاب التجربة المباشرة وأبرزهم سورية التي تعتبر رأس حربة في حماية أوروبا بطريقة او بأخرى. وقد أيقن البريطانيون والغرب ضرورة الحذر من الاستمرار بمساعي إسقاط الدولة السورية بيد الارهاب، لينتقل في اليوم التالي إلى أوروبا عبر منافذ البحر المتوسط الساحلية.
العلاقات مع إيران تعني مستقبلاً علاقات مع حلفائها وتنسيقاً امنياً واضحاً يستفيد منه الطرفان، لكن اللافت هو ان إعادة العلاقات هذه جاءت قبل ان ينتهي الاتفاق النووي من المسار المفترض ان يسلكه في الأروقة الديبلوماسية والأممية، أي انطلاقه الى مجلس الشورى الإيراني والكونغرس الاميركي، وفي هذا رسالة شديدة الوضوح إلى انّ الاتفاق قد دخل حيّز التطبيق وانّ السرعة نحو ايران اليوم هي اولى أولويات الدول الغربية الكبرى.
إنها إيران التي تنتصر سياستها في كلّ يوم أكثر فأكثر…
«توب نيوز»