موسكو على خط مصر سورية… وكورنيت وسكود على خط اليمن السعودية
كتب المحرر السياسي
اللعبة الدائرة في المنطقة هي في منطقة ما قبل الربع الساعة الأخير كما وصفها الرئيس السوري بشار الأسد، وهذا ما يفسّر خلط الأوراق والتصعيد، لأنه وفقاً لقراءة الرئيس الأسد، لا رؤية أميركية نهائية واضحة لكيفية التعامل مع الإرهاب الذي تستدعي الحرب عليه وقف الحرب على خصومها، والإقرار بنضوج نصرهم، ويترتب على مواصلة دعم الإرهاب تجذره وتشكيله تهديداً أكبر، وفي قلب هذا الارتباك الأميركي باللاخطة، تحتفظ واشنطن بالقدرة على إقامة التوازن بين الإرهاب وخصومها، بحروب الاستنزاف واستبعاد حروب الحسم، التي لا تتوافر شروطها من دون وقف شامل لدعم الإرهاب الذي يتولاه حلفاء واشنطن تحت نظرها، والذين تسعى موسكو لجلبهم إلى حلف رابح عنوانه التشارك في هذه الحرب وحفظ أوراقهم الإقليمية كلاعبين فاعلين.
روسيا ببرودة طقسها وحرارة حركة رئيسها فلاديمير بوتين مدركة لمعادلات الوقت الضائع وخلط الأوراق والتمنع التركي السعودي عن التموضع على خط التسويات، نجحت في رمي سلتها على بحر مصر لتخرج بأول اختراق في الجدار الصعب الذي صدمت تركيا والسعودية رأسيهما به، عبّر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالردّ على دعوة الرئيس بوتين إلى قيام حلف مشترك مع سورية ضدّ «داعش» بالقول إنّ آراءنا متطابقة.
الواضح أنّ تركيا بين مطرقة الشراكة في الحرب على «داعش» وسندان الانتخابات النيابية المبكرة قد خسرت ما كانت تعتبره جائزتها الذهبية بالرهان على تغطية أميركية لإقامة منطقة حظر جوي داخل الأراضي السورية، لكنها ما زالت تخوض رهان الإمساك ببعض الدور في الجغرافيا السورية عبر الهجمات التي ترعاها والتفاوض الذي تحاول إدارته وبيدها مجموعات «أحرار الشام» بعد دمجها مع تنظيم «الإخوان المسلمين» خصوصاً في الزبداني وريفي حلب وإدلب، لكن أنقرة تراهن على لعب ورقتها الرابحة في المساعي الهادفة لتفاوض ينهي القضية الفلسطينية بين حركة حماس و»إسرائيل»، وهو مسار لا يبدو سهل الوصول إلى مرفأ آمن.
في المقابل تلعب السعودية ورقتها اليمنية حتى الرمق الأخير لفرض سيطرتها على الجغرافيا الجنوبية، بينما تبدو المواجهات العسكرية وقد تغيّرت قواعدها حيث صار تركيز الجيش اليمني واللجان الشعبية وفي الطليعة الثوار الحوثيون، على حرب عصابات تخوضها صواريخ الكورنيت ضدّ المدرّعات والآليات التابعة للجيشين السعودي والإماراتي، وفي المقابل حرب استنزاف للسعودية عبر تهديد منشآتها الاستراتيجية بصواريخ سكود وتوتشكا الباليستية.
التعثر السعودي على رغم السقوف العالية للكلام الإعلامي عن التوجه نحو صنعاء، يكشفه السعي الذي يقوده وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نحو مبادرات غربية وأممية تعيد إحياء الحلول السياسية التي كانت الرياض وراء تعطيلها.
في قلب الرهانات والارتباكات كان التلاقي السعودي التركي في لبنان لفرض معادلة ضغط عبر الإيحاء بشارع يتحوّل إلى رمال متحركة قامت قطر بتحضير جمعيات تموّلها لقيادته لحساب الشراكة السعودية التركية، مستندة إلى حالة غضب تجتاح الشارع اللبناني المنفجر في وجه أزمة عجز حكومية بدت مهينة وفضائحية في قضية النفايات، والهدف من الفوضى التي يبدو الشارع سهل الذهاب إليها تشكيل منصة يمكن استخدامها وتوظيفها في توجيه الرسائل وتعفين الساحة ودفعها إلى التآكل لتصير الحلول سهلة التسويق، بمعزل عن مضمونها، لأنّ الخلاص من الفوضى وحده يمكن أن يخفض السقوف، ويجلب التسويات المنخفضة الأهداف، سواء في الاستحقاق الرئاسي أو في سواه، وهذا السعي إلى الفوضى أظهرته المغامرة السعودية بدفع حلفائها اللبنانيين في قلب هذه التطورات الساخنة إلى اختبار تمرير مراسيم حكومية من دون توقيع وزراء حزب الله وتكتل التغيير والإصلاح، لتتراجع مع وصول موقف أميركي يعيد ترميم جدار الحفاظ على الاستقرار اللبناني وعنوانه أولاً بقاء الحكومة، بعدما وصلت رسالة الردع التي تقول إنّ المضي بهذا السلوك سيؤدّي للنزول إلى الشارع بصورة غير مسبوقة يلتقي فيها حزب الله وحلفاؤه، ووضع الفريق الآخر أمام تحديات من نوع جديد، لن يكون إسقاط الحكومة بينها أقله في المرحلة الراهنة، والرسالة فيها أنّ كلمة الحلفاء تضمّ كلّ الحلفاء المحسوم منهم والمراهن عليه.
هكذا عادت الدماء إلى شرايين الحكومة، وفقاً لمبدأ العودة للتوافق والتوقيع بالإجماع على المراسيم وفقاً لمصادر مطلعة تؤكد أنّ الرئيس تمام سلام أبلغها للمعنيين، بينما عاد التيار الوطني الحرّ إلى تحركه من دون مشاركة حزب الله، فقرّر النزول البرتقالي يوم السبت إلى تظاهرة الجمعيات المحتجة على أزمة النفايات كبداية استعادة لحيوية تحركه في الشارع.
حلحلة على صعيد المراسيم الوزارية
نجحت الاتصالات التي أجراها رئيس مجلس النواب نبيه بري في إبقاء رئيس الحكومة جلسة مجلس الوزراء في موعدها اليوم وبجدول أعمالها المؤلف من 39 بنداً أبرزها قبول هبات ومساعدات وتحويل اعتمادات وفتح حسابات ورواتب القطاع العام والعسكريين، حيث تم التوصل إلى صيغة تقضي بتوقيع وزراء التغيير والإصلاح وحزب الله على المراسيم التي تحمل عنوان الضرورة فقط. وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى أن «أجواء الجلسة ستكون هادئة هناك مشاورات جرت لتمريرها بسلام»، متوقعة «إقرار بندي رواتب العسكريين والقطاع العام».
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» «أنّ المراسيم العادية لا تصدر عن مجلس الوزراء، إنما يوقعها الوزير المختص ووزير المالية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وعلى هذا الأساس هي تحتاج إلى توقيع 24 وزيراً، ولا يكفي إمضاء 18 وزيراً عليها لكي تصبح صالحة للإصدار. التفاصيل ص 3
وتوقع وزير الإعلام رمزي جريج في حديث إلى «البناء» أن تتجه جلسة اليوم إلى الحلحلة على صعيد المراسيم الوزارية، وفي ملف النفايات. وأشار جريج إلى أن هذه المراسيم عادية صادرة من الوزارات تتعلق بالأمور الحياتية للمواطنين وسيتم عرضها على وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر في جلسة اليوم ويمكن أن يوقعوها، فيما سيحرص الرئيس تمام سلام في المستقبل على تأمين موافقة وإجماع وتوقيع كل الأطراف على أي مرسوم. ولفت إلى «أن المجلس سيبحث أيضاً موضوع رواتب وأجور موظفي القطاع العام ومن المتوقع أن يخرج بحل في هذا الموضوع، نافياً أن يكون هناك أي خطر على رواتب وأجور الموظفين». وأوضح جريج أن مجلس الوزراء سيطلب إعادة النظر بالمناقصات في ملف النفايات وفي بنود دفتر الشروط تمهيداً لإجراء مناقصات جديدة. واعتبر «أنه في حالة المناقصة الحالية أو الجديدة فأي شركة ستفوز بالمناقصات ستحتاج إلى فترة تصل إلى ستة أشهر لتبدأ أعمالها، ولا يجوز أن تبقى النفايات في الشوارع حتى ذلك الوقت، لذلك سيبحث مجلس الوزراء نقل هذه النفايات إلى مطامر موقتة محددة في كل المناطق اللبنانية بما فيها عكار».
وبانتظار المؤتمر الصحافي الذي سيعقده رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون غداً الجمعة على ضوء ما سيجري في جلسة مجلس الوزراء اليوم لاتخاذ الخطوات المناسبة، أكدت مصادر في التيار الوطني الحر لـ«البناء» بدء التحضير للتظاهر الأسبوع المقبل بالتوازي مع المشاركة في تظاهرة يوم السبت التي تنظمها «حملة طلعت ريحتكم».
وكانت حملة «بدنا نحاسب» نظمت مسيرة من وسط بيروت باتجاه الحمرا، وصولاً إلى مستشفى الجامعة الأميركية حيث يعالج الشاب محمد قصير اثر إصابته خلال التظاهرات في وسط بيروت. في المقابل أكدت عائلة الشاب قصير أن لا علاقة لها بكل تحركات حملة «طلعت ريحتكم» وغيرها للتظاهر من أجل ابنها في وسط بيروت أو أمام مستشفى الجامعة الأميركية. تزامناً أضاءت حملة طلعت ريحتكم الشموع أمام الأسلاك الشائكة في وسط بيروت تضامناً مع جرحى التحركات.
ملثمون يطلقون النار قرب مكاتب لحركة فتح
وعكر إطلاق عدد من المسلحين الملثمين النار في المنطقة التي تتواجد فيها مكاتب لحركة فتح في عين الحلوة، الهدوء الحذر الذي ساد المخيم أمس بعدما دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ الأولى بعد ظهر أول من أمس، بعد جولة عنف هي الثالثة يشهدها المخيم خلال شهر، أدت إلى مقتل عنصرين من حركة «فتح» وجرح 15 .وأكدت مصادر من داخل المخيم لـ«البناء» عن استعداد مجموعات من حركة فتح بانتظار تطبيق خطة أمنية خاطفة وعاجلة تقضي بفرض الأمن في مخيم عين الحلوة وتطهيره من المجموعات التي تعبث باستمرار بالأمن والاستقرار فيه».
وتحدثت المصادر عن «استنفار أيضاً لمجموعات من «جند الشام» و«فتح الإسلام» و«الشباب المسلم» و«القاعدة» واستعدادها لمواجهة تطبيق أي خطة أمنية تتفق عليها كل فصائل المخيم، ويقوم بلال بدر وأسامة الشهابي والشيخ جمال حمد بالإشراف على توزيع هذه الخلايا والمجموعات في ظل تنسيق غير معلن مع تنظيم «عصبة الأنصار» الذي يقف ضمناً إلى جانب الجماعات والخلايا الإسلامية، من دون أن ينجر إلى مواجهات ميدانية».
ومساء أمس أفادت معلومات عن سماع أصوات رصاص كثيف في الشارع الفوقاني في المخيم ناتجة من اشتباكات تخللها رمي قذيفة في حي عكبرة حيث حاول عناصر من فتح التقدم من منطقة عكبرة بمؤازرة نارية من المدارس، وبحسب المعلومات، فإن الهدف كان اغتيال أحد قياديي عصبة الأنصار الإسلامية الشيخ طه الشريدي الذي نجا من الاغتيال».
وأحال مفوض الحكومة المعاون القاضي داني زعني الشيخ أحمد الأسير المتهم بإنشاء خلايا إرهابية في مناطق عدة في صيدا والتخطيط لاغتيال شخصيات سياسية ودينية والتحريض على الاعتداء على المؤسسة العسكرية، إلى قاضي التحقيق العسكري الأول. كما نفذ في حقه مذكرة التوقيف الغيابية في ملف عبرا. وأحاله موقوفاً إلى المحكمة العسكرية للمحاكمة.
إقفال باب الترشيحات لرئاسة «الوطني الحر» اليوم
من ناحية أخرى، يقفل اليوم باب الترشيحات لرئاسة التيار الوطني الحر. ومن المقرر أن يعلن وزير الخارجية جبران باسيل ترشحه في حين بات فوزه إلى حد ما بالتزكية أو من خلال الانتخابات محسومة النتيجة مع انسحاب النائب ألان عون له بطلب من رئيس تكتل التغيير والإصلاح. وبدأ ناشطون وقياديون في التيار الوطني الحر من المعارضين لتسلّم باسيل مقاليد التيار بنشر صور وشعارات على مواقع التواصل تنادي وتؤكد على ضرورة تكريس الديمقراطية في التيار، وقررت المعارضة في التيار الوطني الحر إنشاء صفحة لها على مواقع التواصل الاجتماعي باسم «جيل عون».
وعقد أمس ناشطون وقياديون وحزبيون ومناصرون لقاء في أوتيل ماديسون في الكسليك كتعبير عن رفضهم انتخاب باسيل، وأكدوا ضرورة إجراء الانتخابات الداخلية في التيار التي تعبّر عن تمسك الجميع بالديمقراطية وللتعبير عن الوجه الحقيقي للتيار والخيارات التي نشأ عليها العونيون، والتي لطالما شدّد عليها عماد التيار ميشال عون، تحت عنوان: «إذا كنت معترض على أداء التيار الداخلي، ورافض الاتفاق المزعوم شكلاً ومضموناً وإذا كان بدّك توصل لمشاركة فعلية، لاقينا واعطي رأيك لنوحّد جهودنا بعمل جدّي ونوصل لحلّ سوا».
ووفقاً لموقع «النشرة» فإنّ المجتمعين الذين بلغ عددهم نحو 300 شخص، قرّروا ترشيح النائب زياد أسود، إلا أنّ الأخير طلب مهلة 24 ساعة لاتخاذ القرار المناسب.
إلى ذلك تمّ تأليف لجنة من الحاضرين لمتابعة العمليّة الانتخابية والتحضير لخوضها.