رصيد الموت مفتوح على أعتاب أوروبا
بشرى الفروي
طريق الموت لا يزال قائماً امام أعين المجتمع الدولي الذي فشل حتى الآن بحل المشكلة الحقيقية في بلدان تعاني من إرهاب أصولي يسلب حياة البشر،و يسبب بأزمة إنسانية، أدت الى ازدياد وتيرة الهروب من جحيم الداخل واللجوء إلى مكان آمن في الخارج في رحلات غير مأمونة العواقب أو مضمونة النتائج.
خمس سنوات مرت من عمر الأزمة السورية والحل السياسي لا يزال يخضع الى معوقات وعدم الجدية من قبل المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة في محاربة الارهاب والضغط على الدول الداعمة له، وهذا بالتالي أدى الى تفاقم الاوضاع الامنية والمعيشية وجعل البعض يذهب الى اجتياز طرق الى الخارج عبر وسائل شتى، مخاطرين بحياتهم وأموالهم بأمل الوصول الى دولة ما في اوروبا، حيث يعتمد أغلب المهاجرين غير الشرعيين على مهربين يتاجرون بأرواح البشر.
تستمر المأساة الانسانية، وأعلنت الشرطة النمسوية اعتراض شاحنة صباح يوم الجمعة الماضي تقل 26 مهاجراً غير شرعي بينهم 3 أطفال يعانون من الجفاف ووصفت حالتهم بأنها سيئة جداً. الشاحنة كانت تقل مهاجرين بوضع غير قانوني أتوا من سورية وبنغلادش وأفغانستان وجهتهم ألمانيا، ويأتي ذلك غداة العثور على جثث 71 شخصاً في شاحنة متروكة على أحد الطرق النمسوية السريعة قرب الحدود المجرية. وتذكر بعض المصادر بوجود حالات اتجار بالأعضاء البشرية من قبل شبكات وعصابات تستغل وضع المهاجرين وهذا يتضح بعد حالات اختفاء لأشخاص لا يعرف عنهم أي شيء غير انهم عبروا على طريق الموت.
ودعا وزير الخارجية النمسوي «سبستيان كورتس» إلى عقد لقاء طارئ لرؤساء حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول مسألة اللاجئين، على خلفية هذه الحوادث، ووصف «كورتس» هذا الحادث بـ»مؤشر كارثي جديد»، مشيراً إلى أنها ليست هي الكارثة الأولى من هذا النوع، و»على أوروبا أن تستيقظ»، بحسب قوله.
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير من جانبه، إن الاتحاد الأوروبي كان سيتعامل مع مشكلة تدفق اللاجئين بصورة أنجح لو أن جميع الدول الأوروبية شاركت في حل هذه المشكلة.
يذكر أن أكثر من 44 ألف شخص اتخذوا أراضي مقدونيا خلال الشهرين الأخيرين ممراً لدخول أراضي الاتحاد الأوروبي، فيما فضل قليلون منهم فقط طلب اللجوء في مقدونيا نفسها.
منظمة الهجرة الدولية أعلنت أن عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم هذا العام أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط إلى أوروبا تخطى عتبة ألفي قتيل، وقال المتحدث باسم منظمة الهجرة «ايتاري فيري» للصحافيين في جنيف «بلغنا للأسف الآن عتبة جديدة مع وصول عدد الذين لقوا حتفهم بحلول نهاية الأسبوع الماضي إلى أكثر من ألفي مهاجر ولاجئ» قضوا أثناء محاولتهم عبور المتوسط.
كما أفادت المنظمة أن حوالى 188 ألف مهاجر وصلوا إلى أوروبا قادمين معظمهم من اليونان وايطاليا عبر المتوسط متوقعة أن يصل العدد سريعاً إلى مئتي ألف شخص. ووصل حوالى 90500 مهاجر ولاجئ إلى اليونان وحوالى 97 ألفاً إلى ايطاليا غير أن معظم المهاجرين الذين قضوا كانوا يحاولون العبور من شمال إفريقيا إلى ايطاليا، حيث لقي 1930 مهاجراً حتفهم على هذه الطريق، فيما قضى حوالى ستين أثناء العبور إلى اليونان، وهو ما يتم عادة انطلاقاً من تركيا.
الحلول التي تقدمها الدول الاوروبية تخدم مصالحها فقط، فهي تستغل المأساة الانسانية للمهاجرين. فالحل يكمن بالضغط على الدول الداعمة للجماعات المسلحة وعصابات القتل وإغلاق الحدود أمام الإرهابيين وحشد تحالف دولي فاعل ضد الجماعات الإرهابية وليس بالضغط على الدول لتسهيل مرور المهاجرين.