سورية… لهذه الأسباب لا نعوّل على قرارات الأمم المتحدة

هشام الهبيشان

لقد أسقطت غزوات مدينة درعا بنسخها الخمس والمدعومة من الكيان الصهيوني وبعض أدواته الإقليميين وغزوة محافظة إدلب التي قامت بها مجاميع إرهابية وبدعم مفضوح من النظامين التركي والسعودي من جهة معبر أطمة الحدودي التركي كل القرارات الأممية التي تنادي كذباً ورياء بمحاربة التنظيمات الإرهابية وقطع طرق إمدادها ومنع تمويلها أو التعامل معها، فقد كان الدعم اللوجستي والناري الأخير من قبل الكيان الصهيوني للمجاميع المسلحة واضحاً في جنوب سورية، حاله حال دعم النظام التركي لغزوة إدلب وحلب، هذه الأحداث بمجموعها كانت بمثابة المسمار الأخير الذي يدق بنعش هذه القرارات الأممية 2170 و2178 و2199.

فما زالت أنقرة وبدعم علني ومفضوح من واشنطن وباريس والرياض ولندن، تمارس سياستها العلنية بإدخال ودعم وتدريب المتطرفين العابرين للقارات للداخل السوري، وتحديداً الى مناطق شمال وشمال غربي سورية بعد تدريبهم وتسليحهم، وما غزوة إدلب الأخيرة ومسار تدريب مجاميع مسلحة بالرياض وأنقرة التي أقرت، إلا جزء من عمليات كثر دعمت فيها هذه العواصم وبدعم غربي حركة المسلحين والمجاميع الإرهابية في الداخل السوري، كما يمارس كذلك كل من الرياض والكيان الصهيوني سياسة علنية مستمرة منذ 31 شهراً متمثلة بسلسلة واسعة من مسارات دعم المجاميع الإرهابية المسلحة بجنوب سورية، وما جرى من غزو مسلح «فاشل» لمناطق آمنة قامت بها مجاميع إرهابية لمناطق مختلفة بمدينة درعا في الآونة الأخيرة، ما هو إلا دليل من سلسلة أدلة تثبت حجم الدعم الصهيوني والسعودي للمجاميع الإرهابية بالجنوب السوري.

اليوم عندما نرى ونسمع عن دعم صهيوني للمجاميع المسلحة الإرهابية جنوباً، ودعم تركي للمجاميع المسلحة الإرهابية شمالاً، نتساءل أين القرارات الأممية 2م99 عن هذه الممارسات الشاذة من أنقرة والكيان الصهيوني والرياض إلخ…؟ ولماذا لم تطبق توصيات ونصوص هذه القرارات على هذه الدول؟ خصوصاً إذا تحدثنا عمّا ورد في الفقرة العاشرة من القرار 2170، والتي تقول: «يعيد مجلس الأمن تأكيد قراره بأن تقوم الدول بمنع القيام ـ بنحو مباشر أو غير ـ مباشر بتوريد أو بيع أو نقل الأسلحة والأعتدة المتصلة بها بكل أنواعها للمجاميع الإرهابية بما في ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية»، ومن هنا فالناظر إلى صمت العالم على الدعم التركي والصهيوني والسعودي والأميركي للمجاميع الإرهابية بتزويدها بالسلاح والمقاتلين، والتي بدورها قامت بغزوة إدلب ومجموعة غزوات أخرى لمناطق سورية مختلفة، سوف يتأكد أن هذه القرارات صيغت لتكون محفوظة بملفات تحفظ وتبقى حبيسة الأدراج الأممية، فكلّ العالم يشاهد اليوم وبوضوح حجم الدعم بالسلاح والتمويل والدعم اللوجيستي التي تقوم به بعض دول الجوار السوري للمجاميع المتطرفة في الداخل السوري، ومع كل هذا فالعالم يغمض عينيه عن هذه الحقائق المثبتة، ويعجز عن تطبيق بند أو فقرة من قرار أممي أُعدّ ليكون قراراً برسم الحفظ الأرشيفي بملفات الأمم المتحدة الأميركية -الصهيونية.

وعند الحديث عن القرار 2178 والذي تضمن بنوداً تلزم كلّ الدول بمنع انتقال الإرهابيين وضبط الحدود والتعاون الدولي بإعلام الأجهزة الدولية بالإرهابيين داخل كل دولة ومنع تنقل الإرهابيين بالجو وضبط التحويلات النقدية للإرهابيين وكشف المنظمات التي تدعم الإرهاب، فهذا القرار لم يطبق من بنوده شيئاً على أرض الواقع، ففي سورية ما زال الأفراد والجماعات المسلحة تعبر إلى سورية من بعض دول الجوار ويصلها الإمداد المالي من بعض دول الجوار كذلك، كما أن هناك تسهيل أممي لحركة المسلحين أفراداً وجماعات براً وجواً والذين يتم نقلهم إلى سورية من خلال تركيا تحديداً، والذين قدرت أعدادهم بعض المنظمات الدولية بالفترة الأخيرة، بما يزيد على سبعة آلاف إرهابي عابر للقارات، فأين هذه القرارات من كل هذا؟ وعلى من تطبق وأين طبقت؟

وبالنسبة إلى القرار 2199 فهو قرار كسابقاته من القرارات السابقة، ولم يطبق منه شيء، على رغم محاولة الروس توفير ضمانات دولية تتماهى مع تطبيق القرار على أرض الواقع، فتجارة النفط السوري والعراقي وتجارة الآثار الذي تديره الجماعات الإرهابية، والتي تحقق من خلالها مردودات عالية، ما زالت تسير على قدم وساق وهي مستمرة حتى الآن وهناك أطراف دولية وإقليمية تساهم بشكل مفضوح بهذه التجارة، وهنا فلا يمكن لأي متابع أن ينكر دور بعض الدول الإقليمية والدولية بهذه العمليات التي تدار من خلف الكواليس وعن طريق وسطاء، فكيف هنا يمكن الحديث عن تجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية في وقت هناك أطراف دولية وإقليمية تستفيد من التجارة عن طريق وسطاء مع هذا التنظيم، مع العلم أنّ هناك حملات تمويل كبرى لهذه التنظيمات تتمّ ومن خلف الكواليس، وتشرف عليها دول إقليمية ودولية، فهنا لا يمكن الحديث عن تطبيق فعلي للقرار الأخير 2199، وسيدخل هذا القرار بالتأكيد ضمن أرشيف ملفات الأمم المتحدة الأميركية – الصهيونية الى ما لا نهاية كغيره من القرارات السابقة.

ختاماً، إنّ أيّ حديث عن قرارات أممية هدفها وقف دعم وتمويل وتسليح المجاميع الإرهابية بسورية ما هو في النهاية إلا حديث وكلام فارغ من أي مضمون يمكن تطبيقه على أرض الواقع، فأميركا وحلفاؤها في الغرب والمنطقة كانوا وما زالوا يمارسون دورهم الساعي الى إسقاط الدولة السورية ونظامها، والروس يدركون ذلك، والنظام السوري يعلم ذلك جيداً، وهنا فلا أحد يمكن أن يعوّل على قرارات أممية ولدت مشوّهة، ومزدوجة المعايير والغايات، فهذه القرارات ولدت ميتة لا حياة فيها، وستدخل كما غيرها أرشيف القرارات الأممية التي تنتظر الاإفراج عنها والمحتجزة في أدراج الأمم المتحدة الأميركية الصهيونية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى