هل نجح روحاني في إقناع أردوغان بمراجعة سياساته في سورية والعراق؟

حميدي العبدالله

الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني إلى تركيا، وأسفرت عن توقيع سلسلة من الاتفاقات، هل تؤدي إلى مراجعة الحكومة التركية سياستها في سورية والعراق، أم أن التصريحات الإيجابية التي رافقت هذه الزيارة لا تعدو كونها حملة علاقات عامة آنية تشبه التصريحات التي أدلى بها أردوغان والمسؤولون الإيرانيون في أعقاب زيارة أردوغان إلى طهران في وقت سابق، والتي ظهر لاحقاً أنها لم تعبّر عن أي تغيير في السياسة التركية.

بادئ ذي بدء، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ إيران وتركيا تقفان في خندقين متقابلين في سورية والعراق ولجهة التحالفات الدولية، إذ تشكل تركيا حليفاً للغرب وجزءاً من حلف «الناتو»، فيما ترى إيران في سياسات الغرب من المنطقة تهديداً لمصالح شعوبها. فهل ثمة متغيّرات سياسية ومصالح مستجدة من شأنها أن تجسّر الهوّة التي تفصل بين الخندقين المتقابلين وتفسّر أيّ نجاح يمكن أن يتحقق في زيارة روحاني لتركيا ويعبّر عنه في مراجعة السياسة التركية في سورية والعراق؟

بلى، ثمة متغيّرات تشير إلى احتمال نجاح زيارة روحاني، في حين فشلت الزيارات المتبادلة السابقة بين المسؤولين الأتراك والإيرانيين. أبرز هذه المتغيّرات:

أولاً: الانفتاح الأميركي، وبالتالي الغربي على إيران، وقد بلغ ذروته في إجراء أول حوار مباشر بين مسؤولين إيرانيين ومسؤولين أميركيين، وهذا يعني أنّ تركيا لن تكون عرضة لضغوط أميركية وغربية حول أيّ تعاون مع إيران.

ثانياً: في سورية بات خطر الإرهاب والجماعات «الجهادية» التي تهدّد الغرب أكبر من أيّ خطر آخر، وباتت محاربة هذا الخطر تشكل أولوية في السياسات الغربية، وجاء انتخاب الرئيس بشار الأسد والإقبال الواسع على المشاركة في الانتخابات ليفرض على الحكومات الغربية وحليفاتها في المنطقة مراجعة سياساتها في سورية والتخلي عن وهم إسقاط النظام أو تغييره، وهذا المتغيّر خلق واقعاً ملائماً يسمح بنجاح أيّ جهد إيراني لإقناع أردوغان بإعادة النظر في حساباته وسياساته في سورية. ولعلّ صمت الحكومة التركية وعدم تعليقها على نتائج الانتخابات في سورية ومجاراة الغرب في هجومه على الانتخابات مؤشر على احتمال حدوث تغيير في موقف تركيا مما يجري في سورية، وبالتالي الاستجابة للإلحاح الإيراني على مراجعة السياسة السابقة.

ثالثاً: في العراق أنتجت محصلة الانتخابات النيابية العراقية، وتعاظم نفوذ «داعش»، وفشل تصدير النفط الكردي عبر تركيا وتراكم المخزونات المصدّرة في المستودعات التركية، فضلاً عن دعم الغرب للانتخابات العراقية، واقعاً يصعب على أردوغان تجاهله ويسهّل على إيران والرئيس الإيراني إقناع أردوغان باعتماد سياسة أكثر واقعية حيال العراق.

رابعاً: يقترب موعد الانتخابات الرئاسية في تركيا التي ستُجرى بعد نحو شهرين، أي في آب المقبل، والتي ينوي أردوغان الترشّح لخوضها. وبديهي أنّ أردوغان يسعى إلى تعزيز ترشحه بتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية عشية هذه الانتخابات لتكون معيناً لـه في حملته الانتخابية، وتفاهم أردوغان مع إيران، الجار الوحيد لتركيا التي لم تتدهور العلاقة معها، بالإضافة إلى حجم التبادل التجاري بين البلدين، يمنح أردوغان أوراقاً مهمة في حملته الانتخابية لإقناع غالبية الأتراك بالتصويت لـه.

هذه المتغيّرات التي تشكل السياق العام لزيارة الرئيس الإيراني لتركيا ترجّح احتمال نجاحه في إقناع أردوغان بإجراء مراجعة للسياسات التي اعتمدها في الأعوام الثلاثة الماضية، بخاصة في سورية، والتي أثرت في حرارة العلاقات بين طهران وأنقرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى