سنوات عشر تكفي!

د. جورج جبور

انتهت أول من أمس، 31 آب 2015، مهلة تقديم طلبات الترشّح لعضوية مجلس اتحاد الكتّاب العرب. يقال: ثمة اجتهادان في شأن استمرار رئيس الاتحاد الحالي ومعه بعض أعضاء المكتب التنفيذي في الوصول إلى المجلس وإلى المكتب. اجتهاد يجيز، وشقيق له يمنع.

علمت، باتصال أجريته، أنّ اللجنة القانونية في الاتحاد برئاسة القاضي الأستاذ عبد الأحد سفر، عضو الاتحاد، ستجتمع وتدرس. ولا أدري إن كانت توصي أو تقرّر.

نصوص القوانين والأنظمة ليست بين يديّ ولن أبحث عنها، على رغم أنّ اختصاصي الأول الأساسي هو القانون. وكنت قاضي نيابة عام 1960.

بعد قصة القاضي الذي ارتكب «سرقة تكاد تكون كاملة» في شأن نصّ لي، وهذه كلمات من رسالة رسمية لي بقلم رئيس الاتحاد السابق، لم أعد على ثقة كافية بالقانون وبالقضاة، وتقاعدت من اتحاد الكتّاب.

أخاطب الحسّ العام لدى المسؤولين عن الشأن العام برأيٍ واضح لا لُبس فيه: سنوات عشر من شغل المسؤولية الأولى في اتحاد الكتّاب العرب تكفي، ولا يهمّ إن كانت فعلية أو قانونية. تكفي سنوات عشر.

وينسحب هذا الرأي على المسؤولين الأوائل في نقاباتنا المهنية ومنظّماتنا الشعبية. وهذا الرأي بالضبط هو ما تبنّاه الرئيس بشار الأسد حين ارتضى أن تنحصر ولاية رئيس الحمهورية باثنتين. أما الاستثاء بسبب الظروف الراهنة فلرئيس الجمهورية وحده.

وثيقة منذ السبعينات

كمن يتقدّم بهم العمر، يحلو لي البحث في أوراقي القديمة. عثرت على هذه الوثيقة التي كانت موضع بحث مفصّل مع الأستاذين حافظ الجمالي وجلال فاروق الشريف ـ رحمهما الله ـ تمّ تبنّي ما فيها. إلّا أنّ التنفيذ الفعلي غاب، كلّ ذلك بحسب ما تختزن الذاكرة. رفعت صورة عن الخطة إلى الرئيس الراحل حافظ الأسد، فامتدحها خلال لقاءٍ معه. قد تختزن ملفات الاتحاد تفاصيل أوفى عن حصيلة هذه الخطّة، كما قد تكون ملفات عام 1973 أفرغ من قلب أمّ موسى، والله أعلم.

هذا هو النصّ، وأحتفظ بنسخة عن الأصل أقدّمها إلى ملفّات الاتحاد، إذا شاء الاتحاد بذل مزيد من الاهتمام بتاريخه:

أرى أن تتشكل داخل طار الجمعية عدة روابط تهتم كلّ واحدة منها بناحية مهنية معينة. وأستطيع في مجال اهتمامي أن أرى الحاجة إلى روابط ثلاث على النحو التالي:

– رابطة دراسات الوحدة العربية: تعرّفنا بوضعية دراسات المجتمع العربي المعاصر لدى المؤسسات وفي الأدبيات الدولية والعربية. وتعمل على تقدّم هذا الحقل من العلم بما يخدم الوحدة العربية. تصدر الرابطة نشرة دورية أو غير دورية ذات توزيع عام أو محدّد، وتتصل بمثيلاتها من الروابط في العالم ـ أي بروابط الدراسات العربية والشرق أوسطية ـ وتطمح إلى توسيع نطاقها العربي في مجالات العلوم الاجتماعية، خصوصاً علم الاجتماع وعلم السياسة وعلم الاقتصاد.

– رابطة دراسات القُطر: يمكن تصوّر هذه الرابطة على نحوين. إما خاصة بالعلوم الاجتماعية التي تدرّس المجتمع المعاصر في القطر، أو عامة تضمّ شمل كل الباحثين في كلّ ناحية من نواحي القطر، تاريخاً وراهناً. تصدر الرابطة نشرة تتضمن على الأقل تطوّر البيبليوغرافيا عن القطر، ويمكن أن تضطلع بدور الريادة في مشاريع جليلة كمشروع بيبليوغرافيا القطر. وقد يمكننا الاقتباس في ذلك من السودان، إذ لديه «وحدة دراسات السودان».

– رابطة دراسات الاستعمار الاستيطاني المقارن: وقد فصّلت القول عن هذا الموضوع في مناسبات كثيرة. وأحد المجالات الهامة في هذه الدراسات هو المجال الأدبي. أي مقارنة أدب المستوطنين في نظرتهم إلى السكان الأصليين والعكس بالعكس: صورة الهندي في الأدب الأميركي ومقارنتها بصورة الأفريقي في الأدب الأفريكاني، والعربي في الأدب الصهيوني. هذا المجال الأدبي هو ما أودّ أن ألفت إليه بالذات نظر الجمعية. ويعمل حالياً على هذا الموضوع كل من د. غسان المالح من جامعة دمشق، و د. عبد الوهاب المسيري من جامعة عين شمس. ومن المهتمين بالموضوع حالياً آلِكس لاغوما القاصّ الأفريقي الشهير.

لا تحتاج هذه الروابط حالياً إلّا إلى سكرتير هو محرّر النشرات الصادرة عنها والمضطلع بالمراسلات بِاسمها. ويمكن للعضو أن يشترك بواحدة أو أكثر من هذه الروابط لقاء اشتراك خاص يقصد منه أن يكون أحد معايير إثبات الاهتمام.

تعقد هذه الروابط ندوات مغلقة أو مفتوحة. كما أنّها تنظّم المحاضرات وغيرها من الفعاليات. علاقة الرابطة بالجمعية وبالاتحاد يمكن تحديدها بنصّ قانونيّ مناسب لدى الحاجة. وإن كان من الأفضل أن يترك ذلك التحديد للممارسة. أودّ فقط أن أشير إلى إمكان قد يُرى مناسباً اللجوء إليه مستقبلاً. وهو التفريق بين نوعين من العضوية داخل الرابطة. نوع أول هو عضو في اتحاد الكتاب، ونوع ثانٍ لا تشترط فيه عضوية الاتحاد ـ لأسباب سياسية مثلاً ـ هذا الإمكان ينبغي برأيي أن يكون وارداً في الجمعيات الأخرى أيضاً ولأسباب واضحة.

وأكتب راهناً: لعلّ من المفيد أن تنظر قيادة الاتحاد الجديدة في خطّة العمل المقترحة هذه. فيها نقاط لا تزال صالحة على رغم مضيّ 42 سنة على كتابتها. ومن المفيد بالتأكيد نشر ما سبق في «الأسبوع الأدبي»، على الأقلّ من حيث أنه وثيقة قديمة. واستطراداً: يحسن، عندي، نشر وثائق قديمة عدّة مما تختزنه ملفّات الاتحاد. فإذا كانت لدينا محاضر اجتماعات المكتب التنفيذي منذ تأسيس الاتحاد، فلا ريب أنّ إتاحة هذه المحاضر إنما هي خدمة جليلة تقدّم إلى الباحث في تاريخ تطوّر الفكر في القطر، وفي تاريخ القطر على نحو عامّ.

عضو الاتحاد بين 1970 و1996

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى