مصر في الخاطر العربي

شهناز صبحي فاكوش

مصر العربية الإقليم الجنوبي في الجمهورية العربية المتحدة، فيها الجيش الثاني. شريكة حرب تشرين التحريرية، تلك التي حلف شعبها بسمائها وترابها، بقمحها بمآذنها ومدافعها وأبنائها، أن لا تغيب الشمس العربية طوال ما يعيش في الدنيا.

سورية الإقليم الشمالي، فيها الجيش الأول للجمهورية العربية المتحدة. والجبهة الأولى في مواجهة العدو الصهيوني. شريكة النصر في حرب تشرين التحريرية، هي المقاومةُ التي لم تتنازل أمام العدو الصهيوني، وواسطة عقد محور المقاومة.

سورية تدفع اليوم فاتورة المقاومة نيابة عن العرب جميعاً حفاظاً على الهوية القومية للأمة. الإرهاب يضربها في الداخل ويحيطها كزنار نار تدعمه كلّ قوى البغي عربية وغربية. هذه القوى تُدخل مصطلح «المعارضة المعتدلة» دسيسة على حَمَلَةِ السلاح.

كلّ من يحمل السلاح ضدّ أهله وشعبه، أو يخترق حدود الغير لقتال أهل الأرض الأصليين، هو إرهابي، وفق الشرعة الدولية. وعلى جيش هذه الدولة حماية أبنائها. عن أيّ معارضة معتدلة تتحدث أميركا وهي تدرّبهم على القتال وتزجّهم في سورية.

مصر اليوم منتظر منها موقف إيجابي تجاه سورية والدول العربية التي تعاني من الإرهاب… هذا الذي تمتدّ أذرعه لتنال منها بعد لفظها لـ«الإخوان المسلمين» وانكشاف فشلهم الذريع، ما قزّمهم في إدارة وحكم البلاد، وكشف أوراقهم الفارغة للعالم أجمع.

مصر اليوم تقع في خانة العتب الشعبي، فالمؤمل منها استرداد دورها الرائد في التوجه نحو سورية الشقيقة، هذه التي كانت دائماً تعذرها لمعطيات كثيرة، لا تخفى على أحد، فلا تحمّلها أكثر من طاقتها. لكنها اليوم يجب أن تحدّد موقفها وأولوياتها.

التعاطي مع الأزمة السورية يتطلب منها التسريع في أخذ دورها كما تاريخها العريق معها كشقيقة. السلبية لن تنجز إلا تخطي الإرهاب إلى أراضيها، ولا نأمل ذلك. هي التي تعمل على تشكيل القوة العربية المشتركة مع السعودية.

إلى أين تتجه هذه القوة، والسعودية تدعم الإرهاب في سورية بشكل سافر، وتدّعي أنها ضدّ «الإخوان» الذين يمارسون حالات إرهاب في مصر. مشهد سياسي عسكري متناقض، هل ستتجه هذه القوة لمحاربة الإرهاب بالتنسيق مع سورية والعراق.

هل ستستمرّ هذه القوة في تحطيم اليمن السعيد حتى بعد أن أصبح تعيساً. المفارقة في المواقف تتطلب من مصر لعب الدور المأمول بها. علّ الأمة تنهض من كبوتها التي طالت، وهي ترزح تحت هيمنة نظم متأسلمة، في واقع الأمر هي عميلة وخائنة.

الخيانة والانغماس في حضن محور الشرّ الذي تقوده أميركا، والحجة في الضلوع بالخيانة للأمة، هو الخوف من امتداد حيوي إيراني، للساحة العربية. جعلهم المخلصين والمنحطين إلى الدرك الأسفل في الذيول الغربية والأميركية.

أن تستقبل القاهرة أطرافاً من المعارضة السورية، فهذا لا ضير فيه، إنْ كان الهدف الوصول إلى تناغم وطني يضيء شمعة أمل للحلّ السوري. لا بدّ من أثر عملي تؤدّيه مصر، ليكون المحدّد الأساسي والرابط في رفض اللغة التحريضية التكفيرية.

سياسات التكفير والتشويه للإسلام، بممارسات «داعش» وآلية الإجرام والتدمير الهمجية اللاإنسانية التي تمارسها، لا بدّ أن تجعل كلّ من يخشى تفشيها في بلاده أن ينسّق مع سورية لوأدها، قبيل وصولها إلى أرضه، حيث لا تحمد عقباها.

الدور المصري لا بدّ أن يكون صوب ممالك العرب والإمارات، لتكفّ عن التحريض المذهبي، وسياسات التشويه المذهبي، في صحة الاعتقاد وصدق المعرفة، والحدّ من تشظي الخطاب الإعلامي، وتكرار الأفكار العشوائية المتخمة بالعشائرية الغرائزية.

دور مهم مأمول من مصر العربية، بمكوناتها المحبة لسورية، وحرصها على حياة أهلها الاجتماعية، التي دفعت بالكثيرين للهرب من دمار الحرب إلى حضن المجهول حيث الموت المنتظر، أو العنف والامتهان في بلاد الأغراب للناجين.

حلم بصور الحياة الجميلة الجاذبة للسلام والرفاهية، تبتلعه مياه المتوسط، عشرات ومئات على مدى استعار الحرب، أحلامهم حبيسة معلومات جزئية صحيحة ومبهمة، صور تكرّرها وسائل الإعلام التحريضي المغرض، لإفراغ البلاد من أهلها.

سورية تقرع جرس الإنذار للعرب من «إسرائيل» التي تخترق أجواءها لتغطي عمليات إرهابية على حدود الجولان، أمر يمكن أن ينتقل إلى حيث تكون «داعش» على الأرض العربية، لسنا بحاجة إلى سدّ الذرائع بل إلى العمل الناجع لجلاء الحقيقة.

سورية أفشلت اليوم بكلّ تضحياتها ضدّ الإرهاب، المشاريع التكفيرية الإقليمية أردوغانياً، ودولياً أميركياً وغربياً. وإنْ كانت حققت نجاحات تكتيكية، إلا أنّ سورية وجيشها المحارب المنقذ، وإيمان شعبها بالانتصار على الإرهاب، هو سرّ صمودها.

الدور المصري وتفاعله إيجابياً مع الأزمة السورية قد يعيد العرب إلى جادة الصواب، من خلال الربط بين النظرية والتطبيق، ما يوصل إلى الحقيقة، عبر نجاحها في لعب دورها المهمّ تاريخياً. فلسفة تهتمّ بالعمل كمعيار وحيد للحقيقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى