وزير الداخلية: أي اعتداء على مؤسسة عامة سيحسم من اللحظة الأولى ولو بالقوة
يوم عمل عادي قضته وزارة البيئة في مبنى «اللعازارية» أمس لم يعكر صفوه أي اعتصام أو تظاهرة أو هتافات تنال من وزير البيئة محمد المشنوق الذي داوم في مكتبه كالمعتاد منذ الصباح، وكأن شيئاً لم يحدث داخل وزارته وخارجها أول من أمس من اعتصامات وشتائم. بل كان العكس جرعة دعم قوية تلقاها المشنوق من الحكومة بالتوازي مع سيل من المواقف المحتضنة له والمستنكرة لاحتلال وزارته. فيما سُجل انتشار أمني في محيط الوزارة حيث فتحت المحال والمؤسسات التجارية في وسط بيروت أبوابها.
وبعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام في السراي مطلعاً إياه على ما شهدته الوزارة أول من أمس جراء اقتحام «طلعت ريحتكم» مقرها في اللعازارية، أكد المشنوق «أن موقف حملة «طلعت ريحتكم» حتماً جاء مصوباً باتجاه الشخص الغلط». وقال: «نحن بدورنا، نؤكد أن مسؤوليتنا مستمرة ونحن جزء من هذه الحكومة واي شيء يتعلق بأي ملف آخر لا مانع لدينا من مناقشة أي أخطاء فيه إذا حصلت، الحمد لله قمنا بأعمالنا حسب ما يمليه علينا ضميرنا وسنستمر ضمن الأطر التي وضعتها»، متمنياً لموضوع النفايات أن يصل إلى خاتمة سعيدة «لأن البيئة بيئة وطن وليست بيئة القوى السياسية التي لا تزال تقف في وجه هذه الحلول».
وبالتوازي، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه في الوزارة، أن «قوى الأمن هي الشرف والكرامة وهي حامية اللبناني وأمنه»، لافتاً إلى ان «ما حصل هذه الأيام ليس تظاهراً بل هو اعتداء على كرامة الناس». ولفت إلى ان «الشتائم التي توجهت للقوى الأمنية ليست حقاً في الدستور، قوى الأمن هي من الناس ومن يراها غير ذلك يكون لديه عمى وطنياً»، وقال: «هذا العسكري الموجود هو بحاجة إلى الكهرباء والمياه مثله مثل أفقر مواطن».
واعتبر ان «السياسة القائمة على شيطنة قوى الأمن جريمة بحق البلد وأمنه»، وقال: «أريد أن أشكر المتظاهرين الذين ساعدوا العسكريين بالأمس وحاولوا حمايتهم من الضرب والإهانات. وأنا رأيت كيف صبر العناصر أمام كل ما يحصل والتزموا بالتعليمات من رؤسائهم التي تمنعهم من الجنوح نحو أخطاء كثيرة».
وأكد المشنوق ان «الجرحى من قوى الأمن أعدادهم أكثر من الجرحى المتظاهرين، ومع ذلك لم نسمع أحداً من المتظاهرين يتأسف لقوى الأمن»، مشدداً على أن «مهمة قوى الأمن حماية الدولة والأملاك العامة والخاصة».
وأعلن «أن أي احتلال أو اعتداء على مؤسسة عامة سوف يتم حسمه من اللحظة الأولى تحت سقف القانون وبالقوة إذا لم يستجب المعتصمون. لا سياسة في لبنان بوضع دبابات على المباني العامة وهذا المبنى ملك للدولة اللبنانية وليس للوزير، وبالتالي الاعتداء عليه هو اعتداء على الشعب».
واذ أكد «حق التظاهر السلمي لحده الأقصى»، قال: «مسؤوليتنا حماية المتظاهرين لكن لا يوجد أي عسكري مضطر أن يتحمل الشتائم التي توجّه إليه».
وكشف أن «يوم 22 آب، حصل إفراط في استخدام القوة خلال التظاهرة، لكن هذا الافراط لديه مسبّبات ومبرّرات تتعلق بالساحة التي حصلت فيها الأمور. لقد رميت قنابل مسيلة للدموع نعم واستخدم الرصاص المطاطي، لكن النار أطلقت في الهواء وليس على المتظاهرين، وأشرطة الفيديو موجودة وتم تحديد من أطلق النار في الهواء، عنصر المفاجأة كان في الهجوم على العسكريين المصطفين أمام الأسلاك الشائكة».
وكشف انه تلقى أول من أمس اتصالات من جميع القوى السياسية ومن الجيش، للتأييد والدعم، لافتاً إلى «أننا سنتصرف في 9 أيلول، كما تصرفنا في 29 آب».
وأوضح رداً على سؤال «قلت حرفياً أن وراء أعمال الشغب، دولة عربية ولم أسمِ قطر ولن أسمي أي دولة قبل أن أتأكد، أنا في صدد البحث والتدقيق في هذا الأمر، ولا يجوز أن أسمي قبل أن أتأكد ففي ذلك مسؤولية كبيرة، ولبنان حريص على علاقاته العربية وصون مصالحه فيها».
وقال: «لا أرى ربيعاً لبنانياً قبل انتخاب رئيس وإقرار قانون انتخابي جديد».
وكان سلام عرض مع وزير الداخلية الأوضاع العامة.
دريان
وفي المواقف من أحداث أول من أمس، أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان أننا نقف إلى جانب الرئيس سلام والوزيرين نهاد ومحمد المشنوق وسائر الوزراء «في هذه الأزمة العصيبة التي يمرّ بها وطننا، فنحن متمسكون بالحكومة التي تستمد قوتها من الدستور وبالثقة التي حازتها من المجلس النيابي، وإسقاطها او استقالتها سيدخل البلاد في المجهول».
وقال دريان قبيل مغادرته بيروت متوجهاً إلى أثينا، للمشاركة في اللقاء الحواري حول «دعم حقوق المواطنة والتعايش السلمي بين المسيحيين والمسلمين في الشرق الأوسط»، «مطالب الشعب المحقة والمشروعة، الجميع يُنادي بها وتحقيقها يكون بالمطالبة بالطرق المسموح بها قانوناً لا بالتمرد على الدولة وبالاعتصام داخل وزارة البيئة لتعطيل عملها، فالتعدي على أي مرفق عام للدولة أو أملاك خاصة عمل مشبوه يُراد منه تعكير أمن البلاد».
تجمع العلماء
واعتبر «تجمع العلماء المسلمين» أن «المطالبة بحقوق الشعب والسعي إلى تحقيقها هي مهمة شريفة ولا يستطيع أحد أن يتعاطى معها إلا بالتقدير والاحترام»، معلناً أنه «مع السعي إلى حراك ديمقراطي سلمي يعبر عن نفسه بشعارات واضحة ويتصدى لقيادته قيادة واضحة لا أشباحاً تدير الأمر من وراء الكواليس».
ورفض «احتلال المؤسسات وتعطيلها فهي أماكن يتابع الناس فيها مصالحهم وتعطيلها مضر بالشعب أكثر مما هو مضر بالدولة».
كذلك، رفض «دفع الأمور نحو الفوضى كما حصل في بلاد ما سمي بالربيع العربي، بخاصة أن هناك مؤشرات على هكذا توجه إن لجهة انتماء الأشخاص الذين يتابعون المواضيع للجهات نفسها التي عملت على الفوضى في أكثر من مكان في العالم، أو لجهة مسارعة الولايات المتحدة الأميركية للتدخل لمصلحة من أثار الفوضى، أو لجهة أن يقوم مجلس الأمن بإبداء القلق على ما يحصل وهو الذي لا يبدي قلقاً إلا بما يتناقض مع مصالح الشعوب ويهدد مخططات الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني».
واعتبر التجمع أن «الحل الوحيد هو اجتماع مجلس النواب اليوم قبل غد لإقرار قانون انتخاب نسبي … وبعدها يصار إلى انتخاب رئيس جمهورية، وبذلك تنتظم الحياة السياسية في البلد وتوضع الحلول المناسبة ويبقى الشعب جاهزاً ومستنفراً للمحاسبة».
«الاتحاد البيروتي»
ورأى رئيس «الاتحاد البيروتي» الدكتور سمير صباغ، «أن اللبنانيين استفاقوا منذ أيام على حراك شعبي جديد يجعل من الصراع مع السلطة صراعاً من نوع جديد». وقال: «ليس هو أزمة بين بعض مكوّنات الطبقة السياسية التي لم تهتد إلى إيجاد حل لها، وتبقي اللبنانيين يعيشون في جو من الفساد على كل المستويات، وليس هو خلافات على خيارات استراتيجية تبقي اللبنانيين في حال قلق شديد، انه صراع بين كل الطبقة السياسية والشعب كل الشعب».
وأوضح: «صحيح أنه صراع يدور حول النفايات، وهو يهم كل اللبنانيين، هو موضوع له حيثيات وارتباطات سياسية».
وأشار الى انه «في البداية بدأت بعض عمليات تشويه هذا الحراك ففشلت، ثم انهالت بيانات القوى السياسية، وكلها تؤكد تفهمها للمطالب الشعبية، وتدّعي أنها كانت أول من طالب بها، ثم بدأت حملات الإحاطة بالحراك لتفريغه من محتواه».
وتابع صباغ: «من منطلقنا الوطني والتقدمي طالما نادينا بالتغيير، لذلك لا يمكن الآن إلا أن نكون من مؤيدي حراك ذي خلفيات وأهداف واضحة، ولكن ألا يجب علينا أن نتساءل عن خلفيته وخلفية أبطاله، وعن هويتهم وخلفيتهم السياسية. من حقنا أن نتساءل عن كل هذا، فنحن نريد حراكاً شعبياً منزهاً عن كل قيد طائفي أو مذهبي أو من قيد زعيم أو آخر».
وأعلنت «جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية» في بيروت، في بيان، عن وقوفها إلى جانب وزير البيئة، معتبرة «أن ما حصل أمام وزارة البيئة هو إساءة للدولة بكل مكوناتها، وإساءة للتحرك الشبابي الصادق والذي استبشرنا به خيراً».
وشددت على أن «حرية الرأي لا تكون بالشغب وبإطلاق عبارات نابية في حق وزير البيئة، ووزير الداخلية والاصطدام مع القوى الأمنية التي تحافظ على أمن الوطن والمواطن»، معتبرة «المطالبة بالضغط على استقالة الوزير محمد المشنوق هو للنيل من الحكومة لدخول لبنان في الفوضى».
ورأى الأمين العام لـ»التيار الأسعدي» معن الأسعد في تصريح «ان اقتحام المرافق العامة قد يضيع بوصلة الحراك الشعبي ويفرغه من مضمونه وأهدافه الوطنية التغييرية، ويعطي عذراً للطبقة السياسية الحاكمة لتقويض هذا الحراك المطلبي المحق».
وحمّل السلطة السياسية الحاكمة «مسؤولية نتائج وتداعيات ما يحصل، باعتمادها سياسة اللامبالاة والإستلشاق ومحاولة تطييف ومذهبة كل تحرك شعبي يطالب بحقوق اللبنانيين»، محذراً «من تدخلات مشبوهة مغطاة من دول خارجية لضرب هذا التحرك».
ورفض الاعتداء «على المتظاهرين والإفراط في القوة التي اعتمدتها القوى الأمنية»، مشدداً «على ضرورة تصعيد التظاهرات سلمياً، حتى تحقيق المطالب».
نقابة الصحافة
وأيد مجلس نقابة الصحافة، في بيان، «مطالب الناس المحقة والتي دفعت بهم إلى الحراك مطالبين بأبسط حقوقهم وعيشهم الكريم لجهة الماء والكهرباء وحل مشكلة النفايات، وفي الوقت عينه يرفض المجلس أي اعتداء على المؤسسات والأملاك العامة والخاصة وحرف التحرك عن عنوانه الأساس، مع الحرص الشديد والأكيد على حق الناس بالتظاهر وحرية التعبير عن الرأي ضمن حدود القانون والانتظام العام الذي حكم العلاقة بين السلطة والشعب».
وشدد المجلس على «ضرورة السعي لإخراج البلد من أزماته المتشعبة عبر انتخاب رئيس للجمهورية ومجلس نواب وتفعيل عمل مؤسسات الدولة والتي سيشكل الحوار أولى الخطوات باتجاهها».
وأكد المجلس «ان الإعلام الحر هو الاعلام الذي يتوخى الدقة والموضوعية والمهنية في نقل صورة ومشهد أي حراك».
ويحض المجلس الزملاء الإعلاميين و»هم المشهود لهم الحرص على الوطن على عدم الوقوع في فخ التحريض على الاستقرار والسلم الأهلي».
العاملون في المرئي والمسموع
وأصدرت نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع بياناً جاء فيه «تزايدت في الفترة الأخيرة حالات التعرض والاعتداء على الإعلاميين العاملين في سائر القطاعات المرئية والمسموعة والمكتوبة. إن نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع تؤكد أن العاملين في القطاعات الإعلامية إنما يقومون بمهماتهم المنوطة بهم من قبل المؤسسات التي يعملون فيها وهم يعلنون التزامهم الأطر التي ترعاها القوانين والأنظمة المعمول بها في لبنان».
ورأت النقابة «في الأفعال التي قام بها بعض العناصر الأمنية في حق الاعلاميين مخالفة للقوانين وتشكل اعتداء واضحاً عليهم يمنعهم من القيام بواجباتهم المهنية»، وأملت أن تكون هذه الأفعال «فردية وأن لا تكون تنفيذاً لأوامر عليا»، مشيرة إلى أنها تنظر إلى تكرارها بعين الريبة داعية الى «اتخاذ اجراءات تمنع تكرارها حتى لا تصبح سياقاً يضع الاعلام في مقابل القوى الأمنية أو السلطات المسؤولة عنها وهو خيار لا يريده العاملون في الاعلام المرئي والمسموع لأنه يوصل إلى نتائج غير محمودة العواقب». لذا طلبت النقابة «من السلطات المعنية ذات العلاقة في الوزارات المعنية ضرورة استعجال التحقيق في هذه الاعتداءات ومعاقبة المعتدين … ورد الاعتبار للمعتدى عليهم».