الانتخابات المبكرة ومصير أردوغان
حميدي العبدالله
حزم الرئيس التركي أمره، واتخذ قراره النهائي ووجه آلة حزبه، بما لها من نفوذ داخل مؤسسات الدولة، باتجاه إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
وهذا الخيار دغدغ مخيلة أردوغان الذي كان يحلم في انتخابات 7 حزيران بالسيطرة على غالبية تزيد عن ثلثي أعضاء البرلمان التركي من أجل تعديل الدستور وإقامة نظام رئاسي، لكن الانتخابات كانت مخيبة لآماله، إذ تراجعت حصة حزب العدالة والتنمية إلى ما دون نصف أعضاء البرلمان، وحرمه ذلك ليس فقط من تعديل الدستور، بل الاستمرار بالحكم عبر انفراد حزب العدالة والتنمية بتشكيل حكومة جديدة.
لكن ما الذي يمكن أن يتغيّر في الانتخابات المبكرة التي ستجري بعد شهرين من الآن وهل يمكن أن تتغيّر نتائج انتخابات 7 حزيران لمصلحة أردوغان وحزب العدالة والتنمية؟
لا شك أنّ هذا هو رهان أردوغان، لأنّ أيّ نتائج مشابهة لنتائج 7 حزيران ستعني إسدال الستار نهائياً على حكم حزب العدالة والتنمية، لأنه سيكون من المستحيل الذهاب مرة ثالثة إلى انتخابات جديدة في غضون أقلّ من عام، وهذا ما يجعل خيار تشكيل حكومة ائتلافية، مع أو بدون حزب العدالة والتنمية، هو الخيار الوحيد المتاح للخروج من الأزمة السياسية التي نتجت عن انتخابات 7 حزيران، وهو الخيار الذي لا يحبّذه أردوغان وحزب العدالة والتنمية.
رهان أردوغان وحزبه ينصبّ الآن على ثلاثة أمور أساسية، الأول تغيير مرشحي الحزب والعودة إلى مرشحين كان قد استبعدهم في الانتخابات السابقة استناداً إلى النظام الداخلي لحزب العدالة والتنمية الذي يحظر الترشح الدائم إلى مجلس النواب. الأمر الثاني، قلق الأتراك، أو على الأقلّ غالبية الأتراك، على الاستقرار السياسي والحكومي بوصف هذا الاستقرار شرطاً للحفاظ على أداء الاقتصاد بوتيرة مرضية. الأمر الثالث، أن يقود الموقف الجديد من حزب العمال الكردستاني المتمثل بعودة المواجهة المسلحة إلى استعادة بعض الأصوات التي ذهبت إلى حزب الحركة القومية احتجاجاً على المفاوضات بين حكومة حزب العدالة والتنمية والأكراد.
لا يبدو أنّ هذا الرهان صائب، أو على الأقلّ مضمون النتائج، فإشراك ممثلين عن الأكراد في الحكومة التي تدير الانتخابات، تشكل أولاً مظلة حماية لأكراد تركيا في الانتخابات المقبلة، كما أنها تشكل عنصر تحريض على حزب العدالة والتنمية، والأرجح أنها ستحول دون قدرته على استعادة الأصوات التي ذهبت إلى حزب الحركة القومية، فالحزب الأخير لديه الآن مبرّرات أكبر للتصويت ضدّ حزب العدالة والتنمية. كما أن غالبية الأتراك ترى أنّ سياسات حزب العدالة والتنمية هي التي أدّت إلى عودة اللا استقرار وهؤلاء ليسوا على قناعة بأنّ حزب العدالة قادر على استعادة الاستقرار من جديد.
يبدو أنّ هذه الاعتبارات هي التي تفسّر تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية في استطلاعات الرأي عما كانت عليه في انتخابات 7 حزيران.