الحرب على الإرهاب ونظريتان أميركية وروسية
ناديا شحادة
الجميع يدرك ان اميركا سعت الى خلق ميليشيات في منطقة الشرق الأوسط تخدم السياسة والمصالح الأميركية في المنطقة، فدعمت الجماعات الإرهابية لتحقيق أهداف المشروع الأميركي الصهيوني وبعدما فشلت سياستها في سورية وأخفق حلفاء واشنطن مما يسمون انفسهم اصدقاء سورية بتحقيق هدفهم في اسقاط الدولة السورية، لجأت اميركا الى تشكيل تحالف دولي لمحاربة الارهاب خارجاً عن القانون الدولي والامم المتحدة، تحالف يفقد الاستراتيجية والأهداف الواضحة لضمان نجاحه، ففي الاجتماع الذي عقد في ويلز لوضع استراتيجية لمواجهة «داعش» من قبل وزراء الخارجية والدفاع لعشر دول مشاركة صرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري انه نحتاج الى مهاجمتهم على نحو يحول دول استيلائهم على مزيد من الاراضي، فيؤكد المتابعون على ان اميركا ترغب بالقيام بعملية احتواء لداعش لاستخدامها كحصان طروادة وليس القضاء على الارهاب الذي رعته وغذته الأموال الخليجية والذي تدرب وتتلمذ عناصره على ايدي الاستخبارات المركزية الاميركية وقد أكدت ذلك وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلنتون في كتابها الجديد عندما اعترفت بأن الإدارة الأميركية قامت بتأسيس ما يسمى بتنظيم داعش لتقسيم منطقة الشرق الأوسط.
فأمام هذا السلوك الملتبس من القيادة الأميركية التي سعت لتشكيل تحالف تحت المظلة الأميركية مخترقة سيادة الدول المعنية في محاربة «داعش»، الذي كان ذريعة لدعم طموحاتها الى زعامة عالمية
وهذا ما أكده الدبلوماسي الروسي ايليا روغاتشوف مدير قسم شؤون التحديات والتهديدات الجديدة في وزارة الخارجية الروسية ايليا روغاتشوف، قائلاً إن إعلان الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف جديد لمكافحة الإرهاب قد يكون ذريعة لدعم طموحاتها الى زعامة العالم.
واشنطن التي لم تكتفِ باختراق سيادة الدول المعنية بل استبعدت سورية من المشاركة في التحالف الذي يضم المتأمرين عليها وهم ينادون الى إيجاد قوى اعتدال في سورية تحت مظلة ما يسميه التحالف الإقليمي لمحاربة الإرهاب فهم يدعمون «جبهة النصرة» وحركة أحرار الشام وينسقون معها، حيث كشفت مصادر الى ان القائد السابق للقوات الأميركية في العراق وافغانستان بترايوس قد حث مسؤولين اميركيين على النظر في استخدام ما يسمى الاعضاء المعتدليين في «جبهة النصرة» فرع «القاعدة» في سورية لمحاربة تنظيم «داعش»، وكذلك دعا السفير الاميركي السابق في سورية روبرت فورد الى الحوار مع حركة احرار الشام وهي القوة الجهادية التي وصفها بقوله ربما هي اهم مجموعة تقاتل النظام السوري الآن.
فأميركا التي تحاول استعادة هيمنتها وحكمها وتحكمها القطبي الأحادي في حكم العالم سعت جاهدة الى عزل روسيا عن محيطها الدولي والإقليمي ولكنها لم تستطع، فروسيا بدأت تتحرك منذ فترة والحضور الروسي بات مهماً في منطقة الشرق الاوسط والدبلوماسية الروسية جذابة ونشيطة وواضحة وبخاصة في الموضوع السوري ومحاربة الارهاب بعكس الغرب وواشنطن الذين يحاولون اللعب تحت الطاولة، فروسيا تدرك ان محاربة الارهاب تتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية والتنسيق والتعاون ليشمل كل دول المنطقة، وباتت الآن مدعوة للتقدم كقيادة عالمية لحلف جديد يقاتل الارهاب، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث في 26 حزيران من العام الحالي مع مجلسه الأمني امكانية التعاون مع بلدان اخرى للتصدي لتنظيم «داعش»، وأكد المتحدث باسم الكرملين ديميري بيسكوف على تبادل الأعضاء الدائمون بمجلس الأمن الآراء بشأن اشكال التعاون الممكنة مع شركاء آخرين في ما يتعلق بخطة لمواجهة داعش في اطار القانون الدولي، فموسكو التي تدعم فقط الخطوات المشروعة في نظر القانون الدولي وتؤكد ان رد المجتمع الدولي على تهديدات تنظيم داعش الارهابي يجب ان يكون شاملاً ولا ينحصر وتعتبر ان الحرب الفعالة ضد الارهاب والتطرف ترتكز على توحيد جهود جميع بلدان المنطقة، اقترحت تشكيل تحالف دولي اقليمي ضد الارهاب مختلف تماماً عن ما قامت بتشكيله واشنطن، ودعت جميع الاصدقاء بمن فيهم سورية لفعل ما بوسعها لإطلاق حوار بناء مع جميع الأطراف المعنية وهذا ما اكد عليه الرئيس الروسي بوتين الذي يطالب باحترام سيادة الدول التي تقاتل الارهاب والتنسيق معها.