الطفولة السورية المعذّبة

تامر يوسف بلبيسي

للوهلة الأولى يشعر كل سوري بالعرفان بالجميل لحجم التعاطف الذي لقيته صورة الطفل السوري الغريق إيلان الكردي التي انتشرت على مستوى العالم تعكس مأساة التشرد التي اضطرت لركوب أمواج مخاطرها آلاف العائلات السورية هرباً من الموت والعذابات التي فرضتها الحرب المؤلمة على بلدنا سورية.

القلوب التي فطرتها الصورة بالملايين، لكنه مجرد تعاطف إنساني محبب لكل من رأى الصورة وشعر أنها تنتمي إليه، وهذا ما شعرناه كسوريين، وما ترتب عليه شعورنا العفوي تجاه التضامن، لكننا فوراً تساءلنا، أليست حال الطفولة في بلدنا كلها عذابات وهذه صورة عنها، وربما يكون ثمة صور أشد إيلاماً كصور الأطفال الذين ذبحهم تنظيم داعش ونقل صورهم وهم يستغيثون ويرتجفون وترتعش أرواحهم على اليوتيوب، لكن صورهم لم تلق الصدى والأثر ربما لأن في ذلك إحراج للذين يأوون الإرهاب أو يصمتون عن إيوائه بينما صورة الطفل الغريق المظلوم إيلان كردي منصة صالحة لكلام سياسي حول الهجرة إلى أوروبا وسن شروط وقواعد جديدة لها، أو لفرض تعامل مختلف مع النزوح من سورية وخلق تقبل شعبي لدى الرأي العام بقوة التعاطف الإنساني، لكن لوظيفة سياسية أو لتبني مبادرات وانعطافات سياسية تحتاج الإضاءة على تحدي الهجرة وتداعياتها؟

كل تلك الأسئلة تقفز إلى الأذهان لأننا نعلم أن الطريق الأقصر كي لا يعاني السوريون آلام وعذابات الهجرات غير الشرعية وكي لا يعاني الآخرون من تبعاتها هو أن تمد يد العون للسوريين كي تكون لهم دولتهم القادرة على تثبيت الاستقرار في بلدهم الذي كانوا يشعرون بحسد الغير لهم على مستوى يسر وسهولة الحياة فيه ودرجة الأمان التي يتمتعون بها.

التعاطف مع السوريين ليس بدمعة غالية على طفل مظلوم يرمز لطفولة كاملة تحت الظلم، طفولة ترمز لوطن كامل مظلوم، التعاطف هو أن يرفع العالم يده عن بلدنا سورية وأن يتوقف المتورطون بدعم الإرهاب عن دعمه وأن يكون كل جهد هادف لوقف معاناة السوريين ووقف آثار محنتهم على أمن الغير واستقرار العالم مزيداً من الجهد لقيامة الدولة السورية وتمكينها من الإسراع بتحقيق نصرها على الإرهاب بدلاً من تحويل صور أطفالنا لمنصة للمواقف السياسية التي غالباً ما تريدنا آلة تجارة تقاس آلامنا فيها بمعايير الربح والخسارة.

مغترب عربي سوري في الكويت

رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى