رعب «مستقبلي» و«قواتي» وجنبلاطي من الحشد العوني
هتاف دهام
استمزج رئيس مجلس النواب نبيه بري الآراء الإقليمية قبل المحلية حول طرحه معاودة هيئة الحوار الوطني، حدّد موعدها في التاسع من أيلول، بعد ان تلقى رسائل إيجابية حول حضور كلّ المكونات السياسية بينها كتلة «القوات اللبنانية» التي رفض مسؤولها إعطاء أي موقف من الحوار قبل كلمة رئيس «القوات» سمير جعجع يوم السبت الماضي.
بقيت المواقف القواتية مبهمة، الى عصر الرابع من أيلول، فـ»جمعة عون» بدّلت المقاييس السعودية فتغيّرت اللعبة، ووصلت الأوامر السعودية الى 14 آذار بضرورة وضع العصي في دواليب طاولة الحوار، ولذلك تداعى كلّ من رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل ورئيس كتلة القوات جورج عدوان ووزيرا الاتصالات بطرس حرب والسياحة ميشال فرعون، إلى الاجتماع مساء الجمعة في بيت الوسط لتنسيق المواقف من الحوار وجدول أعماله، فالحدث البرتقالي أكد انّ «العماد» رقم صعب عصيّ على محاولات إضعافه أو تحجيمه، وانّ هناك معطى جديداً في البلد.
أعلن جعجع أنّ كتلة «القوات» لن تشارك في الحوار باعتبار «أنه سيكون مثل الذي سبقه، وبالتالي مضيعة للوقت»، لافتاً الى «أننا مستعدون لإعادة النظر في موقفنا شرط أن ينحصر جدول أعمال جلسة الحوار بانتخاب رئيس واذا شارك حزب الله في جلسات الانتخابات الرئاسية».
أفرج رئيس «القوات» عن موقفه الرافض للحوار، الذي لم يتوقف عنده حزب الله لا من قريب ولا من بعيد في تصريحات مسؤوليه في عطلة الأسبوع الماضي، ولم يكترث لشروطه. غير انّ كلام معراب شكل ممراً آمناً لتيار المستقبل للانسحاب من الحوار في مرحلة لاحقة، فبغياب جعجع، وإصرار جنرال الرابية على خريطة الطريق التي وضعها والتي تقوم على إجراء انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب وليس من «مجلس مزوّر مدّد لنفسه مرتين»، أو إقرار قانون انتخابي يرتكز الى النظام النسبي، يعني ذلك انّ تيار المستقبل أجهض الحوار بالانقلاب على الاتفاق الذي حصل خلال الاتصال الذي أجراه رئيس مجلس النواب نبيه بري بالرئيس سعد الحريري الذي وعد بري بأنه لن يكتفي بتكليف الرئيس فؤاد السنيورة بتمثيله، انما سيحاول الحضور، انطلاقاً من انه يلتقي معه في الدعوة الى حوار يناقش البنود التي أوردها في خطاب النبطية، لينقلب التيار الأزرق الى المشكك بجدوى الحوار، واعتباره على لسان النائب أحمد فتفت أنّ طاولات الحوار السابقة لم تقدم أيّ نتائج في شأن القضايا العالقة، وتشديده في حديث إلى صحيفة «عكاظ» السعودية، على أنّ ما سمعناه من رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد والنائب عون لن يؤدّي إلى نتيجة في ما يتعلق بالملف الرئاسي، واتهامه حزب الله بـ»أنه يحاول أن يفرض بالقوة انتخاب عون رئيساً، وطالما استمرّ هذا التفكير العقيم فإنّ الحوار لن يصل إلى نتيجة».
وإذا كان قطار الحوار الذي دعا اليه بري، جاهزاً وسينطلق في موعده، غير أنّ جعجع أراد ان يقطع الطريق على «العماد» ومنع إعلان ربحه واستثماره لتظاهرات يوم الجمعة داخل القاعة العامة لمجلس النواب، فهو وجد أنه إذا اتخذ موقفاً رافضاً لمطلب العونيين أي انتخاب الرئيس من الشعب، سيعرّي نفسه أمام اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، وإذا أيّد هذا النوع من الانتخابات سيجد نفسه خلف جنرال الرابية، وفي الحالتين هو الخاسر، ولذلك ارتأى الامتناع عن المشاركة في الحوار مع وضعه شرطين تعجيزيين يعلم أنّ أحداً لن يعيرهما اهتماماً، لا سيما انّ منطق الحوار يقتضي ان تُطرح كلّ الأمور الخلافية داخل المؤسسات الدستورية، وعند اشتداد الأزمات تطرح في هيئة الحوار الوطني، لا ان توضع شروط تعجيزية لا تصبّ الا في خانة الخطاب الغرائزي وتعبئة الجمهور وهدفها نسف الحوار.
لقد أثار «الحشد العوني» يوم الجمعة الرعب في صفوف قوى 14 آذار التي لم تتجرّأ منذ 14 آذار 2011 على الاحتفال بهذه الذكرى أو بذكرى 14 شباط في ساحة الشهداء، واكتفت منذ ذلك الحين بإقامة مهرجاناتها في الصالات المغلقة في الـ»بيال». وعليه فإنّ مواقف معراب وبيت الوسط يومي السبت والاحد لا تتعدّى استعراض العضلات أمام البيت الداخلي «القواتي» و»المستقبلي»، فجعجع يعلم جيداً أن لا فرصة له في تحقيق أيّ من مطالبه داخل اجتماعات هيئة الحوار، لأنّ تمثيله في 14 آذار لا يتعدّى الديكور «الزيتي»، فهو لم يكن يوماً مقرّراً داخل هذا الفريق الشباطي، بل تابع له، وهذا ما ظهر في تصويته لمصلحة التمديد للمجلس النيابي، وفي تراجعه عن القانون الارثوذكسي، وفي موقفه من الحكومة التي صحيح انه لا يشارك فيها لكنه لا يأخذ اي موقف معارض لتيار المستقبل أو للرئيس تمام سلام.
وما بين جعجع والحريري يبدو أنّ رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط يتنقل بين مأزق وآخر، فبعد مأزقه مع تيار المستقبل ووزير الداخلية نهاد المشنوق عندما دعاه الى الرحيل عقب إطلاق القوى الأمنية النار على المحتجين ودعوته الى الكف عن الكذب، ومأزقه في السويداء بعد اغتيال الشيخ وحيد البلعوس وافتضاح أمر الإرهابي «أبو ترابة» الذي يعمل لمصلحة دوائر الاستخبارات في غرفة «الموك» في الأردن، وصل إلى المأزق الثالث المتصل بهيئة الحوار، فالذي كان يعوّل عليه، أصبح شيئاً آخر، فلن تكون هناك رئاسة جمهورية وفقاً لرغبات الولايات المتحدة والمملكة السعودية، ولن تكون هناك انتخابات نيابية كما يريد رئيس التقدمي، فحزب الله وفي ضربة استباقية وجهها للثلاثي جنبلاط والحريري وجعجع ولكلّ من يعنيه الأمر، أكد مواقفه السابقة أنّ هناك مدخلاً واحداً للرئاسة هو العماد عون، وانه لا يريد رئيساً لا لون له ولا رائحة تتجاذبه الاطراف انما رئيساً مستعدّاً للالتزام أمام الجميع بالبرنامج الذي يلزم نفسه به وهذا ينطبق على جنرال الرابية.