شراكة الأسد المؤلمة وروسيا: إياكم والعبث
تتوالى مؤشرات مرحلة جديدة تتقدم نحو سورية بسرعة تعكس دقة الوقت الذي يمرّ فيه الفرقاء اللاعبون على خط الأزمة السورية، والتي على ما يبدو تجسد اكثر فأكثر محورية الحلّ في سورية كأرضية تسويات مقبلة.
لكن التسويات المقبلة هذه يبدو انها باهظة الثمن ويبدو ان تقدم سياسة الرئيس بشار الأسد في الأزمة ومحورية القضاء على الإرهاب وحديثه عن مسار سياسي متكامل أسّس جذوراً جدية حفظ معها مكانته لمرحلة مقبلة بات الجميع مقتنعاً بأنّ الاسد شريك جديّ فيها.
شراكة الأسد المؤلمة تصبح أكثر إيلاماً مع تسويات ترخي تنازلات مهينة للفرقاء الذين حاربوا بقاءه لخمس سنوات، وأنقرة والرياض وتل أبيب المتضرّرة من بقاء الأسد هي نفسها المتضرّرة من التوقيع الإيراني مع الغرب كتوقيع يعني بكلام آخر مع حلفاء الأسد.
الذي يجري في سورية اليوم يجسد أدق المراحل التي تمرّ فيها البلاد منذ اول أيام الازمة، فالخطر الذي لا يزال محدقاً يبدو انه ينعكس تصعيداً يبتغي فعلاً تفجير الاوضاع برمّتها لقلب الطاولة على من فيها، وليس تفجير السويداء واستهداف مشايخ معروفي الانتماء والتوجه، وبالتالي مفهوم الهدف من الاغتيال، وهو خير تعبير عن نوايا أخذ السويداء ومعها طائفة برمّتها من قلب النسيج السوري نحو لعبة انقلاب أهلية جدية المخاطر، وهو ما لم تستطع سنوات الحرب الخمس النجاح فيه حتى الساعة، اي حتى جاء التفجير الأخير.
السويداء اليوم تمرّ باختبار كبير في إنصاف أهلها والحفاظ على ما اظهرته مشايخها من وعي لم يتزعزع من اصوات المشككين الذي يصوّبون على القيادة السورية في كلّ لحظة بغية الانقضاض عليها من داخل البيت الواحد…
أبرز هذه الاصوات النائب وليد جنبلاط، الذي سارع إلى اتهام الدولة السورية ورئيسها الأسد بعملية الاغتيال، فيما هو يعرف تماماً انه غير قادر على خوض لعبة بهذه الدقة في قلب الطائفة لولا إيعاز متشعب الاتجاهات يصبّ معه في نفس الهدف، وهو قلب الشارع الدرزي في سورية والذي ليس هدفاً وحيداً.
الخطير انّ بريد الفتنة المتنقل وقت استهداف السويداء ومعها اللاذقية، والمنطقتان معروفتا الانتماء، وبالتالي فإنّ محاولات سحب التأييد الشعبي مما تبقى من محافظات موالية للقيادة السورية من يد الأسد هو أمر لا تزال تراهن عليه الدول المتنازعة بعدما فشلت في الحسم العسكري فعادت الى مربع الدماء الأول الذي كانت قد أسرفت فيه بالاغتيالات إبان فترة الأمير السعودي بندر بن سلطان على وجه الخصوص، والذي أمعن في التركيز على تكثيف العمليات الانتحارية أو السيارات المفخخة لإثارة الرأي العام وتقليب مزاجه.
الشعب السوري الذي أصبح أكثر وعياً من أيّ تجربة او شعب يؤكد على لسان مشايخ السويداء انه من غير الممكن الالتفات الى الاتهامات الباطلة بحق الدولة السورية ويرسل رسالة واضحة المعاني.
الرسائل هذه لم تتوقف هنا بل جاءت أكبرها على لسان مسؤولين روس يكثفون من التصريحات الداعمة لسورية كخط أحمر، ويؤكدون على جهوزية روسيا ونواياها إرسال عتاد عسكري وربما عسكريين روس على الارض ما شكل قلقاً جدياً لدى البيت الابيض.
يعرب جون كيري للافرورف في اتصال هاتفي عن قلقه ان تكون التقارير صحيحة فتردّ روسيا انها لم تخف أبداً أنها تقدّم الدعم للسلطات السورية في مكافحة الإرهاب. وتقول خطنا الثابت هو تقديم العون لدمشق في القتال ضدّ التهديد الإرهابي!
روسيا اليوم تتلقف الضغط المركز على سورية من لعبة التغيير الديمغرافي وحيلة فتح باب النزوح للسوريين الى اوروبا وفتنة الدماء المتنقلة بالاغتيالات لقلب شارع الأسد في اللحظات الاخيرة للتسويات في سورية وتقول… أنا هنا اياكم والعبث وسورية خط أحمر…
«توب نيوز»