الحوار: إصلاحات حقيقية أو الكارثة!

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

هل الحوار مطلوب؟ نعم مطلوب، لأنه يقينا من اصطراع القوى، ويخفّف من حدة التوتر والاحتقان، ويلهم الناس كيفية التفكير بهدوء وتروٍ لحل المشاكل.

لكن أي حوار يجب أن يعكس الواقع كما هو. من أنّ هناك فساداً يسجل مطلع كل يوم ارتفاعاً كبيراً، ومن أنّ هناك حرماناً يتفاقم إلى درجة الخطوط الحمر.

أما قضية الفساد فيجب أن تكون قضية محورية في الحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس النيابي، فإما أن يتفق المتحاورون على بدء عهد جديد من الشفافية والالتزام بإصلاحات سياسية وإدارية حقيقية، وإما فإن الكارثة ستجدد مطلع كل يوم.

وأما قضية الحرمان فتحتاج إلى حس إخلاقي وإنساني ووطني، فهؤلاء الجماهير الذين نزلوا إلى الشارع يعكسون بصرخاتهم ومطالباتهم حالة اللبنانيين البائسة وحنقهم من سلطة لا تُعيرهم أي اهتمام ولا تُقدم لهم حياة كريمة.

الحوار مطلوب نعم، ولكن يجب أن تُترجم نقاط الاتفاق إلى حقائق. فعلى سبيل المثال إذا اتفق المتحاورون على دعم الجيش اللبناني فعلى بعضهم ألاّ يعرقل بعد ذلك مساعدات وهبات تُقدّم للجيش بلا مقابل، وأن يسعوا جميعاً إلى تعزيز قدراته وتنويع أسلحته من مصادر متعددة حتى ولو اعترضت دولة من هنا ودولة من هناك.

وإذا اتفق المتحاورون على إصلاح قطاع الكهرباء أو الماء أو الهاتف يجب أن يتعهد الجميع ألاّ يعرقلوا خطة أي وزير إذا كان من هذا الفريق أو ذاك.

الخطر اليوم ما عاد يمكن إغفاله. ستدخل النيران على بيوت الجميع بعد أن دخل الفقر قبل ذلك.

هناك حقوق أساسية للمواطنين من أجور العمال والمعلمين في القطاعين العام والخاص إلى الكهرباء والماء والنفايات فبقية الأمور الحياتية التي لها أهمية قصوى في تأمين الاستقرار الاجتماعي.

فإذا لم يكن في الامكان الاتفاق على رئيس للجمهورية أو قانون للانتخابات فهل يُعدم الجميع التوصل إلى اتفاق حول بعض شؤون الناس الاجتماعية؟

على المتحاورين في ضيافة الرئيس بري أن يكونوا على قدر اللحظة التاريخية وإلا فإننا سنشاهد النار بأم أعيننا بعد أن كنا نشاهدها من بعيد!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى