الكتل السلطوية الحديثة: الرأسماليون والتكنوقراط والمتطرفون
جيمس بتراس
الفوز الكاسح لحزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات الهندية هو أحدث تعبير عن تقدم «الكتل السلطوية الجديدة» في جميع أنحاء العالم. هذه الكتل قد تفرض نظاماً عالمياً جديداً تسخر من خلاله العرقية الدينية والتعصب، وبصعوبة بالغة تدرب التكنوقراط على الاستبداد الرأسمالي.
اليمين المتطرف لم يعد يقف على هامش الخطاب السياسي الغربي، بل أصبح مركز الاهتمام. لم يعد يعتمد على مساهمات المتشددين المحليين، بل أخذ يتلقى التمويل من أكبر الشركات العالمية، ولم يعد مرفوضاً من قبل وسائل الإعلام، وتلقى تغطية إعلامية مميزة، وغدا يُسلط الضوء على القيادة «الديناميكية والتحويلية» التي يتمتع بها.
يواجه الرأسماليون اليوم حالة من عدم اليقين، فالأسواق تعطلت والفساد مستشر على أعلى المستويات والأسواق التنافسية تآكلت. وفي جميع أنحاء العالم، هناك غالبية كبرى من القوى العاملة تطرح التساؤلات حول: التحديات ومقاومة التحويلات الضخمة للثروة العامة والسياسة الانتخابية التي لم تعد تدرج بسياق «المعارضة السياسية».
الرأسمالية لا تتقدم من الناحية النظرية ولا عبر الممارسة من خلال المنطق أو الازدهار. لأنها تعتمد على المراسيم التنفيذية، والتلاعب الإعلامي والتدخلات التعسفية للدول البوليسية. ولأنها تعتمد بشكل متزايد على فرق الموت التي يطلق عليها اسم «القوات الخاصة» و»جيش الاحتياط» من المتعصبين شبه العسكريين.
«الكتلة السلطوية الجديدة» هي اندماج للشركات التجارية الكبرى، والطبقات الغنية، والنخبة المدربة من التكنوقراط، والمتعصبين الدينيين الذين يعتمدون على العرق لتعبئة الجماهير.
الرأسمالية والإمبريالية تتقدمان من خلال تدمير المجتمعات المحلية والاقتصادية، وتقويض التجارة والإنتاج المحلي، واستغلال اليد العاملة وقمع المتضامنين الاجتماعيين، وقد تؤديان إلى تآكل المجتمع والتضامن الطبقي.
المتعصبون العرقيون ونخبة التكنوقراط
تعتمد الرأسمالية اليوم على قوتين متباينتين: النداء المتطرف الذي يعتمده المتدينون ونخبة التكنوقراط المدربون بصعوبة بالغة على تعزيز سيادة رأس المال.
يسعى المتعصبون إلى تعزيز الروابط بين شركات النخبة وأمراء الحرب والجماهير، من خلال مناشدة الهويات العرقية والدينية الخاصة بهم.
فئة التكنوقراط تخدم النخبة من خلال تطوير نظم المعلومات، وصياغة الصور والرسائل والتلاعب بالجماهير وتصميم برامجها الاقتصادية.
يجتمع القادة السياسيون بالشركات وأمراء الحرب لوضع الأجندة السياسية والاقتصادية، والبت بمسألة: متى يمكن الاعتماد على التكنوقراط ومتى يمكن إطلاق العنان للمتعصبين دينياً.
الهند: أثرياء وهندوسيون فاشيون وتكنولوجيا معلومات و»علماء»
انتخاب نارندرا مودي رئيس حزب بهاراتيا جاناتا وعضو في راشتريا سوايامسيفاك سانغ RSS المنظمة شبه العسكرية الفاشية الهندوسية جاء طبقاً لثلاثة عناصر أساسية:
1 امتلاكه للمليارات من تمويل الشركات الهندية في الداخل والخارج.
2 تصاعد الحملة الدعائية لآلاف التكنوقراط.
3 مئات الآلاف من الناشطين في RSS نشروا عقيدة «الهندوتفا» العنصرية بين الملايين في القرى والأرياف.
وعد «نظام مودي» مؤيديه الرأسماليين «بفتح الهند» وبإنهاء سيطرة القبائل على الأراضي، وتحويل الأراضي الزراعية إلى مجمعات صناعية، وتحرير الضوابط العملية والبيئة.
ووعد نخبة «البراهمة» بإنهاء الحصص التعويضية عن الطبقات الدنيا والمنبوذين والأقليات والمسلمة. للفاشيين الهندوس وعد بإكثار عدد المعابد. ولرؤوس الأموال الأجنبية وعدهم بالدخول في جميع القطاعات الاقتصادية المحمية سابقاً. بالنسبة للولايات المتحدة، مودي وعد بعلاقات عمل أوثق كذلك مع الصين وروسيا وإيران. العرقية الدينية والتعصب الهندوسي في حزب بهاراتيا جاناتا كان لها صدى مع فكرة «إسرائيل» «دولة يهودية» نقية. مودي وعد نتنياهو بعلاقات عمل وثيقة قائمة على نظريات عرقية عنصرية مماثلة.
تركيا: الانتقال إلى السلطوية الإسلامية للرأسمالية
تركيا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية أصبحت دولة الرجل الواحد: وذلك من خلال الربط بين الإسلام والرأسمال والدولة البوليسية. أردوغان رئيس هذا «الحلف الثلاثي» عازم على إطلاق المشاريع الضخمة الرأسمالية، استناداً إلى خصخصة الأماكن العامة ونزع ملكية الأحياء الشعبية، وقال إنه سيفتح الباب أمام الخصخصة غير المنظمة والاتصالات والبنوك. ما يؤدي إلى نمو هائل في الأرباح وتراجع الأمن الوظيفي وارتفاع عدد الوفيات.
لقد خلع أردوغان قناع «الإسلام المعتدل» واحتضن المرتزقة الجهاديين الذين غزوا سورية، ووسع التدخلات الدينية في الحياة العلمانية. وأطلق أردوغان حملة تطهير هائلة بين الصحافيين والموظفين العموميين وموظفي الخدمة المدنية والقضاة وضباط الجيش. وقد أحل محلهم «موالين للحزب، ومتعصبين لسياسة أردوغان».
جند أردوغان جيشاً من التكنوقراطيين لتصميم مشاريعه الضخمة وتوفير البنية التحتية والبرامج السياسية للحملات الانتخابية. وقدم التكنوقراطيون جدول أعمال للتنمية يستوعب نخبة الشركات الأجنبية والمحلية.
الإسلاميون في الأناضول هم نسبة صغيرة وهم نخبة من رجال الأعمال، وقد شكلوا قاعدة جماهيرية لتعبئة الناخبين. سياسة أردوغان القمعية، تزعزعت في ظل أسوأ «كارثة تعدين» في تاريخ تركيا قتل فيها أكثر من 300 عامل منجم بسبب إهمال وتواطؤ نظام الشركات.
«انفورميشين كليرينغ هاوس»
ترجمة: وكالة أخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان