هل أرسلت روسيا فعلاً قوات عسكرية إلى سورية؟
حميدي العبدالله
منذ فترة تتداول وسائل الإعلام معلومات عن وصول قوات عسكرية روسية إلى سورية. وصل الأمر هذه المرة إلى حدّ أنّ الخارجية الأميركية أصدرت بيانات حول هذه المسألة، كما أنّ مسؤولين كباراً في الاتحاد الروسي اضطروا إلى توضيح الأمر، واقتضى تداول المعلومات إلى حدوث اتصال مباشر بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا.
مما لا شك فيه أنّ روسيا ملتزمة بتوريد أسلحة إلى سورية وفق تفاهمات واتفاقات موقعة بين روسيا وسورية منذ فترة طويلة، ومعروف أنّ بعض الأسلحة تتطلب وجود خبراء روس، ولازَم وجود هؤلاء الخبراء العلاقات بين روسيا وسورية منذ ستينات القرن الماضي وحتى اليوم، ولم يتأثر الوضع بالأحداث الجارية، فالخبراء الروس استمرّوا على رأس عملهم، وكلما كانت هناك توريدات جديدة للأسلحة أكثر حداثة وتطوّراً، استدعى الأمر وجود خبراء جدد وإضافيين.
في هذا السياق يمكن فهم التوضيحات التي وردت على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أكد فيها هذه المسألة عبر توضيحه لما يثار حول وجود قوات روسية في سورية.
لكن بعض الروايات تتحدّث عن تواجد لقوات عسكرية روسية في بعض المناطق السورية تفوق القوات المتمثلة بالخبراء. قد يكون ذلك صحيحاً، إذ من المعروف أنّ الاستراتيجية الروسية الجديدة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ولايته الجديدة، تقوم على التواجد في أيّ منطقة من العالم، يمكن أن تتضمّن مصالح روسية، ومنطقة البحر المتوسط من ضمن هذه المناطق، وهذا يتطلب تواجداً كبيراً للأسطول الروسي في المتوسط.
لكن من المعروف أنّ وجود العديد من القطع البحرية التابعة للأساطيل الروسية في البحر الأبيض المتوسط تحتاج إلى خدمات كبيرة، ومعروف أيضاً أنّ روسيا ليس لها علاقات إلا مع سورية تتيح لها فرصة الاستضافة وتأمين الخدمات الضرورية لأسطولها، ومعروف أنّ قاعدة طرطوس البحرية تستضيف مجموعة من الروس المعنيين بتقديم هذه الخدمات.
في الفترة السابقة كان عدد هؤلاء محدوداً لأنّ حركة الأسطول الروسي في البحر المتوسط غير موجودة على الإطلاق، ولا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ولكن اليوم وبعد التواجد المركز والكثيف، ودخول أكبر غواصة في العالم إلى البحر الأبيض المتوسط، من البديهي أن يكون التواجد في طرطوس وفي مناطق أخرى تؤمّن الحماية والخدمات المطلوبة للأسطول الروسي أكبر وأوسع مما كان عليه في أيّ وقت آخر، كما أنّ روسيا معنية بإيصال توريدات الأسلحة إلى سورية وتوفير الحماية لها حتى تسلّمها من قبل السلطات السورية.
هذان العاملان هما اللذان زادا الحضور العسكري الروسي في سورية، ولكنه بكلّ تأكيد حضور يندرج في هذا السياق، وليس في أيّ سياق آخر.