الميدان السوري بين عواصف الإرهاب وعواصف الرمال

د. سليم حربا

عاصفة الجنوب الوهابية الصهيونية اندحرت وتحطمت بكلّ أمواجها وأفواجها، بما في ذلك آخر سمومها التي تمثلت بالعملية الإرهابية في السويداء، والتي كانت بمثابة محاولة إلقاء حجر فتنة في بحرٍ ومحيطٍ من الوطنية والانتماء، واندثرت العاصفة على رغم بعض أصوات النشاز والعويل ليس على دماء شهداء السويداء، بل على الخيبة والخذلان والحرمان والحسرة على تحطم عاصفة الجنوب وأهدافها الإعرابية والصهيونية، وانقشعت الرؤية على «بازل» حضر وحوران والجولان والسويداء، وصلابة وقوة جيشنا وشعبنا في الجنوب، وظهر بياض القلب والعقل الوطني، وانهارت وتشتتت عاصفة الشمال الإخونجية العثمانية على أسوار حلب وأبوابها السبعة، وأمام عزم وعزيمة أهلنا وجيشنا في الشمال، وانهارت معها أوهام أردوغان الغارق في مستنقع الأزمات والإرهاب، والمتعلق بقشة التحالف الأميركي الخادع لتحقيق حلم المنطقة العازلة، وانقشعت الرؤية الوطنية عن شهباء وبياض حلب وراحت عواصف الإرهاب المزعومة ترتدّ إلى غرف الموك الصهيونية وغرف الموم العثمانية من مبدأ «من حفر حفرةً لغيره وقع فيها»، واعترى العجز والخيبة مشهد الإرهاب وداعميه.

ثم جاءت عاصفة الرمال من جزيرة الأعراب تحمل الغبار والسموم لتستمرّ أياماً عدة في أجوائنا وتؤكد المثل القائل خير ما فيهم ودخانهم بيعمي وحاول الإرهاب وداعموه استغلال الأجواء المغلقة بالغبار والرمال، وبأن تحقق لهم عاصفة الرمال ما عجزت عنه عواصف الجنوب والشمال المسمومة والمزعومة، مستغلين محدودية الرؤية ومحدودية استخدام الأسلحة والضربات النارية من قبل قواتنا وبخاصة من الجو، وهاجموا مطارات المنطقة الشمالية في دير الزور وكويرس وأبو الضهور وحقل جزل شرق حمص وتل قرين في ريف درعا وتل كردي في ريف دمشق والفوعة وكفريا وغيرها، وتمّ صدهم وإحباطهم في مطار دير الزور وكويرس وجزل والغوطة وتكدّس قتلاهم على أسوار المطارين وحقل جزل وتل قرين والغوطة ومشارفها، وفي محيط مطار أبو الضهور تحوّلت التلال والسهول إلى مقابر مكشوفة لقطعانهم وعلى رأسهم متزعّم الهجوم أبو مصعب العراقي وأُخلي مطار أبو الضهور من قبل أبطال حاميته الذين صدّوا على مدى سنتين من الحصار مئات المحاولات والعواصف الإرهابية، وتمّ الإخلاء نتيجة الأعداد القطيعية للإرهابيين وعدم القدرة على دعم الحامية بضربات نارية من الجو بسبب الغبار والرمال ونتيجة الحساب المنطقي بين جدوى البقاء والإخلاء وعدم القدرة على المناورة بأيّ تعزيزات إلى أبو الضهور من قبل قواتنا التي يبعد أقربها عن المطار أكثر من 50 كلم، مما مكّن فلول ما تبقى من تنظيم «القاعدة» وذراعه «جبهة النصرة» الإرهابية من الدخول إلى المطار والتهويل والادّعاء بالسيطرة على أسراب طيران وصواريخ وغيرها، صحيح أننا أخلينا المطار، وصحيح أنّ الإرهابيين دخلوا إلى المطار، وصحيح أنه يوجد بعض الطائرات في المطار، لكن الصحيح والحقيقي أنه لا يوجد في المطار لا على مستوى العتاد الأرضي ولا الجوي بما فيه الطائرات المنسقة التي ما زالت جاثمة على أرض المطار والخارجة من الخدمة أيّ عتاد صالح للاستخدام، لا الآن ولا في المستقبل، ولا توجد قدرة أو معجزة يمكن أن تعيد تجهيز أيّ طائرة ولا حتى في بلد المنشأ لأنها مجرد هياكل وصور لا يمكن استخدامها وقيمتها العسكرية والعملية صفر.

ها هي عاصفة الرمال تنقشع والأجواء تصفو والجيش العربي السوري بدأ يطلق العنان لضرباته النارية القاصمة، فإلى أين المفرّ وأين المقرّ للإرهابيين؟ وأيّ عاصفة رمال فوق الأرض أو تحتها يمكن أن تحميهم من أعاصير الجيش العربي السوري القائمة والقادمة؟ ولينظروا لأي منقلب سينقلبون، وإنّ غداً لناظره قريب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى