تل أبيب و«عدوى» اللاجئين

عامر نعيم الياس

أثار اقتراح زعيم حزب العمال الصهيوني اسحق هرتزوغ الكثير من الجدل في الداخل الصهيوني. فزعيم حزب العمال المحسوب على اليسار في الكيان لا يمكن التمييز بين مواقفه ومواقف رئيس الحكومة اليميني في ما يخص عدد من قضايا المنطقة كالملف النووي الإيراني والاستيطان في القدس والضفة الغربية المحتلة. لكنه في الملف السوري يحاول التمايز. فمعاناة السوريين تشبه معاناة «اليهود من الهولوكوست» و«الصمت الدولي»، يجب ألا تشارك به الطبقة السياسية في الكيان.

رئيس الحكومة الصهيونية خالف هرتزوغ. فهو لا يريد مهاجرين جدداً من السوريين، ربما لخبرته بهم ورؤيته مآلات الرهان على اللاجئين ومعاناتهم كأداة للضغط على الدولة السورية. لكن تحرّك الشارع السوري من اللاجئين في دول الجوار وتحديداً في لبنان إبان الانتخابات الرئاسية السورية في صيف عام 2014، كان بمثابة إنذار يبدو ان رئيس الوزراء الصهيوني أدركه جيداً. وقد شبّهت «لوموند» الفرنسية قرار الحكومة الصهيونية بعدم استقبال لاجئين سوريين بأنه «بناء جدار حول إسرائيل لمنع انتقال عدوى اللاجئين السوريين». إذاً ما يجري مجرّد عدوى. ولا يمكن حصر توصيف الصحيفة الفرنسية بالكيان الصهيوني فقط، بل من المفيد هنا التركيز على هذا المصطلح لاعتبارات عدة أهمها:

الاعتراف من بعض النخب الإعلامية في الغرب بوجود خطة ما تقف وراء الاهتمام الإعلامي المفاجئ بقضية اللاجئين السوريين، خصوصاً أن عدداً من الأسئلة تطرح حول التعاطف الأوروبي غير المقترن بإجراءات فعلية على الأرض. فعلى سبيل المثال لماذا تترك أوروبا اللاجئين يعانون هذه المعاناة عبر البحار وتضعهم رهائن لدى مافيات التهريب في وقت تستطيع منحهم تأشيرات لجوء عبر سفاراتها الرسمية المنتشرة في دول جوار سورية.

«العدوى» المترافقة مع الحملة الإعلامية الحالية ستستمر في المدى المنظور. فأزمة اللاجئين السوريين صارت شمّاعة لتبرير إعادة تموضع القادة الأوروبيين إلى جانب الولايات المتّحدة الأميركية في حربها على «داعش» في المنطقة. كما أن إعادة التموضع هذه فتحت الباب أمام الحديث عن فكرة التدخل البري في الحرب على سورية وذلك عبر قوات عربية على أرضها، كما يجري في اليمن تحديداً.

إن الموقف الصهيوني من اللاجئين السوريين يندرج في سياق حملة علاقات عامة لا أكثر ولا أقل. كما أن الترويج لهذه الفكرة في هذا التوقيت بالذات يهدف إلى الانخراط في حملة يقودها البعض لتشويه أزمة اللجوء الإنساني للسوريين خارج بلادهم وتحميلها أبعاداً سياسية لا تحتملها.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى