مسقط تستضيف الأربعاء أول مفاوضات يمنية مباشرة… نحو الحلّ السياسي عون يتأهب لمشروع استنزافه عبر الحوار… وبري يترسمل بدعم دولي إقليمي

كتب المحرر السياسي

للمرة الأولى منذ اللقاءات التي شهدها فندق «موفمبيك» اليمني في صنعاء نهاية العام الماضي، والتي جمعت الحوثيين بمكونات سياسية يمنية تمثل الفريق الحليف للسعودية، وللمرة الأولى بالتأكيد منذ الحرب التي شنّتها السعودية لشطب الحوثيين من المعادلة اليمنية، سينعقد الأربعاء المقبل اللقاء التفاوضي الافتتاحي الرسمي والعلني الذي يضمّ التيار الحوثي من جهة وحكومة خالد بحاح المدعومة من السعودية من جهة مقابلة، وذلك بعدما حدثت ثلاثة تطورات بارزة، الأول هو سقوط الوهم السعودي الذي ولد في ظلّ التقدّم البري بعد انتقال الحرب من الرهان على القصف والتدمير للحصول على استسلام الحوثيين، إلى غزو بري للأراضي اليمنية بحشد آلاف الجنود والآليات لجيوش الدول الخليجية، ومحاولة التمدّد في الجغرافيا اليمنية، وقد تكفل هذا التمدّد في بداياته بإغراء السعوديين بالتوسّع لتحقيق نصر حاسم، لتحمل الأيام التالية لهم الأخبار السيئة وبدء حرب الاستنزاف، والتطور الثاني هو السعي السعودي في ضوء النصيحة الأميركية باستغلال الشهرين الفاصلين عن نتائج الانتخابات التركية لصناعة حلّ في اليمن قبل أن تخرج تركيا من المشهد الإقليمي وتنكفئ نحو الداخل على ضوء توازنات سلبية بين الأطراف ستحملها النتائج الانتخابية، أما التطور الثالث فهو نجاح الديبلوماسية العُمانية في تدوير الزوايا بصورة تسمح بالوصول إلى اتفاق «رابح رابح» عبر اعتماد القرار الدولي 2216 أساساً للتفاوض السياسي، وهو القرار الذي يشكل اعتماده حفظاً لماء الوجه السعودي، ووضع آليات تطبيقية له تجعله متوائماً مع الروزنامة التي يطرحها الحوثيون للحلّ السياسي، عبر ربط تسليم المدن للجيش بإعادة هيكلته وتوحيده وتعيين قيادة موحدة متفق عليها لوحداته، وربط التعامل مع الشرعية اليمنية بولادة حكومة وحدة وطنية تمثل جميع الأطراف.

الحلّ اليمني الذي لا يزال يسير جنباً إلى جنب مع التصعيد العسكري، لا يختلف عما يجري من تطوّرات إيجابية في المواقف الأوروبية من سورية بالتزامن مع تصاعد القتال في عديد من الجبهات، وكذلك على المقلب الأوكراني حيث الاستعداد لقمة مينسك المقبلة لدول النورماندي لم يحل دون صدور المواقف المتشنّجة من أطراف النزاع.

هو الاستعداد لدخول الربع الساعة الأخير، تتقلب فيه الأوراق وتخلط ويُعاد توزيعها وخلطها مجدّداً، مراراً، حتى يتبلور المشهد النهائي للتوازنات، ليبدأ مسار ترسيم التسويات.

في لبنان لا يبدو الأمر مختلفاً، بعد قلق من غياب لبنان عن أجندة الحلول، بدا أنّ الحراك الذي لوّحت به واشنطن كورقة ضغط بيدها عبر إطلاق المال القطري لاستنفار وسائل الإعلام ووضع القيادات السياسية، بين خياري انفلات الوضع والاتجاه نحو الرئيس العسكري، والبدء بالتفاوض وتهيئة المسرح السياسي للتفاوض، فجاءت طاولة الحوار استكمالاً للنصف الغائب من المشهد الذي اكتمل بوجودها، عند الحاجة يرتفع صوت الحراك والإعلام للضغط والتسخين وربما الصدام، وعند الحاجة يبرد ويهدأ ويصير همّه النفايات.

العماد ميشال عون الذي يعتبر أنه المستهدف الرئيسي من خيارات الضغط والتفاوض، والعنوان واحد في كليهما استنزافه، تأهّب للمواجهة بالتلويح بمغادرة الطاولة عندما تصبح برأيه بلا جدوى، والمحور هنا هو التوجه الجدي نحو البحث في قانون الانتخابات النيابية برأي مقرّبين من الجنرال.

راعي الحوار رئيس مجلس النواب نبيه بري، يستعدّ للقاء الأربعاء المقبل لإدارة هادئة تنزع فتائل التفجير وتتيح مواصلة الاستثمار على الحوار كمنصة لتلقف الإيجابيات الدولية والإقليمية عند تبلورها وليس استعجال استحقاقاتها قبل نضوجها ما يعرّض طاولة الحوار للانفجار، خصوصاً بعدما تبلغ مواقف دولية وإقليمية وازنة لدعم الحوار وترسمل بها لمواصلة المهمّة بهدوء.

على الضفة الحكومية ينتظر الوزراء استكمال الوزير أكرم شهيّب للمعطيات المتمّمة لمشروعه ليتخذوا القرارات اللازمة للإقلاع بحلّ أزمة النفايات، بينما بدأت حملة شعبية في عدد من المناطق تستهدف مشروع شهيّب وتطالب بشطبها من مشاريع إقامة المطامر على أراضيها.

الحوار يهتز

يبدو أن الحوار بدأ يهتز ولن تكون جلسة الحوار الأربعاء المقبل على خير ما يرام. وتوقفت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح في حديث إلى «البناء» عند كلام الرئيس نبيه بري أمس: «أن بند الانتخابات الرئاسية هو البند الأول وسيستمر البحث فيه حتى نتوصل إلى اتفاق»، واعتبرته استجابة لبعض الضغوط الخارجية علماً أن الرئيس بري لا يمكنه أن يتخذ موقفاً خارج السياق العام للفريق الذي ينتمي إليه». وأكدت مصادر أخرى في التكتل «أن العماد عون سيحضر جلسات الحوار المقبلة إذا وجد فيها نتيجة أما إذا وجد أن الحوار عقيم ويؤدّي إلى اللاّشيء عندها لا لزوم بالحضور، لا سيما أن رئيس التكتل شعر من الجلسة الأولى أن هناك متحاورين وافقوا على الحضور رفع عتب ولا يريدون الوصول إلى إيجاد الحلول في الملف الرئاسي وفي إقرار قانون انتخابي جديد، وجل ما يقومون به أنهم يتهجمون بالشخصي ولا يلتفتون إلى الميثاقية والدستور».

ونقل السفير السعودي علي عواض عسيري إلى رئيس الحكومة تمام سلام «تطلعات القيادة السعودية إلى أن يتجه الحوار القائم حالياً إلى انتخاب رئيس الجمهورية لتعزيز المؤسسات الدستورية».

واعتبرت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن طاولة الحوار إذا استمرت لن ينتج منها أكثر من إعادة تفعيل العمل الحكومة، من خلال الاتفاق على آلية العمل وعلى التعيينات العسكرية». وشددت المصادر على «أن تسوية ترقية الضباط إلى رتبة لواء قد تكون الحل وإلا فإن الأمور إلى الوراء». ونفى وزير الدفاع سمير مقبل بحسب ما نقل عنه لـ«البناء» علمه بما يتردد عن ترقية 12 ضابطاً إلى رتبة لواء».

وأوضح مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم في حديث إلى تلفزيون لبنان أن مبادرته ترتكز على عقد جلسات لمجلس النواب لإنجاز التشريعات الضرورية ومن بينها التمديد لقادة وضباط، لكن البعض يعمد إلى عرقلة انتشال البرلمان من حال الشلل، وهو ما ينعكس أيضاً على ضرب عمل مجلس الوزراء. وفي الملف الرئاسي، اعتبر اللواء إبراهيم ألا مؤشرات إيجابية حتى الآن لانتخاب رئيس.

بعد «موك» غرفة عمليات سياسية في الأردن

ومع تصاعد الحديث عن الحلول السياسية في المنطقة، يستكمل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع جولته في الخارج التي قادته من قطر إلى إحدى دول أوروبا، وبرزت زيارة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل إلى الأردن الأحد الماضي بعد زيارتي الرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط. وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«البناء»: يبدو أنّ هناك غرفة عمليات سياسية أنشئت في الأردن لمواكبة غرفة العمليات العسكرية موك التي تتولى العمليات الميدانية في سورية والعراق».

ولفتت المصادر إلى «أنّ غرفة العمليات السياسية هذه بقيادة أميركية ومع دول خليجية وللملك عبدالله دور رئيسي فيها، ويبدو أنّ هذه الغرفة استأنفت نشاطها باستدعاء بعض مسؤولي 14 آذار لتوزيع الأدوار والمهام».

بو صعب لـ«البناء»: لا لإقامة مطامر عشوائية

من ناحية أخرى، أكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لـ«البناء» أنّ «المرحلة الأولى من خطة وزير الزراعة أكرم شهيّب جيدة جداً، لجهة الأخذ بمبدأ لا مركزية معالجة النفايات وإعطاء الدور للبلديات، وهذا مطلب جميع اللبنانيين، أما المرحلة الثانية من الخطة خلال فترة 18 شهراً، فتعترضها عوائق كثيرة إذ لا شيء مضموناً، فالمنطقة التي سيقام فيها مطمر سرار غير مهيأة وكذلك الأمر في المصنع، هذا فضلاً عن أنه لا يمكن إقامة مطامر من دون الحصول على موافقة الأهالي، ومن دون أن تنطبق المواصفات الصحية والبيئية على المطامر فلا تجوز إقامة مطامر عشوائية»، رافضاً مقولة الحلّ بالتراضي.

العنداري لـ«البناء: الحراك يرفض خطة شهيب

وتنظم منظمات الحراك الشعبي مؤتمراً صحافياً اليوم عند الثانية عشرة ظهراً للردّ على مقرّرات مجلس الوزراء في شأن خطة وزير الزراعة أكرم شهيّب ، فيما يستمرّ إضراب الناشطين الـ11 عن الطعام أمام وزارة البيئة ليدخل يومه الحادي عشر.

وأكد ممثل الحراك المدني في حملة «بدنا نحاسب» عربي العنداري لـ«البناء» أنّ «توجه مجموعات الحراك المدني في المؤتمر الصحافي اليوم هو لرفض خطة الوزير أكرم شهيّب لمعالجة ملف النفايات التي أقرّها مجلس الوزراء».

وأضاف: «الرفض يكمن في الخطة المرحلية للمعالجة والتي نضع عليها علامات استفهام، لأنّ الحراك لم يعد يثق بوعود السلطة، فإعادة فتح مطمر الناعمة لسبعة أيام يشكل ثغرة في الخطة، وبعد فتحه نسألهم: ماذا سنفعل في اليوم الثامن؟ أين ستطمر النفايات؟ كما لم يتحدّد في الخطة مكان المطمر في جبال السلسلة الشرقية».

ولفت إلى «أنّ الجزء المتعلق بدور البلديات والإفراج عن الأموال العائدة لها من الصندوق البلدي المستقلّ وعائدات الخليوي يعتبر إنجازاً تحقق وإلغاء كلّ المنطق السابق لتحويل سوكلين إلى «سوكلينات» كما أنّ فض العقدين مع سوكلين أمر إيجابي».

وأكد «أنّ الحراك بمختلف حملاته مستمرّ بالتظاهر في الشارع ضدّ الخطة وحتى وإنْ تمّ التوصل إلى حلّ لملف النفايات، فالحراك مستمرّ لأنّ له أيضاً مطالب سياسية لها علاقة بالانتخابات النيابية وقانون انتخاب جديد على أساس النسبية، وهذا الأمر يناقش في شكل دائم خلال اجتماعات حملات الحراك».

ونفذ عدد من الناشطين في «حملة ضدّ الفساد» اعتصاماً في صيدا رفضاً لمعمل معالجة النفايات في صيدا وهو أحد البنود المقترحة في الخطة الحكومية لمعالجة أزمة النفايات. كما نفذ عدد من الشبان اعتصاماً أمام مكب برج حمود رفضاً لنقل النفايات إليه، وطالبوا بحلّ بيئي مستدام وبفرز النفايات، مؤكدين أنّ برج حمود «منا مزبلة». وشدّدوا على أنهم لن يقبلوا بالمال مقابل الصحة. وأقفل أهالي بلدة مجدل عنجر طريق المصنع لبعض الوقت باتجاه واحد، احتجاجاً على ما أسموه المشروع المشؤوم.

العجمي عبر «البناء» يحذر الحكومة: لا تجرّبونا

وأوضح رئيس بلدية مجدل عنجر سامي العجمي لـ«البناء» «أنّ المنطقة العقارية التي ينوي أحد التجار المتاجرة بأرواح الناس وبيئتهم مع أحد السماسرة إقامته، هي منطقة متنازع عليها بين لبنان وسورية، كما أنها من أملاك البلدية وتوجد فيها أملاك خاصة»، وقال العجمي: «لن ندع هذا الأمر يحصل، حتى أننا نرفض الحديث رفضاً قاطعاً بمكب أو بمطمر نفايات في منطقة المصنع التي هي بوابة لبنان إلى الدول العربية»، وأسف العجمي أن يأتي ذكر المصنع من بوابة النفايات، متمنياً أن يتطلعوا إلى منطقة المصنع وأن يذكروها بما تستحق فهي منطقة محرومة من المراحيض وصالونات الاستقبال ومن مركز صحي لأكبر معبر حدودي. وحذر العجمي عبر «البناء» الحكومة من أن تأتي على ذكر أو التفكير بمكب أو مطمر للنفايات «وننصحكم بعدم تجربتنا».

وأسف رئيس بلدية عنجر حوش موسى غارابات بنبكيان، عبر «البناء»، «أن يتحوّل البقاع إلى نقل للنفايات، ليأتي على المياه الجوفية بخاصة نبع شمسين الذي يُعتبر مصدره من السلسلة الشرقية ويغذي عشرات القرى في البقاعين الغربي والأوسط».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى