الموقف الأوروبي من الأزمة السورية؟

ناديا شحادة

مع تزايد أعداد اللاجئين السوريين الى الدول الاوروبية الذين اصبحوا يشكلون عبئاً على الاتحاد الأوروبي ومع ازدياد واتساع خطر التنظيمات الارهابية المتمثلة بـ»داعش» الذي لم يقتصر خطره على منطقة الشرق الاوسط انما تجاوز الحدود وأصبح خطراً على الامن القومي العالمي بعد العمليات الإرهابية الأخيرة التي طاولت كل من أفريقيا وأوروبا، أصبح من الضروري على جميع الدول التي تدرك خطر تنظيم داعش الإرهابي التنسيق والتعاون مع الجيش والقيادة السورية للوصول الى فعالية أكثر في محاربة الإرهاب، الأمر الذي يتطلب توحيد القوى وهذا ما اكد عليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرورف، مضيفاً اننا ننظر الى رد فعل الدول الاوروبية.

تلك الدول التي تبدلت قراءتها لما يجري في سورية وبدأت تتعاطى بغير ما كان عليه الوضع عند بداية الأحداث وتحركت أجهزة أمنية أوروبية وأميركية باتجاه دمشق للاطلاع على خطر الإرهاب وطالبت الحكومة السورية بالتنسيق الأمني مع الأجهزة السورية لمحاربة الارهاب، فالتنسيق من اجل محاربة تنظيم «داعش» مطلب الأجهزة الأمنية الأوروبية التي ضغطت على حكوماتها للانفتاح على الاسد.

يؤكد المراقبون انه بات يوجد الآن تغيير في مواقف بعض الحكومات الاوروبية التي لم يعد مطلب رحيل الرئيس بشار الاسد يشكل الاولوية لديها، فتصريحات وزير خارجية اسبانيا خوسيه مانويل غارسيا التي طالب فيها التفاوض مع الرئيس السوري بشار الاسد لإنهاء الحرب، فيما قال وزير الخارجية النمسوي انه على الدول الغربية ان تشرك الرئيس بشار الاسد في الحرب على تنظيم داعش، لتأتي تصريحات وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند التي أعلن فيها قبول بلاده ببقاء الأسد في المرحلة الانتقالية، فبات الاعتراف بدور الحكومة السورية من أجل محاربة الارهاب الذي لن يتم الا بالتنسيق مع الجيش السوري يشكل الأولوية لدى تلك الحكومات وبقاء الرئيس الأسد الذي استطاع أن يحدث تغييراً في سياسة الدول الغربية تجاه محاربة الارهاب والتخلي عن مطلب رحيله التي كانت رافضة فكرة التعاطي معه، حيث أعلنت بريطانيا وفرنسا في 16 آذار من العام الحالي رفض أي تفاوض مع الرئيس الاسد، وفي 30 تموز 2015 أعلنت واشنطن أن لا مكان للأسد في مستقبل سورية.

فعلى رغم الازدواجية التي تتسم بها مواقف السياسة الاميركية والاوروبية الا انه في هذا الامر احتفظت السياسات البريطانية والاميركية على ثابت لم تحد عنه عنوانه لا مكان للاسد، وهذه المرة الاولى التي تعلن فيها بريطانية موافقتها على قبول بقاء الاسد في المرحلة الانتقالية، فهذا التغيير في الموقف البريطاني الذي يؤكد المراقبون على انه لم يصدر من الدبلوماسية البريطانية من دون التنسيق مع واشنطن، فالعلاقة التاريخية بين البلدين تثبت مدى التعاون والتنسيق على ملفات المنطقة، فواشنطن لم تدخل حرباً الا وكانت بريطانيا معها وأول شريك لها وهذا ما أكد عليه الخبير البريطاني بشؤون الشرق الاوسط الكاتب جوناثان ستيل، فبريطانيا في عهد توني بلير التي ارادت العودة بقوة الى العالم العربي كانت شريكاً عسكرياً في حرب واشنطن على العراق في 20 آذار 2003، وما زالت العلاقة أو التنسيق قائماً بين البلدين وقد أكد ذلك تصريحات رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون على انه تحدث الى الرئيس الاميركي باراك اوباما وانهما اتفقا على استمرار التعاون البريطاني الأميركي، مؤكداً تقديره للصداقة القوية وقوة ومتانة وعمق العلاقة الخاصة بين بريطانيا واميركا.

فالتغير في الموقف البريطاني بالنسبة الى بقاء الرئيس الاسد في المرحلة الانتقالية يعتبر حسب المحليين تغيراً مهماً جداً لأن المرحلة الانتقالية هي مضمون الخلاف على تفسير بيان جنيف، فالموقف البريطاني دليل على انه هناك تفسير موحد دولياً لبيان جنيف وضمنياً ان «جنيف 3» سيعقد وفقاً لهذا التفسير، والتفاوض مع الرئيس الاسد هو جحر أساس لمرحلة تسوية قادمة برعاية روسية لمكافحة الإرهاب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى