لاءات السيد خامنئي
حميدي العبدالله
منذ التوصل إلى الاتفاق المرحلي، انتشرت تحليلات على نطاق واسع، مفادها أنّ إنجاز الاتفاق بين إيران والدول الست الكبار، ولا سيما الولايات المتحدة، سيفتح آفاقاً جديدة للحوار بين إيران من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، حول الملفات الإقليمية، ولا سيما سورية ولبنان والعراق واليمن، بل ذهب بعض المحللين إلى حدّ الاستنتاج بأنّ ثمة تبادلاً للآراء بين مسؤولين إيرانيين ومسؤولين أميركيين قد تمّ حول الملفات الإقليمية.
وعلى الرغم من إعلان المسؤولين الإيرانيين أكثر من مرة عدم حصول أيّ حوار أو تفاوض خارج إطار الملف النووي، إلا أنّ الأقاويل والشائعات تواصلت وزعمت بأنّ حواراً أميركياً- إيرانياً حول ملفات المنطقة بدأ، أو هو على وشك البدء، وتحديداً بعد التصديق النهائي على الاتفاق في واشنطن وطهران.
لكن المواقف الحازمة والواضحة التي أعلنها سماحة السيد علي خامنئي بدّدت كل هذه الأقاويل ووضعت حداً للشائعات. فالسيد خامنئي أعلن صراحة أنه لم ولن يكون هناك حوار مع الولايات المتحدة حول الملفات الإقليمية، وأعاد نعتها بالشيطان الأكبر، مؤكداً على ثبات الموقف الإيراني من الطابع الاستعماري للسياسة الأميركية. وأكد خامنئي أنّ الولايات المتحدة غيّرت مواقفها وأسلوب تعاملها مع إيران، ولكنها لم تتخلّ عن طموحها في الهيمنة والسيطرة، وحتى إسقاط النظام عن طريق الحرب الناعمة.
موقف السيد خامنئي، وهو أعلى مرجعية دينية وسياسية في إيران، لا يمكن تجاوزه ولا يمكن الالتفاف عليه من قبل أيّ جهة في إيران، وهو موقف نهائي، وواضح، وغير قابل للتأويل، وبالتالي من الواضح أنّ الرهانات على حوار وتفاوض بين الولايات المتحدة وإيران حول ملفات المنطقة ينتهي بعقد تسويات وصفقات هو أمر غير مطروح على الإطلاق، وبالتالي كلّ الذين راهنوا على هذا المسار عليهم مراجعة رهاناتهم.
بكلّ تأكيد إيران بكلّ قواها تدعم الحلّ السياسي لأزمات المنطقة، ومستعدّة لبذل كلّ جهد مستطاع لإيجاد تسوية سلمية لهذه الأزمات، ولكن من خلال حوار بين الأطراف المحلية، وبعيداً عن سياسة الإملاءات والوصاية الأجنبية، ولا سيما الوصاية الغربية.
إيران قد توظف نفوذها لدى حلفائها لتسهيل الوصول إلى حلول على قاعدة ثوابت السياسة الإيرانية التي باتت تتقاطع بوضوح مع ثوابت السياسة الروسية، وهي مكافحة الإرهاب كأولوية، ومساعدة الأطراف المحلية في كلّ بلد على إجراء حوار بناء في ما بينها، وأيّ رهان على سياسة أخرى لإيران مثل عقد صفقات مع الولايات المتحدة، هي وهم بوهم، وعلى الذين استرسلوا كثيراً حول هذه المسألة أن يراجعوا حساباتهم، فإيران في ظلّ قيادة سماحة المرشد السيد علي خامنئي لن تكون طرفاً في تسويات تصبّ في المصلحة الأميركية.