السعودية لا تزال تستنزف اليمن قبيل المفاوضات
بشرى الفروي
انعكس التصعيد العسكري الروسي الأميركي في شكل عام على مجريات الأحداث اليمنية إلى توازن عسكري سلبي ادى الى بوادر حلول وتفاهمات، فمن المحتمل الوصول الى هكذا تفاهم الذي طال انتظاره شهوراً لعقد الجلسة الاولى والتي تضم الحوثيين مع الحكومة التي يقودها خالد بحاح المدعوم سعودياً.
خمسة شهور على الحرب الهمجية السعودية على اليمن، ولم تحصد سوى الدمار والخراب، محاولة السعودية بذلك استنفاذ كل ما لديها من ضربات جوية، فلا يزال التحالف يواصل غاراته على العاصمة صنعاء مستهدفاً بطائراته مناطق واحياء سكنية، كحي النهضة شمال المدينة ومنطقة النهدين جنوب العاصمة ما اوقع عدداً من الشهداء بينهم عائلة بأكملها، الغارات استهدفت محافظات صعدة وحجة ولحج وتعز وشبوة وأبين.
وفي تعز أدت المواجهات بين القوات الموالية للرئيس هادي المسنودة بمسلحي الإصلاح من جهة وقوات الجيش واللجان الشعبية من جهة أخرى الى مقتل اكثر من عشرين شخصاً واصابة آخرين بجروح.
في المقابل، وعلى الحدود دمر الجيش واللجان الشعبية أربع دبابات وقتل عدداً من الجنود السعوديين في أثناء محاولتهم لاستعادة موقع دار النصر، حيث أفاد مصدر عسكري عن مقتل وإصابة عدد من الجنود جراء استهداف تجمع للآليات خلف موقع جوبح بجيزان.
كما أدى طيران التحالف الى سقوط المزيد من الشهداء وتدمير عدد من المنازل في غارات على السلمات والغيل في الجوف. واستهدف حصن وعلان التاريخي بثلاث غارات، في حين لا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن ما إذا كانت هناك ضحايا جراء الغارات، إضافة الى الآثار التاريخية والمنشآت الأثرية التي تزخر بها اليمن ويزيد عمرها على مئات السنين.
تأتي هذه الغارات قبل أيام من بدء المفاوضات المقررة الأسبوع الجاري بين الحوثيين وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في العاصمة العمانية مسقط، حيث قال المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد إن الطرفين قبلوا المشاركة بهدف التوصل لوقف لإطلاق النار، واستئناف عملية الانتقال السياسي السلمي، وذلك بعد أن أقر اجتماع للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مع هيئة مستشاريه السياسيين وحضور نائب الرئيس خالد بحاح الموافقة على حضور المشاورات الهادفة الى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2216.
يرى المراقبون ان دول العدوان تلعب دوراً محورياً في تعزيز نفوذ التكفيريين الارهابيين جنوب اليمن. حيث بات هؤلاء يطبقون قوانينهم الخاصة ويقومون بقتل المدنيين وسط الشوارع بتهمة التعامل مع الجيش كما ينفذون عمليات اعدام امام الناس. فالمستفيد الأكبر من العدوان السعودي الذي يواصل غاراته على اليمن منذ اشهر هو الجماعات الارهابية التي تجد الطريق مشرعة امامها للسيطرة على اكبر قدر من المناطق جنوب البلاد، وبذلك يكون الجنوبيون الضحية الأولى للتحالف السعودي مع «القاعدة»، وتمثل ذلك بالاغتيالات التي طاولت عدداً من قادتهم، وبالتالي يتزايد نفوذ «القاعدة» في الجنوب بعد تمهيد الرياض الطريق امامها للسيطرة على مناطق عديدة. وهذا ما أكدت عليه صحيفة «وول ستريت جورنال».
الحوثيون منذ البداية ليس لديهم مشروع خاص بالحكم او استئثار بالسلطة بل هم يسعون للتسوية، وحكومة وحدة وطنية، وقيادة جيش موحدة، اما السعودية فيصعب عليها تقبّل فكرة الهزيمة في اليمن، وحتى لو توصل اطراف الصراع في اليمن الى حل سياسي سيعتبر هذا الامر بمثابة هزيمة سياسية وعسكرية لها، لأن الحرب التي قامت بها لم تغير من الواقع شيئاً.
هذه المفاوضات تأتي بعد فشل مفاوضات جنيف ومشاورات مسقط، التي أجريت في حزيران، ولم تحرز أي تقدم على صعيد حل الأزمة في البلاد. فهل ستستجيب الأطراف الى ايجاد حلول مناسبة من طريق مساعي الامم المتحدة وجهود الدبلوماسية العمانية؟