أنطوان لحد… بلا لحد
فاديا مطر
أصبح اسم أنطوان لحد مختصراً لكلمة «خيانة وطن»، بكامل معانيها من عمالة وغدر تحت اليد الصهيونية، فخبر موت أنطوان لحد جاء يتيماً إلا من وسائل إعلام العدو الصهيوني التي تناقلت أخبار موته بشكل «نعي رسمي» يوم 12 أيلول الحالي، ليبدأ الحديث بعد ذلك عن نية دفنه في لبنان الذي يتثاقل تحت كاهل قمامة الشوارع، فكيف تحت ثقل قمامة التاريخ أمثال لحد الذي تلاحقه صفة الخائن إلى لحده بعدما جال مع زبانيته لعقود في تنظيم ما سُمي «جيش لبنان الجنوبي» الذي سبق لسعد حدّاد أن أنشأه، فخلفه لحد وأدار معتقلاته وجرائمه وخياناته المرتبطة مباشرة بوزارة حرب العدو «الإسرائيلي» واستخبارته العسكرية حتى أيار عام 2000 مع تحرير الجزء الأكبر من جنوب لبنان واندحار قوات الاحتلال «الإسرائيلي»، ليتابع عمله كمدير لمطعم في عاصمة الكيان الصهيوني تل أبيب، وقد لاحقته خلال تلك الفترة تسميات حتى موته من «الجنرال المتساقط» وصولاً إلى «الخائن» و«مجرم حرب»… وغيرها، فيلفظ أنفاسه العكرة الأخيرة في العاصمة الفرنسية باريس، عن عمر ناهز 88 عاماً، رغم وجود قرار فرنسي يمنع دخوله فرنسا باعتباره «مجرم حرب»، وليقع الاستفهام الكبير حول الدور الفرنسي في إيواء وحماية عميل «إسرائيلي» يُعتبر ربيب الكيان الصهيوني وصاحب مدرسة لها باع طويل في الخيانة والعمالة والإرهاب أصدرت منها المخابرات «الإسرائيلية» نسخاً معدّلة وراثياً تحمل الإيديولوجيا الأساسية نفسها وتعمل بالطريقة نفسها على الأرض السورية، فمثال ما قامت به المناضلة سهى بشارة عام 1988 من إطلاق النار على الخائن أنطوان لحد في مقرّ إقامته في مرجعيون، تكمن أمثلة كثيرة برغبات كثيرة من أمهات وزوجات وأبناء وبنات بأن ينال ألف ألف رصاصة مقابل ما أحدثه من ألم في السابق للشعب اللبناني، لتستثمره مضيفته الصهيونية حالياً على الأرض السورية التي زرعت فيها ما تعدل من أنواع وأشكال «لحدية» تحت مسميات، «داعش»، و«الجيش الحر»، و«جبهة النصرة» وغيرها من التشكيلات والمجاميع الإرهابية التي أثبتت ولاءها المطلق للكيان الصهيوني حتى ارتقت إلى ما سمّاه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في 19 شباط الماضي في حفل تأبين شهداء القنيطرة، «جيش لحد سوري»، فهي مدرسة العمالة نفسها بالطريقة والمنهجية لكونها أحزمة «طيبة إسرائيلية» كما كان حزام لحد «الإسرائيلي» سابقاً، والذي دمّرته المقاومة اللبنانية ليفرّ عناصره إلى داخل أراضي فلسطين المحتلة، وهي إشارة إلى ما سيكون عليه مصير هذه الأحزمة «الإسرائيلية» سابقاً ولاحقاً على يد المقاومة والجيش السوري اللذين يقفان على تنسيق عسكري ولوجستي واستخباراتي موفق، فتفقد وزير حرب العدو ورئيس حكومة كيانه لجرحى المجموعات الإرهابية في المشافي الميدانية «الإسرائيلية»، لا يترك تفسيرات أدقّ من ذهول الصهاينة من هشاشة هذه الأحزمة التي أسالت الدماء وعمّمت الدمار وخانت الأوطان ولم تستحق مدفناً في المقابر «الإسرائيلية» كما هو حال الخائن أنطوان لحد الذي خانته حاميته «إسرائيل»، حسب وصفه في كتاب سيرته الذاتية عام 2004، الذي أشار فيه إلى الطعن في الظهر الذي يمارسه الكيان الصهيوني في حقه، لتبقى ذكريات خيانته ودموع ضحاياه ومدافن قتلاه شاهدة عبر التاريخ على إجرامه وخيانته وتكتب كلّ يوم مصيره الذي ألبسه إياه مشغله، كما ألبس عناصر إرهابه الآن في الجوار الإقليمي، فالرفض متواصل لدفن جثة أنطوان لحد في لبنان حتى تحت غطاء سياسي من بعض من يحمل نفس «DNA» اللحدي، ويرفض التوبة التي رفضها العميل لحد والتي تمنع عن حقه في الدفن في الوطن الذي خانه متجاوزاً كلّ القوانين والاعتبارات الوطنية والأخلاقية والاجتماعية، فمن لم يحمِ تراب الوطن وقدسيته لايستحق لحداً في وطنه تزوره أمهات وبنات وأبناء الشرفاء، فهل من يعتبر من لحد الخائن قبل الوصول إلى «اللحد الباطن»؟