سلطنة عُمان تبكي شاعرها الشاب حمد الخروصي
في جلسة اتّشحت بالسواد، أبّن شعراء وأدباء عُمانيون في مسقط مساء أول من أمس الثلاثاء، الشاعر العُماني الشاب حمد الخروصي، الذي وافته المنيّة على إثر سكتة قلبية في السادس من آب الماضي في سويسرا.
وتزاحمت الكلمات التي ذكرت مآثر الفقيد في الجلسة التأبينية التي نظّمتها الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء، وذكّرت بمساهمات الشاعر العُماني في مجال الشعر النبطي.
حمد بن عبد الله بن مبارك الخروصي، شاعر من روّاد الشعر النبطي، وهو ضرب من ضروب الشعر العربي المنظوم بلهجات الجزيرة العربية وما جاورها مثل بوادي الشام وفلسطين والعراق والأردن وسورية والسودان.
الشاعر من مواليد عام 1976 في قرية الصبيخي ـ ولاية الرستاق في محافظة شمال الباطنة ـ شمال سلطنة عُمان، قرض الشعر منذ طفولته حيث عاش في أسرة متوسطة الدخل، وكان شاعراً ذا حسّ أدبيّ مرهف. تخرّج في مجال الكهروميكانيك في الكلّية التقنية ـ منطقة المصنعة في بلاده عام 1997.
ووصف الشاعر العُماني خالد بن نصيب العريمي في الجلسة التأبينية تجربة حمد الخروصي الشعرية، قائلاً إن حمد كان شاعراً بالفطرة، ومردّداً دائماً مقولة الكاتب السعودي محمد الرطيان «نحن نحب بالعامّية ونكره بالعامّية ونمارس كافة تفاصيل حياتنا بالعّامية، لكننا نكتب بالفصحى».
وأضاف العريمي أن حمد يرى أن القصيدة يجب أن تبقى سهلة وبسيطة في متناول الجميع، فكانت لغته سلسة وتراكيبه بسيطة من حيث بنية النصّ والصورة الشعرية.
وفي ما يتعلق بما يميّز الخروصي عن باقي شعراء الشعر النبطي في عُمان، أوضح الشاعر طاهر العريمي أنّ الفقيد كان يحمل قلق القصيدة وقلق الكتابة، فضلاً عن اشتغاله العميق على قصائده.
وأضاف طاهر أن حمد استطاع في حياته القصيرة زمنياً التوثيق للموروث الشفوي العُماني عبر انتقاله في أكثر من ولاية ومنطقة في عُمان، فوثّق لشاعر عُمانيّ قديم يدعى قطن بن قطن الهلالي، وللحكايات الشعبية المتناثرة في أحد الأودية العُمانية، كما وثّق لقصائد البدو أيضاً.
أما الشاعر العُماني مسعود الحمداني، فوصف حمد بأنه كان يحبّ الحياة وغير متكلف في قصيدته، وأنه كان شاعراً حرّاً في داخله. في حين قال الكاتب والشاعر سماء عيسى إن فقيد الشعر النبطي كان قوي الارتباط بالأرض والإنسان ووطنه وقضاياه، فكان عميقاً وبسيطاً معاً، وكان شعره مليئاً بالحزن العميق، ولهذا كتب الشعر والمقال وكتب في النقد الأدبي ودراسات عن شعر الصحراء أيضاً.
وفي شأن مدى رجاحة كفّة الشعر النبطي على الفصيح في عُمان، قال سماء عيسى إن النبطي شعر راسخ وقديم، وهو يشكل 90 في المئة من عطاءات الشعراء العُمانيين، في وقت كان فيه الفصيح قديماً مقصوراً على القضاة والفقهاء، بينما ظلّ النبطي ـ وما زال ـ ذاكرة الشعب العمانيّ.
ووصف طاهر العريمي الشعر النبطي بأنه الأقرب إلى الناس، بينما صارت القصيدة الفصحى تمارس دوراً نخبوياً.
وأثناء الجلسة التأبينية، عرض المخرج عبد الله البطاشي فيلماً تسجيلياً قصيراً تناول سيرة الراحل إنسانياً وإبداعياً.