الشهيد خالد الأسعد في شهادات إلى «البناء» خلال حفل تقليده وسام الاستحقاق السوري
لورا محمود
دول عدّة نكّست أعلامها تقديراً لأعماله وخدماته التي ما بخل في تقديمها لمملكة تدمر. تلك المملكة التي شابهها وشابهته بالعظمة والصمود، إلى أن ارتقى شهيداً على أحد أعمدتها، إذ امتزج دمه مع عَظَمة التاريخ الذي لم يكن لأحد أن يعلم مدى أهميته بالقدر الذي عرفه الباحث الشهيد خالد الأسعد، الذي عُرف بنشاطه الكبير لعدّة سنوات مع بعثات آثار أميركية وفرنسية وألمانية، قامت بعمليات حفر وتنقيب عن آثار عمرها 2000 سنة، ومدرجة ضمن قائمة «يونيسكو» للتراث العالمي. لذلك بثّت الوكالات الإعلامية العالمية خبر استشهاده.
منذ يومين، كُرّم الشهيد الأسعد بتقليده وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة الذي منحه إياه الرئيس بشار الأسد في الثالث من أيلول الجاري، بموجب المرسوم رقم 229 لعام 2015. وتسلّمت أسرة الشهيد الوسام من نائب رئيس الجمهورية السورية الدكتورة نجاح العطار، في حفل كبير، نشرت «البناء» أمس تقريراً عنه.
واليوم، تنشر «البناء» شهادات عن الشهيد خالد الأسعد، أدلت بها شخصيات عدّة على هامش حفل التكريم.
القائم بالأعمال المصرية في دمشق السفير محمد ثروت سليم قال: «لقد كنت حريصاً على المشاركة اليوم في هذا التكريم للشهيد خالد الأسعد. فلا يمكن لأيّ عاقل في المجتمع الحديث أن يتقبّل هذه الجريمة. وإذا كان محبّو الأسعد وعارفو مكانته وقيمته يقدَّرون بالآلاف، فإنني أتصور أنهم بعد هذه الجريمة أصبحوا بالملايين. لذا، نرجو لذكراه أن تكون بمثابة مساهمة للحفاظ على الآثار. ونرجو أيضاً أن نلحظ تكاتفاً دولياً للحفاظ على الآثار السورية، واستكمال المجهود العظيم الذي كان يقوم به الشهيد الأسعد».
بدورها، قالت عضو القيادة القطرية السابق لحزب البعث العربي الاشتراكي الدكتورة شهناز فاكوش: «لأنّ الشهيد خالد الأسعد رقم صعب في سجلّ هذا الوطن، ظنّوا أنهم علقوه على عمود، لكنهم أضافوا عموداً لتاريخ تدمر. فالشهيد من أكبر الأدمغة الأثرية العلمية في العالم، وقد نُكّست الأعلام في دول كثيرة وفوق أعظم المحافل التي كان يرتادها ويقدّم فيها خبراته، إجلالاً له».
وتابعت فاكوش: «ذرّات تراب تدمر تشهد أنه باق حيّ لا يموت وإن رحل عنّا جسداً. فهؤلاء الارهابيين يظنون أنهم عندما يقتلون إنساناً بهذه الوحشية، أنه سيُنسى، لكنهم في الحقيقة يكتبون له حياة جديدة في ضمير الوطن وضمائر الناس. فالأسعد اسم لن يتغيّر، والتاريخ سيظلّ شاهداً على عَظَمة هذا العالم الكبير وعلى أن سورية حاضنة حضارات العالم. وسيشهد التاريخ أيضاً على وحشية هؤلاء الذين يغزون هذه الأرض، وبجهلهم يدمّرون الحضارة. لكن سورية دائماً تقول: نحن هنا مثل أعمدة تدمر ومثل نخيلها وزيتونها ومثل سنديان هذا الوطن، وسنبقى نكتب التاريخ بصمودنا وانتصارنا».
من ناحيته، اعتبر نقيب الصحافيين السوريين الياس مراد أن الاحتفال تنفيذ لمرسوم رئاسة الجمهورية بتسليم وسام الاستحقاق لأسرة الشهيد خالد الأسعد. فقد كان الشهيد بحدّ ذاته وساماً للثقافة في العالم العربي والعالم. لأنه كنز من المعلومات، فهو رفض أن يعطي الإرهابيين معلومات عن مناطق أثرية من أجل أن يسرقوها. وطبعاً عن طريق تجارة غير مشروعة ومحرّمة ليحصلوا على أموال القتل والإرهاب، فقد رفض أن يتعاون معهم، لذلك أقدموا على ما اغتياله.
وأضاف مراد: «لقد تحوّل خالد الأسعد من باحث في شؤون الثقافة والحضارة التدمرية، إلى رجل يتم البحث في ثقافته وموقفه الوطني والحضاري والإنساني، والذي دفع ثمنه حياته ولم يفرّط ولم يتنازل للإرهاب الظلامي، فكان فعلاً حامل الثقافة وحاميها».
أما رئيس اتحاد الكتّاب العرب الدكتور حسين جمعة، فقد وصف الباحث خالد الأسعد بأنه قامة فكرية حضارية وتراثية، فعندما يتخصّص الإنسان بآثار تدمر، معنى ذلك بأنه يتخصّص بآثار الحضارات كلّها. وهذه الحضارة ليست ملكاً لسورية، إنما هي ملك للإنسانية. ومن هنا كانت هذه الجريمة عظيمة بعظمة ما قدّمه خالد الأسعد لهذا التراث الإنساني، لا سيما تدمر التي تعتبر جزءاً من الحضارة الإنسانية والتراث الإنساني.