ما بين طريق البلقان وكرواتيا السوريون بانتظار طريق دمشق…
سعدالله الخليل
أغلقت المجر حدودها وتشدّدت شرطتها بالإجراءات، وما إن خرجت عن بيت الطاعة الأوروبي، حتى أعلنت كرواتيا فتح حدودها أمام الراغبين بالوصول إلى صدر الأم الحنون ميركل وفردوسها المفقود، ممن ذاق أو لم يذق ويلات جحيم الحرب والمعاناة، وما إن أبلغت السلطات المجرية قرارها وقبل انتهاء موجات الاستنكار والتنديد لقرار بودابست، لاح للمهاجرين السوريين أمل جديد بإعلان كرواتيا فتح حدودها أمامهم لعبور أراضيها ونقلهم إلى ألمانيا أو الدول الإسكندنافية.
مع إغلاق المجر حدودها أغلق طريق البلقان بوجه السوريين من تركيا إلى اليونان ثم إلى مقدونيا فصربيا فالمجر ومنها إلى النمسا وبلدان أوروبا الغربية الغنية كألمانيا والسويد بعد مرور أكثر من 140 ألف مهاجر، وبقاء الآلاف عالقين في المجر لتفتح كرواتيا طريقها كممر لسلوفينيا ثم النمسا كي لا تحرم السوريين نعمة الوصول إلى دول الرخاء الأوروبي.
وجد اللاجئون ضالتهم وطريقهم وربما أوجد الأوروبيون وصفتهم السحرية للإبقاء على جداول النزوح السورية قائمة، قبل أن يشعر الشباب السوري بالإحباط من إمكانية الوصول إلى عالم الحرية والديمقراطية بعيداً عن مآسي الشرق والحروب الداعشية الهوى إخوانية الهوية.
سريعاً أوجدت قيادات أوروبا طريق كرواتيا التي قدم رئيس حكومتها للاجئين مغريات جمة من طيب الاستقبال مهما تكن ديانتهم أو لون بشرتهم إلى إمكانية نقلهم إلى الوجهات التي يرغبون في الذهاب إليها سواء كانت ألمانيا أو الدول الاسكندينافية.
كرواتيا التي انضمّت للاتحاد الأوروبي عام 2013 والتي توصف بالطفل المشاكس الذي قدم إلى بروكسل حاملاً مشكلاته السياسية والاقتصادية والمجتمعية، وجدت ضالتها في تحسين أوضاعها الاقتصادية من بوابة اللاجئين السوريين، بما يتيح لها طلب المزيد من المساعدات المالية لتحمّل أعبائهم وفق النموذج اللبناني والأردني في التعاطي مع الجهات المانحة والمفوضية الأوروبية التي سبق أن أعلنت بعد ستة أشهر من حصولها على عضوية الاتحاد الأوروبي فتح دعوى قضائية ضدّها لمخالفة عجز ميزانيتها البالغ 5 في المئة لمعايير اتفاقية ماستريخت للوحدة الأوروبية، فيما تحتلّ المركز 66 في مؤشر الفساد المتنامي وارتفاع الديون الوطنية الكبيرة والمتنامية البالغة 89.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ربما تمكن الاوروبيون من فتح ثغرة في الخاصرة الرخوة للقارة العجوز لاستمرار تدفق اللاجئين إلى أراضيها لضمان تجنيبهم ويلات الحروب وفق الحدّ الأدنى من ادّعاءاتهم، إلا أنّ الخطوة تعدّ تثبيتاً للحلول القاصرة لأسباب اللجوء الحقيقية والمتمثلة بغياب الأمن وانسداد الأفق أمام السوريين بإمكانية السير بحلول سياسية للأزمة، حيث تدفع أوروبا والغرب نحو تسعير المواجهة العسكرية على الأرض ودفع الأطراف المعارضة بتلاوينها للتشبّث بمواقفها المتطرفة والرافضة للحوار مع السلطات السورية وهو ما يضيّق مساحات الأمل في نفوس السوريين.
أغلق طريق البلقان فكانت طرقات كرواتيا البديل الأوربي الحاضر، فمتى تسلك سلطات القارة العجوز طرقات دمشق التي يراها السوريون معبّدة أمام دور أوروبي حقيقي في حلّ المسألة السورية ومعها معاناة السوريين؟
«توب نيوز