طرطوس… مهرجانات وملتقيات فنية تؤكّد صمود الشعب السوري

شهدت مدينة طرطوس السورية مؤخراً، افتتاح فعاليات مهرجان صيف طرطوس، الذي تقيمه مديرية المسارح والموسيقى على خشبة المسرح القومي. وشهد اليوم الأول عروضاً فنية وثقافية متنوّعة تجسّد قيمة الشهادة وصور الحياة المستوحاة من الطبيعة.

وقدّمت فرقة «المهرة للفنون الشعبية» خلال حفل الافتتاح عرضاً فنياً راقصاً بعنوان «نحنا سورية»، تضمّن لوحات فولكلورية من الرقص والغناء والشعر والنثر، تمثل مختلف المحافظات، بمشاركة 21 شاباً وشابة إلى جانب الفنان الممثل جمال العلي.

وأكد وزير الثقافة عصام خليل في تصريح لوسائل الإعلام أن استمرار الحراك الثقافي في محافظة طرطوس، مؤشر على النهضة الفكرية الحيوية التي أنتجت ثقافة المقاومة والشهادة.

وِأشار مدير فرقة «المهرة» الفنان ماهر حمامي إلى صمود الشعب السوري ووقوفه إلى جانب بواسل الجيش السوري في الدفاع عن الوطن وإصراره على الحياة على رغم الجراح، من خلال تقديم الفن المعبّر عن حضارة سورية وتاريخها العريق.

كما تضمّن اليوم الأول فقرة عزف جماعي على الكمان لأغنية «كانوا يا حبيبي» قدّمها ثمانية عازفين من فرقة «نغم الأمل».

وأوضحت مدرّبة العزف على الكمان في المسرح القومي دعاء غريب أن الفرقة هي نتاج ورشة الموسيقى والغناء التي أطلقها مسرح طرطوس القومي قبل شهرين، والتي خرّجت أربعين عازفاً وعازفة على الكمان والبيانو والعود، إضافة إلى متدرّبين في مجال الغناء، بإشراف المايسترو مهدي إبراهيم.

وأقيم على هامش الافتتاح معرض تشكيليّ ضم عشر لوحات بالألوان الزيتية للفنانَين صالح خضر وجورج شمعون، واللوحات مستوحاة من الحياة اليومية، إذ قال خضر إن أسلوب التجريد الهندسي المتّبع في لوحاته يمنح المَشاهد المستوحاة من الحياة حالة من الارتقاء بعيداً عن الماديات وإظهار جانبها الروحي. في حين أشار شمعون إلى تركيز لوحاته على تحويل النصّ الأدبي الذي كتبه الناقد الفرنسي المعاصر غيفيك في الشاعر السوري أدونيس، إلى صور بصرية، إضافة إلى إحدى قصائد الشاعر السوري خضر سليمان التي تغنّى فيها بالمرأة. مشيراً إلى أن الأدب والرسم يتبادلان الصور الغنية وفق مقولة «الشعر لوحة ناطقة والتشكيل شعر صامت».

وفي اليوم الثاني من المهرجان، عُرضت في صالة «سعد الله ونوس» في المسرح القومي، مسرحية «ألم وأمل» وهي من إخراج رضوان جاموس.

وأشار جاموس إلى أن العرض هو نتاج ورشة العمل التي أقامها المسرح القومي لإعداد الممثلين، وضمت حوالى خمسين متدرّباً ومتدربة، واستمرت لمدة شهرين، متضمنةً دروساً عملية في الأداء الصوتي والإلقاء والتعبير الجسدي. لافتاً إلى أن معظم المتدرّبين يمثلون للمرّة الأولى على خشبة المسرح.

وقال جاموس إن العرض يقدّم مشاهد لما يعايشه جنود الجيش السوري على خطوط النار من مفرزات الحرب، إذ يبقى الأمل ملازماً لهم، فتقدم المسرحية رسالة مفادها أن من أوجد الأبجدية لا يمكنه إلا أن يقف مع النور والمعرفة في وجه الظلام والجهل والتخلّف.

كما قدّمت فرقة «آرادوس للفنون الشعبية» أوبريت بعنوان «سورية الكلمة واللون واللحن» على خشبة المسرح القومي. وأشار مدير الفرقة ومدربها ثابت عمران إلى أهمية الفن الذي يروي تاريخ سورية منذ فجر الحضارة. إذ يترافق الغناء مع رقصات متنوّعة بين الرقص التعبيري والشعبي والمعاصر، تناسب المراحل التاريخية المذكورة. داعياً إلى الاهتمام بالفِرق الفنية في المحافظة وإتاحة مجال الظهور لها أكثر في المهرجانات.

وأحيت جوقة «طرب» حفلاً فنياً قدّمت خلاله الأغاني الطربية والشعبية والتراثية. وقال قائد الفرقة باسم يحيى إن المهرجان ظاهرة مهمة للإضاءة على الفِرق الفنية في المحافظة وخارجها. فضلاً عن دور المهرجانات في تأكيد الحياة الطبيعية المستمرة للشعب السوري، وأنه صامد حتى النصر.

حضر الافتتاح وفعاليات اليوم الثاني من المهرجان وزير الثقافة السوري عصام خليل، ومحافظ طرطوس صفوان أبو سعدى، ورئيس مجلس المحافظة المهندس ياسر ديب، وفاعليات حزبية ورسمية وشعبية.

ويستمر المهرجان الذي تقيمه مديرية المسارح والموسيقى في المسرح القومي حتى الاثنين المقبل بعروض طربية وفولكلورية راقصة ومسرحية، بمشاركة فِرق من طرطوس وحلب والسويداء.

ملتقى النحت الدائم

ويواصل ملتقى النحت الدائم الأول في طرطوس، والذي يقام تحت عنوان «طرطوس أمّ الشهداء»، فعالياته الفنية والثقافية في بلدة نقيب في ريف المحافظة.

وافتتح مساء الخميس معرضان فنيان، الأول للمهن اليدوية وتضمّن أعمالاً من الخيزران والقشّ والصوف والحرير والحَفر على الفضة وتوالف بيئية والخرز، والثاني معرض كاريكاتير ضمّ أربعين لوحة للفنان أحمد علي.

كما أحيت فرقة «نوافذ» بقيادة الفنان كمال حميد حفلاً غنائياً قدّمت فيه مجموعة من الأغاني الوطنية والوجدانية منها «لدمشق هذا الياسمين»، و«يا طير» و«أبداً تحنّ إليكم الأرواح».

وذكر محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى خلال حضوره فعاليات الملتقى أن نحّاتي الملتقى يجسّدون من خلال أعمالهم النحتية صمود وطنهم وشعبهم، ويؤرّخون لهذه الحقبة المهمة في تاريخ سورية. معتبراً أنّ هذه الأعمال الفنية تؤكد أنّ سورية ستبقى عزيزة ومنتصرة على كل المؤامرات التي تحاك ضدّها.

وقال المشرف على المعرض منذر رمضان إن عدد المشاركين في المعرض بلغ 14 حِرفياً وحرفية. مشيراً إلى أهمية المعرض عبر تقديم هذه الحِرف والمهن اليدوية التراثية، لتكون صلة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وترك بصمة للأجيال الجديدة.

ورأت الحِرفية نظمية اسماعيل التي شاركت بعددٍ من أعمال الرسم على اليقطين، أن الملتقى بفعالياته المتنوّعة رسالة للعالم نؤكد فيها رفض سورية لدعاة الفكر الظلامي والمتخلّف، الذين يريدون بأوامر من أسيادهم، محاربة الحضارة في سورية بمختلف تجلياتها.

وقدّمت الحِرفية روجيه ابراهيم مجموعة لوحات فنية من شرانق الحرير جسّدت فيها طبيعة طرطوس الساحرة. داعيةً إلى الاهتمام بالحِرف اليدوية الموروثة عن الأجداد وحمايتها من الاندثار.

يذكر أن ملتقى النحت الدائم الأول الذي يقام على أرض مساحتها خمسة دونمات في بلدة نقيب، انطلقت فعالياته في الثالث من الشهر الجاري، ويستمر حتى الثالث من تشرين الأول المقبل، ويشارك فيه 25 نحاتاً ونحاتة من مختلف المحافظات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى