غسان علم الدين يوقّع «أخضر في سهول الجراد»
تمكّن الشاعر والفنان اللبناني غسان علم الدين من جذب متذوّقي الثقافة والفنّ والطرب في احتفالية توقيع كتابه الخامس «أخضر في سهول الجراد»، الذي يعتبر من الكتب المميزة بالحداثة الشعرية، لما فيه من أفكار وقصائد تحاكي أكثر من فكرة وموضوع عصري بامتياز.
قدّم العرض للتوقيع الأديب عبد الفتاح الزين والصحافية والشاعرة باسكال صوما، وتحدّثت صوما باسلوب شاعريّ، إذ عبّرت بكلمات وصفيّة دقيقة ما وجدته في الشاعر علم الدين وفي ديوانه الأخير، فوصفته بـ«راقص الفالس الذي يرقص كما يشتهي، يكتب راقصاً ويعزف راقصاً ويحزن راقصاً… يُدخل في كينونة الأدوات التي يصنع بها القصيدة…»، ووصفت شعر علم الدين بأنه لا ينتهي بكلمة أو نقطة، الشعر الذي يسعى إلى التحوّل… إلى غمز حبّ جديد، الخروج إلى الضوء من الضوء.. يريد غسان في «أخضر في سهول الجراد» أن يمسّ حزننا المبطّن ويشدّ حبّه من جديد.
أما الأديب عبد الفتاح الزين، فقد استذكر حالة غسان علم الدين الشاعرية حين تعرّف إلى «شيطان الشاعر» منه، حين قال له: «شيطان شعري بلا شكل ولا لون ولا طعم ولا رائحة»، مفصّلاً المقصد والمغزى من هذا الوصف.
كما تطرّق الزين إلى مضمون كتاب «أخضر في سهول الجراد»، قائلاً: «لو يكون لي وجع كوجع غسان، شيطان مثل شيطان غسان، فأنا شرف الانتماء إلى عالم هذا الشاعر الشاعر، وكم هو رحب وجميل عالمه… أخذ غسان الوجع فأنطقه شعراً، ثم أخذه فأنطقه لحناً وأغنية…».
تميّز كتاب غسان علم الدين «أخضر في سهول الجراد» الذي أهداه إلى ابنته سارة، التي حضرت في وجدان الحروف وبين ثنايا الأفكار، كأنه إهداء إلى وعي صبية يبحث معها للخروج والابتعاد من عصر الماديات التي تشكّل أرقاً قد يصل إلى حدود الانتفاض على واقع مرير. فهي الصبية النقية التي يحمل معها همّ المستقبل الذي يريده أن يشبهها فقط.
وقال: في كتابه الكثير والكثير من خلال صفحاته التي لم تتعدّ السبعين، إذ وصف في قصيدة «عيناه» المسمار والديك:
طبعاً، وعيناه، تظلان في إثر الأبواب
إلى أن تخلع نفسها من الجدران
رسائل البريد العادي والإلكتروني تصل
وتنتشر الميليشيات والمافيات
تشتعل الغرف بالأضواء
والأجساد تأخذ شكل الرقم اللاتيني 69
عيناه اللتان مثل مياتم
ومدارس وكنائس ومستشفيات ومساجد
وحانات بيع المكيّفات والكتب المقدّسة.
وفي مكان آخر، يمتزج الغضب والرفض لواقع مرير في قصيدة «أخضر في سهول الجراد»، إذ طرح عدداً من التساؤلات:
الأسئلة لا تنتهي
كتابة الرسائل لا تحمي من الانهيار
القلق، السكون، الرّتابة
التنوع: أساطير قليلون من يصدقونها
أو ربما كثر لا أعرف
الحوار في أماكن مكتظة
فضيحة لا تنهيها فجيعة، أو ربما تنهيها.
وفي القصيدة نفسها، تحدّث عن أمراض الزمن ومسبّباته، والمدينة والأسماء والبحث الدائم عن أمور قد تبعث الفرح في النفس.
وبعد التوقيع، امتزج الشعر والأدب مع العود، إذ قدّم الشاعر والفنان غسان علم الدين وهو أستاذ الموسيقى في الكونسرفتوار الوطني جلسة طربية بمرافقة عوده، فغنى لأسمهان وعبد الوهاب وعبد الحليم وغيرهم على مدى أكثر من ساعة.