فابيوس يكمل حلقة «الحلّ السياسي مع الأسد» ودي ميستورا يبدأ تشكيل اللجان الحراك يلعب كرة قدم والمتحاورون ينزعون الكفوف… بانتظار خلوات تشرين

كتب المحرر السياسي

مشهد صنعاء أول من أمس صعق حكام الرياض، فقد شكل خروج ملايين اليمنيّين لإحياء ذكرى دخول الحوثيين إلى صنعاء بالهتاف للقدس والأقصى، تعبيراً عن درجة التماسك في الشارع الذي كان الرهان السعودي على تفكّكه، وأظهرت التظاهرات ما يقلب الحسابات لجهة كون حجمها مؤشراً على استمرار الحوثيين كتيار سياسي قادر على تخطي قاعدته المذهبية، معبّراً عن أضعاف ما يمثل مذهبياً بشعارات سياسية وطنية تجعل قاعدة الالتفاف حوله عابرة للطوائف والمذاهب والقبائل، ما يعني تشكل وطنية يمنية مناوئة للسعودية، سيكون صعباً تفكيكها طالما أنّ صمودها تخطى كلّ صعاب الحرب على قساوتها وضراوتها وخرابها وتضحياتها وأكلافها، والذي زاد من الإحراج الخليجي والسعودي خصوصاً أن شعارات المتظاهرين وهتافاتهم خصّصت للتضامن مع فلسطين والقدس والأقصى، فجاء الردّ السعودي هزيلاً وضعيفاً بتهريب الرئيس منصور هادي سراً إلى عدن ليجتمع ببعض وزرائه وتنقل اجتماعاته القنوات المحسوبة على السعودية تعويضاً معنوياً لفشل ما سمّاه التحالف الذي تقوده السعودية بحملة صنعاء التي توقّع أركان الجيوش الخليجية أن تنهي سيطرتها على محافظة مأرب أمس، بينما حملت أنباء الميادين العسكرية مراوحة في الهجوم بعد تكبّد خسائر فادحة، فيما بدأ التوغل البرّي للحوثيين في الأراضي السعودية ضمن محافظة جيزان، وكانت أولى النتائج اعتراف سعودي بوقوع خمسة جنود أسرى في قبضة الحوثيين.

مسقط لا تزال تنصب خيمة التفاوض بانتظار أن تنضج السعودية وجماعتها اليمنيين للتوقيع على التفاهم الذي جرت صياغته بالتعاون مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد شيخ أحمد، وارتضاه السعوديون ومنصور هادي، وبقوا يماطلون أملاً بتحقيق اختراق عسكري نوعي تشير الوقائع إلى أنه لا يزال بعيداً، وأنّ التغييرات الإقليمية الضاغطة ستجعل العودة إلى التفاوض إجبارية من دون التمسك بمناطحة جدار التوازنات الصعبة.

أبرز المتغيّرات الإقليمية العدّ التنازلي الذي تعيشه حكومة حزب العدالة والتنمية الإخواني في تركيا، التي بدأ تفكك نسختها الراهنة باستقالة أحد وزرائها قبيل الانتخابات، كما أشارت استطلاعات الرأي إلى تدنّي حظوظ الحزب الحاكم بالفوز بالغالبية بعد تدنّي شعبيته وبلوغها أدنى المستويات للحزب وصعوبة تكرار عودته إلى منصة الحاكم المنفرد.

بانتظار حلول مطلع تشرين الثاني وامتحان حظوظ «الإخوان المسلمين» انتخابياً في آخر معاقلهم الذي تمثله تركيا، اكتملت حلقة التسليم الغربي بحلّ سياسي في سورية يعتمد تفسيراً للمرحلة الانتقالية، التي تسبّب الخلاف حولها بتعطيل تطبيق بيان جنيف، يقوم على النسخة الروسية للبيان التي تعتبر الرئيس السوري بشار الأسد جزءاً من الحلّ وفقاً لأحكام الدستور السوري، ومعايير السيادة السورية، وتجعل إطار الحكم الانتقالي حكومة وحدة وطنية في ظلّ رئاسة الأسد، وهذا التفسير الذي رفضته دول الغرب جميعاً، وبدأت كرة ثلج التحوّلات تكبر باتجاه قبوله، منذ إعلان وزير خارجية إسبانيا عن الحاجة إلى التعاون مع الرئيس الأسد، فكان الكلام البريطاني والنمساوي والألماني وأخيراً الأميركي، أكملت سلسلته حلقة كلام وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس الذي كان حامل راية المطالبة بمواصلة الحرب وفقاً لخريطة الطريق السعودية التركية «الإسرائيلية»، أيّ حتى إسقاط الرئيس السوري، فقال أمس إنّ المرحلة الانتقالية للحلّ السياسي في سورية لا تتعارض مع مشاركة الرئيس الأسد فيها.

على مسار مواز تحضيراً لجنيف الثالث الذي تسهّلت طرق السير نحوه مع قبول التفسير الروسي لبيان جنيف، قام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتسمية رؤساء الفرق الأربعة التي قرّر المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا تشكيلها بالشراكة بين الحكومة السورية وأطراف المعارضة تحضيراً لمسارات جنيف، ويبدأ دي ميستورا مشاوراته مع الأطراف السورية لتسمية ممثليها لهذه الفرق لبدء أعمالها.

لبنانياً كان الحراك الذي شغل الشارع خارج جلسات الحوار كشريك مضارب منذ بدئها، في حال إجازة أمس بعدما اعترف منظموه بضعف المشاركة الشعبية، فنزل بعضهم إلى الساحات ليلعب كرة القدم، وتولّت القنوات الفضائية «الثورية» نقل الحدث على مدى ساعات لم تظهر الكاميرات خلالها سوى عشرات الشبان يقولون نحن الشعب اللبناني وعلى الشعب أن يستمع لنداءاتنا ويلبّي دعواتنا إلى الساحات، ويعودون بتوجيه النداءات للشعب بأنهم هم الشعب ويقولون لا تتركونا وحدنا.

طاولة الحوار التي ستشهد خلوة متصلة لثلاثة أيام، مطلع الشهر المقبل، عرفت تحوّلاً نحو كسر الجليد والدخول في ما كان يُعتبر من قبل من المحرّمات، فنزع الحضور كفوفهم وتداولوا بكلّ العناوين الشائكة، وتظهّرت المواقف، بحيث ظهر أنّ تيار المستقبل لا يزال رافضاً لتسهيل حلّ الترقيات لتعويض نتائج ضرر سيره بالتمديد للمراكز الأمنية والعسكرية على فرصة تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، ما يعني بمعزل عن التبريرات التي يسوقها ويشاركه فيها وزير الدفاع، أنّ معادلة المستقبل لا تزال عند مقايضة تسهيل وصول روكز لقيادة الجيش مقابل انسحاب العماد ميشال عون من الماراتون الرئاسي، بينما معادلة عون ومعه مساندة حزب الله الواضحة فهي لا تزال إما الاتفاق على إيصال عون للرئاسة بالتوافق بصفته الزعيم الأوسع تمثيلاً للمسيحيين، أو الذهاب إلى إقرار قانون انتخابات وانتخاب مجلس نيابي جديد وفقاً لنظام النسبية يتولى انتخاب الرئيس، وبين الموقفين تدور محاولات لتدوير الزوايا.

هل التعاطي الدولي بات مع قهوجي؟

توزعت الاهتمامات أمس بين ساحة النجمة واليرزة. فقد غص مبنى قيادة الجيش بـ 13 سفيراً أبرزهم المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ والسفراء الأميركي ديفيد هِلْ، والبريطاني طوم فلتشر، والروسي ألكسندر زاسيبكين، الصيني جيانغ جيانغ، التركي إينان اوزيلديز، والإيطالي ماسيمو ماروتي، في تأكيد من هؤلاء الدبلوماسيين بحسب ما علمت «البناء» من مصادر المجتمعين استمرار دعم دولهم المؤسسات في لبنان بكافة متطلباتها وأن الأيام المقبلة ستشهد تزويد الجيش بأسلحة نوعية. لكن البارز في هذا الموضوع أن قائد الجيش في الموقع الماروني هو المحاور الوحيد لهذه الدول نتيجة الفراغ الرئاسي. وسأل مراقبون: «هل التعاطي الدولي بات عبر قناة أساسية مسيحية هي العماد جان قهوجي»؟

الخلوة السداسية لم تكن منتجة

في المقابل لم تكن الخلوة السداسية التي ضمت رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس الحكومة تمام سلام، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، منتجة، فالسلة المتكاملة التي طرحها الرئيس بري بدءاً من الاتفاق على الترقيات مروراً بتفعيل العمل الحكومي وعودة العمل إلى المجلس النيابي مع بدء العقد العادي للمجلس في تشرين الأول المقبل، لم تلق ترحيباً من السنيورة الذي لم يبد أي حلحلة. لا سيما بعد أن شهدت جلسة الحوار أمس التي أرجئت إلى السادس من تشرين الأول المقبل، نقاشاً في كافة بنود جدول الأعمال على رغم اشتراط فريق 14 آذار عدم الانتقال إلى أي بند قبل الاتفاق على بند رئاسة الجمهورية.

وأشار عون إلى الاجتماع الذي عقده النواب الموارنة في بكركي والذي اتفقوا فيه على قانونين: الأرثوذكسي والنسبية على أساس 15 دائرة». ولفت إلى «أن هذا الطرح يطرحه باسمه ويدعو إلى تبنيه».

فسأله الجميّل: «هل تريد ذلك قبل الانتخابات الرئاسية من الشعب أم بعدها»؟ وقال نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري من جهته: الموارنة هم من اتفقوا على ذلك وليس جميع المسيحيين»، ليتدخل بري محاولاً قطع النقاش لكي لا يتطور إلى إشكال قائلاً: «الانتخابات الرئاسية هي مفتاح الحل ومدخل البنود الأخرى، إن موقف الجنرال عون يعتبر متقدماً ومتطوراً وهو موقف إيجابي يبنى عليه».

وتحدّث رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان عن المعايير التي يجب أن تتوافر في رئيس الجمهورية. وفي قانون الانتخاب، قال حردان: «جربنا كل القوانين وكان أن نتجت منها أزمات لأن الطائفية هي علّة العلل»، ودعا إلى «قانون انتخابي نسبي يوحد اللبنانيين وتكون نتائجه جهة تحكم وجهة تعارض». وتناول حردان أهمية احتكام الجميع إلى مرجعية الطائف ووثيقة الوفاق الوطني وتقدم باقتراح أن يصدر عن هيئة الحوار موقف واحد في موضوع التسليم بمرجعية الطائف وتنفيذ بنوده كافة.

وقال رعد هناك منفذان للحل: المنفذ الأول يكون عبر التفاهم على اسم الرئيس ويمكن أن نصل إلى هذا الأمر عبر طاولة الحوار أو ننتظر ألف عام، والمنفذ الثاني يكون من خلال الاتفاق على قانون انتخاب وعلى مبادئ قانون الانتخاب ونترك التفاصيل للجان… تفاصيل جلسة الحوار صفحة 3 .

مشهد آخر للحراك

وعلى ضفة مقابلة لجلسة الحوار، خلت الساحات من التظاهرات الحاشدة وغاب رشق مواكب الشخصيات المشاركة بالحوار وأعمال الشغب والتدافع عن الواجهة كما حصل في الجلسات السابقة، باستثناء بعض المعتصمين الذين ينتمون إلى بعض الحملات، حيث نفذوا تحركاً رمزياً أمام مبنى صحيفة «النهار»، مذكرين بمطالبهم المعهودة ومصوبين على أداء الطبقة السياسية الحاكمة، وبادر الناشطون من حملة «طلعت ريحتكم» إلى رمي الكرات الملوّنة المكتوبة عليها مطالبهم من على الحائط الإسمنتي الذي نصبته القوى الأمنية يوم الاثنين، في اتجاه الشارع المؤدي إلى بلدية بيروت ومداخل ساحة النجمة، وأكدوا أن «الطابات تحمل مطالبنا وفيها دلالة واضحة على أن الطابة دوماً في ملعب الشعب وأننا قادرون على تسجيل الأهداف بحق هذه السلطة الحاكمة».

ونفت مصادر في الحراك الشعبي لـ«البناء» أي قرار من منظمات المجتمع المدني بوقف التحركات في الشارع. واعتبرت أن الرسالة وصلت من خلال التظاهرة الحاشدة يوم السبت الماضي من خلال الوصول إلى أقرب نقطة للمجلس النيابي في ساحة النجمة بأننا لا نؤمن بالحوار الوطني وأن السلطة السياسية مسؤولة عن الأزمات التي وصلنا إليها ولا يمكنها حل الأزمات.

وأشارت المصادر إلى أن عطلة عيد الأضحى ستكون حافلة بمجموعة متنوعة من النشاطات التي دعت إليها مختلف المجموعات في ساحة رياض الصلح، لأن الأنشطة هي جزء من التحركات، مع إبقاء القرارات الكبرى بالتظاهرات الحاشدة والتحرك باتجاه الوزارات المسؤولة عن الأزمات في سلم تحركاتنا.

ورجحت المصادر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تنسيقاً بين كل مجموعات الحراك لاتخاذ القرار المناسب على ضوء التطورات الراهنة. وأكدت أن مطالبنا ما زالت هي معالجة بيئية علمية لأزمة النفايات واستقالة وزير البيئة محمد المشنوق وتحرير أموال البلديات».

خطة النفايات إلى التنفيذ

وفي ملف النفايات، أكد وزير الزراعة أكرم شهيب بعد لقائه وزير الداخلية نهاد المشنوق «أن لا مجال لحل آخر لأزمة النفايات إلا الحل التشاركي الذي توصلنا إليه ونسعى لتذليل جميع العقبات كي نزف للمواطنين خبر بدء تنفيذه». وأشار إلى أن «قرار البلديات كان واضحاً بالموافقة على فتح مطمر الناعمة لمدة 7 أيام»، مشدداً على أنه «يجب تحمل نفايات العاصمة لمدة سنة ونصف كمرحلة انتقالية لأن العاصمة تحملتنا جميعنا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى