الشاعر أحمد شحادة والفنّان ريبال الهادي ثنائيّ أبدع في الأغنية الوطنيّة السوريّة

دمشق ـ شذى حمّود ومحمد الخضر

شكلاً ثنائياً متميزا ذا بصمة في ميدان الأغنية الوطنية عبر إبداع العديد من الأغاني والأوبريتات التي تغنّت بالوطن وحيّت جيشه وشعبه وقائده، فعبّرا من خلال كلماتهما وألحانهما عن الألم والحزن الذي عاشه الشعب السوري، قاسماً مشتركاً في رحلتهما الفنية والشعرية. إنهما الشاعر أحمد شحادة والمطرب والملحن ريبال الهادي مبدعا أغاني «يا وطني جبار» و»وقفة بطل» و»اسمع يا كل الكون».

«الفن الغنائي هو فن رفيع المستوى يجب ان يقدم حالات إنسانية وشعرية وعاطفية تدخل التاريخ» يقول الشاعر أحمد شحادة مضيفاً «هذه الحالات لا بد من أن تحمل مستوى يعكس حضارة الشعب ومكانته الثقافية والتاريخية وأن تكون أكثر التصاقاً بالحالة الإنسانية والاجتماعية»، معتبراً «أن الأغنية لا تختلف البتة عن الشعر، فهي حالة تترجم إحساس الإنسان وتعكس ثقافته وبيئته التي يعيش فيها ومجموعة العلاقات الاجتماعية التي تشكل حدثاً وإرثاً تاريخياً».

وعن تأليفه الأغنية الوطنية يقول كاتب أغنية «وقفة بطل»: «إن ما كتبته في الأغنية الوطنية هو الأهم خلال مسيرتي الشعرية فالوطن هو ذو الأولوية في كل شيء ويستحق أن يقف عنده الشاعر والفنان وأن يسخّر له كامل طاقاته وإبداعاته ويلبي نداءه كلما احتاج إليه، وهذا انعكس في كتاباتي التي غناها الفنان صاحب الصوت الجميل ريبال الهادي».

تعتبر الأغنية الوطنية لدى الشاعر أحمد شحادة أكثر التزاماً بالرؤى الاجتماعية والبنى الفنية والدلالات من أغان أخرى له مثل «الحاصودي» و»سلمى بنت الجيران»، علماً أن الشاعر شحادة متمكن من الإيقاع الموسيقي والحركة الانفعالية التي تأخذ بالحدث إلى الشكل الملائم للموضوع. يضيف: «إن كتابة الأغنية مهما يكن نوعها تختلف من شاعر إلى آخر في نمطها وتكوينها وطرائق المعالجة التي يعكسها الإحساس الشعوري لدى كاتب الأغنية»، لافتاً إلى أهمية القافية والصور والاستعارات والكنايات التي ينبغي توافرها في كلمات القصيدة أو الأغنية.

يؤكد شحادة أن كتاباته الشعرية التي غناها العديد من المطربين السوريين والعرب تتطلب أصواتاً خاصة ومميزة تنسجم مع إحساس المطرب الذي يتمكن من خلق حالة بنيوية بين أدائه الفني كمطرب والكلمات، خاصة إذا كان هذا المغني هو من يتولى تلحين الأغنية.

يميل الشاعر شحادة إلى الفنان الذي يمتك صوتاً قوياً مع موهبة التلحين والتوزيع الموسيقي، على نحو يمكنه من أداء كلماته بطريقة تصل سريعاً الى قلوب الناس صادقة وعفوية، ومن تلك الأصوات الفنان ريبال الذي يحسن الربط الفني بين عاطفتي الكلمات والصوت باعتبار أن اللحن يحتاج إلى خبرة تتلاءم مع اختيار طبقة صوتية ملائمة لموسيقى الأغنية التي يأتي بها. ويحظى شعر الزجل لدى شحادة باهتمام كبير، فهو شعر غنائي أساساً وله حضوره الاجتماعي والتاريخي وذو مقومات وأدوات وموسيقى، إذ تنضم الى هذا الفن «العتابا» ذات الشعبية الواسعة. ولا تقتصر أشعاره على فناني بلده مثل سمارة السمارة وأذينة العلي ووفيق حبيب، بل كتب لعدد من الفنانين اللبنانيين مثل ديانا حداد وغيرها كثر.

الأغنية الباقية في رأي الفنان ريبال الهادي هي الأغنية الملتزمة بهموم الناس وأحزانهم وأفراحهم، وتنزع في اتجاه قضاياهم، فهذا النوع من الأغاني بات يخصه وحده ولا يمكن أن يبدله ويعتمد سواه فالأغنية الوطنية تخص المجتمع كلّه.

يبدي الفنان الهادي الذي غنى معظم كلمات الشاعر أحمد شحادة التزامه بالأغاني الوطنية التي تعبر عن مواقف سامية تجسد البطولة والفداء وتعكس العلاقة بين الشعب وجيشه وتعبر عن نزوعه إلى العدل والمساواة. علماً أنه غنى لشعراء آخرين متل رياض العلي وأكثم جويهرة وسعد الديب وبسام قصيبي وآخرين، مشيراً إلى ضرورة حرص المطرب على تجاوز الوطن في كلماته الى دول العالم كي يصل ألمنا ومعاناتنا إلى الشعوب الأخرى. ويؤكد مغني «جيش العز» أن أغانيه هي من ألحانه وتوزيعه، معتبراً انه الأقدر على تقدير الروابط الفنية والحالات البنيوية التي تؤدي في النتيجة الى تكوين أغنية ذات مغزى. وينبغي أن تكون الأغنية الوطنية في رأي الهادي مبنية على تناغم موسيقي مع الموضوع الذي يريده الفنان والشاعر، ما يستوجب تشاوراً بين المطرب وكاتب الأغنية لتكون الأغنية قريبة من الذائقة، مشدداً على ضرورة أن تتضمن الأغنية الوطنية المعاني الإرشادية والاجتماعية والتوجيهية والثقافية.

يرى الهادي لا يمكن لفنان يحب وطنه ويحترم فنه أن يقلع عن الغناء الوطني فسورية هي أرض البطولات والأمجاد والمقاومة. ويعبّر عن تقديره الكبير لجميع الفنانين العرب الذين تغنوا بسورية وبجيشها وشعبها وقائدها مثل نجوى كرم وأيمن زبيب وعاصي الحلاني وملحم زين وآخرين. ويؤكد على حاجة الوطن الى فنانيه فالأغنية الوطنية ذات تأثير كبير في الشعب، تلهب المشاعر والأحاسيس والوجدان، خاصة في هذه المرحلة التي تعاني فيها سورية وطأة المؤامرات والحقد والغدر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى