التدخل الروسي… ونهاية الحرب على سورية!
د. نسيب حطيط
بدأت بشائر انتهاء الحرب الأميركية ـ الصهيونية على سورية ومحور المقاومة، بعد فشل المشروع الأميركي في سورية والعراق ونجاحه في بعض الدول العربية. صمدت سورية ومحور المقاومة طوال خمس سنوات أمام التكفيريين والعثمانيين والرجعية الخليجية والصهيونية، بنسخاتها المتعدّدة الأوروبية والعربية والأميركية، وقاتل الجيش السوري وحلفاؤه، وفي مقدمتهم المقاومة اللبنانية التي دفعت ثمناً غالياً يقارب الألف شهيد ومئات الجرحى والأيتام والثكالى من الأمهات والزوجات، دفاعاً عن سورية ولبنان وفلسطين والإسلام، وليس دفاعاً عن الحزب أو الشيعة، كما يكذب البعض ويزور الوقائع.
أعلنت القيادة الروسية عزمها على التدخل في سورية دفاعاً عن حليفتها سورية ودفاعاً عن الاتحاد الروسي الذي يستولد التكفيريين ويرسلهم إلى سورية والعراق ليعودوا إلى روسيا بأمر أميركي لتفتيتها، كما فككت الاتحاد السوفياتي، ويقاتل الروس دفاعاً عن آخر وجود سياسي وعسكري واقتصادي لهم في المنطقة وساحل البحر المتوسط في سورية…. والسؤال هل سيحتاج الروس إلى التدخل الميداني، أم أنّ التوافق الروسي ـ الأميركي والهلع الأوروبي والإرباك السعودي في اليمن سيحسم المعركة مع التكفيريين؟
المواقف الأميركية والأوروبية وآخرها الموقف التركي، بالإضافة إلى ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «أنّ المقاومة قد حققت كلّ أهدافها على الحدود اللبنانية السورية»، ما يعني إعلاناً غير مباشر عن عدم التمدّد في الميدان السوري، وجاءت اتفاقية الزبداني وملحقاتها مع كفريا والفوعة وملحقاتها لتؤكد بداية الحلّ في سورية عبر نموذجي حمص السابق والزبداني كفريا والذي سينتهي بإخراج التكفيريين الأجانب من سورية إلى بلدانهم التي جاؤوا منها وذلك بضغط روسي ورعاية الأمم المتحدة وتسوية أوضاع المسلحين السوريين مع الدولة السورية عبر المصالحات، وخصوصاً أنّ الروس سيكونون في الشمال السوري حيث يتجمع التكفيريون الأجانب من داعش والنصرة وجيش الفتح والشيشان والقوقازيين والأوروبيين ، أما الجبهة الجنوبية في القنيطرة فستخضع لحالة «ستاتيكو» وعدم إشعالها وهذا ما تمّ الاتفاق عليه بين بوتين ونتنياهو، وخصوصاً أنّ مسؤولية جبهة الجولان هي للقيادة السورية وليس للمقاومة في لبنان التي تدعم وتساند المقاومة السورية مع تعهُّد أميركي بالإيعاز إلى الأردن بإقفال حدوده وعدم دعم المسلحين التكفيريين.
تراجعت أميركا عن شرطها بوجوب رحيل الرئيس بشار الأسد، فتراجعت أوروبا وتركيا، وصرّح كيري بأنّ الحلّ السياسي الثنائي في سورية واليمن صار قاب قوسين أو أدنى والذي سيعطي السعوديين المهزومين في اليمن جائزة ترضية عبر إنقاذهم من المستنقع اليمني وتكريس حصّتهم في العملية السياسية عبر ممثلين مباشرين من الأطراف اليمنية مقابل القبول ببقاء الأسد رئيساً وعدم تمويل التكفيريين و تسليحهم.
سيربح الروس موطىء قدم على البحر المتوسط وباعتراف دولي وأميركي استثنائي ولأول مرة في تاريخ روسيا القيصرية أو الشيوعية أو الحالية، بالإضافة إلى النفط والغاز على الساحل السوري، وسيربح الأوروبيون أمنهم المهدّد من المهاجرين واللاجئين وكذلك من التكفيريين العائدين وستربح أميركا تقليل الخسائر بعدما فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد عسكرياً في تموز 2006 ونووياً عبر الاتفاق الإيراني ـ الأميركي، ودموياً عبر ما يُسمّى الربيع العربي، وستربح سورية ومعها محور المقاومة لأنها صمدت واستعادت وحدتها وسيادتها وقراراها المستقل ولتأكيد أنّ الشعوب قادرة على هزيمة الغزاة إن قاومت وتحملت الأثمان وأنّ العبودية ليست قدراً بل هي استسلام وعار على من يتقبلها.
العام المقبل هو عام التسويات وانتهاء دوامة الربيع العربي الأسود، وعلى المقاومين، دولاً وأحزاباً، التهيؤ لهذه المرحلة حتى لا يخسروا في السلم ما لم يخسروه في الحرب، فأميركا تتقن أساليب الحرب الناعمة أكثر من الحرب الخشنة والثورات البرتقالية والخضراء والملونة التي أسقطت الأنظمة خير دليل ولأنّ الحرب على سورية تشارف على نهايتها، علينا التنبه مما يسمى بعض الحراك المدني المسلح بالموقف والتعليمات الأميركية التي ستبدأ بالمطالب المعيشية لتثبيت موقعها في المشهد السياسي والمدني واكتساب الجمهور ثم تنقضّ على المقاومة وسلاحها بحجة تأثيره على السياحة والاقتصاد والديمقراطية وحقوق الإنسان وستعمل على استفزاز المقاومة. وهل يمكن أن نقتنع أنّ مجموعة من الشباب أصبحوا، وبقدرة قادر، يمثلون قيادة للشعب اللبناني وجمهور الأحزاب الحاكمة ويهدّدون الدولة، مع استثناء بعض القوى السياسية التي تمّ تهميشها ورأت في هذا الحراك نافذة لها لاستعادة الدور ولن يسمح لها والتي ستتهم بالتخريب ونبش الماضي وسيترك الذين تحضنهم السفارات في مأمن!
سياسي لبناني