بوتين: التخلي عن التنسيق مع الجيش السوري خطأ تاريخي
انتقد الرئيس الأميركي باراك أوباما ضمنياً موقف موسكو الداعم للحكومة السورية الشرعية، قائلاً «إن هناك من يدافع عن الرئيس السوري بشار الأسد بدعوى أن البديل هو الأسوأ».
مع ذلك أكد أوباما أن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع الجميع لحلها، بما في ذلك روسيا وإيران، مشيراً إلى أن حل الأزمة السورية سيستغرق وقتاً طويلاً، وقال: «الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة بما في ذلك روسيا وإيران لإيجاد حل للصراع ولكن يجب أن نقر بأنه لا يمكن العودة إلى الوضع القائم قبل الحرب بعد كل ما أريق من دماء وبعد كل هذا القتل».
وأضاف: «لا مجال لقبول طائفة تؤمن بقرب نهاية العالم مثل داعش ولن تعتذر الولايات المتحدة عن استخدام قواتها كجزء من تحالف واسع لملاحقتها».
ودعا أوباما في كلمته أمس أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى «تعزيز التعاون والتنسيق لمواجهة تحديات العصر، وأبرزها الإرهاب والتطرف والفقر»، مشدداً على «أهمية احترام القوانين والمبادئ الدولية لأنها أصبحت الوسيلة الوحيدة لضمان سلامة وازدهار شعوب العالم».
وبيّن الرئيس الأميركي في كلمته، أنه يعي المخاطر التي يواجهها العالم اليوم، ويفهم في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة لن تستطيع حل المشاكل الدولية لوحدها، مشدداً على اعتماد الدبلوماسية وسيلة لإنهاء الخلافات، وقال إن القوة وحدها لا يمكن أن تفرض النظام في العالم، «تعلمنا هذا الدرس في العراق»، مضيفا: «أن العراق كان تجربة صعبة رغم قوتنا وأثبتت أننا بحاجة إلى دول أخرى لحل المشكلات».
وعرج أوباما إلى تنظيم «داعش» قائلاً «إن الولايات المتحدة لن تسمح لأي قوة إرهابية كـ»داعش» بالتوسع»، مشدداً على أن «قيام «داعش» بقطع رؤوس أشخاص، لا يجعل المسألة قضية أمنية لدولة ما وإنما قضية إنسانية تستدعي التحرك»، مبيناً في الصدد «أن «داعش» يقتات من استمرار الحرب السورية».
وذكر أن «هناك تيارات خطرة تريد أن تعود بالعالم إلى الوراء وتحاول فرض قوتها في شكل يتنافى مع مبادئ القانون الدولي ويقيد الحرية»، مؤكداً في السياق ذاته أن «اعتبار الإسلام إرهاباً هو جهل».
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته دعم بلاده لسورية والعراق في مواجهة الإرهاب، مؤكداً «أن لا أحد يقاتل «داعش» في سورية في شكل حقيقي باستثناء حكومة الرئيس الأسد وقوات حماية الشعب الكردية»، وأشار الى «أن التخلي عن التنسيق مع الجيش السوري خطأ تاريخي».
ودعا بوتين في كلمته إلى الالتزام بمصالح مشتركة وليس بمصالح شخصية لحل الأزمات الجارية، وقال: «سنعقد بعد أيام عديدة اجتماعاً وزارياً لحل أزمة الشرق الأوسط»، مؤكداً أن تنظيم «داعش» الارهابي تهديد مباشر للعالم كله.
وأضاف: «لكل وطن وشعب حق بتحديد مصيره. علينا أن أن نتذكر التجارب السلبية في التاريخ عندما الدول الكبرى تقوم بتصدير الايديولوجية الديمقراطية على دول صغيرة بالقوة. هذا أدى الى نتيجة سلبية في حياة الشعوب مثل ما حصل في الشرق الأوسط».
وتطرق الرئيس الروسي الى أزمة اللاجئين، وقال: «أنه لا يمكن حل مشكلة اللاجئين في الشرق الاوسط إلا بإعادة المؤسسات المدمرة للدول»، وأضاف: «أن روسيا لا يمكنها أن تتحمل أكثر الظروف التي نشأت في العالم وهي ليست لديها طموحات في سورية».
وأكد بوتين أنه لا يمكن التغاضي عن قنوات تمويل وإمداد الإرهاب الدولي بما في ذلك التجارة غير الشرعية للنفط، وقال: «أنه يجب احترام التنوع في العالم وعلينا أن نعلم أن تشجيع التغيرات في العالم يؤدي إلى عواقب كارثية»، وأضاف: «نعتقد أن أي محاولات لزعزعة الشرعية الدولية خطرة وتؤدي إلى انهيار هيكل العلاقات بين الدول».
وكان بوتين قد استبق لقاء القمة مع نظيره الأميركي والذي ينتظر أن تتصدره الأزمة السورية، بالإشارة إلى أن السبيل الوحيد للتوصل إلى حل الأزمة في سورية هو دعم الرئيس بشار الاسد.
وقال إن بلاده لا تفكر بالمشاركة في عمليات برية في سورية، أقله في الوقت الراهن، لكنها تفكر في كيفية تكثيف عملها مع الرئيس الأسد ومع شركائها في الدول الأخرى، ووصف الاتهامات الموجهة إلى النظام السوري بأنه وراء انضمام الكثير من السوريين للجهاديين بأنها «دعاية معادية لسورية».
وقدر الرئيس الروسي بحوالى ألفين عدد المقاتلين القادمين من روسيا ومن جمهوريات سوفياتية سابقة في صفوف الارهابيين في سورية، موضحاً أن حكومته لها مصلحة في منع عودتهم إلى البلاد.
جاء ذلك في وقت قال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي بأن مجموعة الاتصال الخاصة بسورية بمشاركة روسيا وإيران والسعودية وتركيا ومصر والولايات المتحدة قد تجتمع الشهر المقبل.
وأضاف: «يجب أن تشكل 4 لجان سورية – سورية في جنيف، وأعتقد أن اجتماع مجموعة الاتصال من ضمن اللاعبين الخارجيين الأكثر نفوذاً سيؤجل إلى تشرين الأول، أي بعد الجمعية العامة للأمم المتحدة».
وأكد الدبلوماسي الروسي أن بلاده تدعو للإسراع في عقد هذا الاجتماع، مشيراً إلى أن مستواه لم يحدد حتى الآن، وأنه قد يجري بمشاركة خبراء ونواب وزراء وحتى وزراء إذا تطلب الأمر ذلك.
وأشار بوغدانوف إلى إمكانية دعوة جهات أخرى للمشاركة في الاجتماع إلى جانب روسيا والولايات المتحدة وإيران والسعودية وتركيا ومصر، مؤكداً أهمية التعاون مع الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا.
من جهة أخرى، أكد بوغدانوف أن الجولة الجديدة من المشاورات السورية «موسكو-3» قد تجري قبل نهاية العام الحالي، وقال إنه من السابق لأوانه الحديث عن موعد محدد للجولة الجديدة من المشاورات، مضيفاً: «سنستضيف مثل هذا اللقاء إذا أراد السوريون التحادث في موسكو».
وأوضح الدبلوماسي الروسي أن عقد «موسكو-3» يجب أن يرتبط بالتحضير لعقد مؤتمر «جنيف-3» لكي يتمكن ممثلو الحكومة السورية ومختلف جماعات المعارضة من تبادل الآراء في شكل غير رسمي من دون أي شروط أو التزامات مسبقة.