«طاقة» الخلاف بين بري وعون تقنية… وتسوية الترقيات يخرّبها «مندسّون»!

هتاف دهام

لم يقم رئيس مجلس النواب نبيه بري بطرح مبادرته لتسوية الترقيات، إلا بعد أن خرج الضوء الأخضر عليها من حوار حزب الله وتيار المستقبل قبل عيد الأضحى. يؤكد الرئيس بري بحسب ما ينقل عنه زواره لـ«البناء» أنّ الطرح الذي تقدّم به لم يقتصر فقط على الترقيات، إنما أراد منه أن يشكل حلاً سياسياً في البلد ويعالج مشكلة الانتظام في عمل الحكومة ويفتح باب المجلس النيابي مجدّداً، لكنه فوجئ في الخلوة التي أعقبت جلسة الحوار الوطني في 22 من الشهر الماضي بالمواقف المتشدّدة للرئيس فؤاد السنيورة، التي أضاعت فرصة كان من شأنها أن تساعد على إنتاج مناخات جديدة في البلد، علماً أنني كما يقول بري «تبلغت من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لاحقاً بموقف إيجابي أكد التمسك بالمقاربة الإيجابية لمبادرتي».

لم يبد بري أمس انزعاجه من تشدّد السنيورة فقط، بل أبدى استياءه أيضاً من الموقف المتشدّد الذي أعلنه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون عقب اجتماع «التكتل» الأسبوعي أول أمس، وتهديده بالانسحاب من الحوار، علماً أنّ تسوية الترقيات لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بهيئة الحوار. ويشدّد بري على «أنّ التسوية التي نشرت في جريدة «السفير» مضافاً إليها بند تعيين مدير عام لقوى الأمن الداخلي، هي مدسوسة وتعبّرعن نوايا سيئة، لا سيما أنّ اقتراحه لم يتضمّن هذا البند بأيّ شكل من الأشكال، وأن المتحاورين في عين التينة على علم بأنّ التسوية تقتصر على الترقيات وتفعيل عمل الحكومة وإنهاء الشلل في المجلس النيابي.

وتفاجأ بري بالشبهات التي تحدّث عنها الجنرال عون والمتعلقة بالأداء المالي، والذي يقصد به أداء وزير المال علي حسن خليل مع خطة وزارة الطاقة التي أقرّت في العام 2011. يجزم بري أمام زواره أنه مستعدّ للتساهل في كلّ شيء إلا في هذا الموضوع ويصرّ على معرفة ما هي هذه الشبهات، ويلفت إلى «أن لا علاقة لحركة أمل بمجريات جلسة لجنة الأشغال العامة أول من أمس، وأنّ المناخات التي سادت الجلسة في وجه وزير الطاقة أرتور نظريان لا يتحمّل مسؤوليتها وزير المال لا من قريب ولا من بعيد، فهو كان يجيب على الأسئلة التي طرحت من رئيس اللجنة النائب محمد قباني.

في المقابل، يعود متابعون لملف الطاقة في التيار الوطني الحرّ إلى إقرار مجلس الوزراء في 21 حزيران من العام 2011، خطة وزارة الطاقة لقطاع الكهرباء بكلفة مقدّرة بـ1200 مليون دولار لإنتاج 700 ميغاواط إضافية عبر إنشاء معمل جديد للطاقة في دير عمار وتحسين شبكات النقل لصيانة معمل الزوق وتركيب مولدات جديدة في معملي الزوق والجية والرامية إلى تأمين طاقة إضافية في حلول العام 2015 كافية لتوفير التغذية بالتيار الكهربائي 24/24 ساعة.

يؤكد المتابعون أنّ وزارة المال لم تدفع لهذه الخطة حتى اليوم أكثر من 300 مليون دولار تقريباً، على رغم أنّ رئيس الحكومة طلب من خليل دفع المتوجبات للشركة الدانمركية الملتزمة التي تمّ الاتفاق معها على بناء معملي الذوق والجية. ويلفت المتابعون الى أنّ خليل توقف عن الدفع للاستشاري المشرف على التنفيذ، الذي بدوره توقف عن تقديم التقارير للمتعهّدين في وزارة الطاقة، الأمر الذي يتحمّل مسؤوليته بشكل مباشر وزير المال، الذي في المقابل وبحسب مصادر مقرّبة منه لـ«البناء» امتنع عن تسديد الأموال بعدما علم أنّ هناك هدراً وتغييراً في العقد يتطلبان موافقة ديوان المحاسبة، وانّ ما يجري هو التفاف على القانون، وانّ وزارة المال طالبت وزارة الطاقة بإعادة عرض الإتفاقية الملحقة على ديوان المحاسبة وفق الأصول، الأمر الذي تتحمّل مسؤوليته وزارة الطاقة وحدها لعدم قيامها بواجباتها في هذا الخصوص. وتلفت المصادر إلى «أنّ ديوان المحاسبة أصدر قراراً رقم 36/2014 يطلب من وزارة الطاقة عرض التعديلات الحاصلة على رقابة ديوان المحاسبة الذي يعود له البتّ بمضمونها سواء التعديلات الجوهرية أو الشكلية.

غير أنّ تكتل التغيير والإصلاح يصرّ على أنّ التغيير في العقد هو تغيير شكلي وليس جوهرياً ولا يتعدّى البنود التكميلية، ولا يحتاج إلى موافقة ديوان المحاسبة الذي يُخضع المناقصة ودفتر الشروط دائماً للرقابة المسبقة قبل التوقيع عليهما من قبل الوزير وللرقابة اللاحقة. ويلفت إلى أنه وفق القانون ليس من الضروري أن تُخضع وزارة الطاقة أيّ تعديل حاصل للرقابة الإدارية المسبقة لديوان المحاسبة، لا سيما أنّ مجلس الوزراء أقرّ التلزيم بعد موافقة الديوان الذي عليه بعد انتهاء التلزيم أن يتخذ قراره بتغريم وزارة الطاقة أو المتعهّد إذا كانت هناك مخالفات لبنود العقد الذي وافق عليه الديوان قبل البدء بالعمل.

يحمّل «التغيير والإصلاح» الوزير خليل مسؤولية التأخير في إنجاز العمل لأسباب سياسية لا علاقة لها بالأسباب التقنية، ووصولنا إلى عام 2015 من دون كهرباء 24/24، فلو سدّدت وزارته المعنية المستحقات للمتعهّد لكان معملا الذوق والجية أضافا ست ساعات إلى التغذية، وانخفضت ساعات التقنين، غير أنّ سياسة الوزير خليل ستبقي ساعات التقنين وربما ستؤدّي إلى مضاعفتها، إضافة إلى أنها رتبت غرامات على الدولة بقيمة 80 مليون دولار. أما في ما خصّ معمل دير عمار، فإنّ الخلاف بحسب مصادر في التيار الوطني الحر هو بين وزارة المال والمتعهّد على TVA، فالقانون ينص على «أنّ المتعهّد الأجنبي لا يدفع الضريبة على القيمة المضافة فالعقد وبحسب القانون يخلو من TVA وطريقة احتسابها، في حين أنّ المتعهّد المحلي ملزم بدفع الضريبة وفقاً للقانون الذي يُعتبر أقوى من المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء، وأنه من الطبيعي عدم احتساب ضريبة القيمة المضافة ريثما يتقرّر مصدر التمويل نهائياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى